225 - شَرُّ الضَّعِيفِ الْخَبَرُ الْمَوْضُوعُ
الْكَذِبُ الْمُخْتَلَقُ الْمَصْنُوعُ
226 - وَكَيْفَ كَانَ لَمْ يُجِيزُوا ذِكْرَهْ
لِمَنْ عَلِمْ مَا لَمْ يُبَيِّنْ أَمْرَهْ
227 - وَأَكْثَرَ الْجَامِعُ فِيهِ إِذْ خَرَجْ
لِمُطْلَقِ الضَّعْفِ عَنَى أَبَا الْفَرَجْ
228 - وَالْوَاضِعُونَ لِلْحَدِيثِ أَضْرُبٌ
أَضَرُّهُمْ قَوْمٌ لِزُهْدٍ نُسِبُوا
229 - قَدْ وَضَعُوهَا حِسْبَةً فَقُبِلَتْ
مِنْهُمْ رُكُونًا لَهُمُ وَنُقِلَتْ
230 - فَقَيَّضَ اللَّهُ لَهَا نُقَّادَهَا
فَبَيَّنُوا بِنَقْدِهِمْ فَسَادَهَا
231 - نَحْوُ أَبِي عِصْمَةَ إِذْ رَأَى الْوَرَى
زَعْمًا نَأَوْا عَنِ الْقُرَانِ فَافْتَرَى
232 - لَهُمْ حَدِيثًا فِي فَضَائِلِ السُّوَرْ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَبِئْسَ مَا ابْتَكَرْ
233 - كَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أُبَيٍّ اعْتَرَفْ
رَاوِيهِ بِالْوَضْعِ وَبِئْسَمَا اقْتَرَفْ
[2/6]
234 - وَكُلُّ مَنْ أَوْدَعَهُ كِتَابَهُ
كَالْوَاحِدِيِّ مُخْطِئٌ صَوَابَهُ
235 - وَجَوَّزَ الْوَضْعَ عَلَى التَّرْغِيبِ
قَوْمُ ابْنِ كَرَّامٍ وَفِي التَّرْهِيبِ
236 - وَالْوَاضِعُونَ بَعْضُهُمْ قَدْ صَنَعَا
مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَبَعْضٌ وَضَعَا
237 - كَلَامَ بَعْضِ الْحُكَمَا فِي الْمُسْنَدِ
وَمِنْهُ نَوْعٌ وَضْعُهُ لَمْ يُقْصَدِ
238 - نَحْوُ حَدِيثِ ثَابِتٍ " مَنْ كَثُرَتْ
صَلَاتُهُ " الْحَدِيثَ وَهْلَةٌ سَرَتْ
239 - وَيُعْرَفُ الْوَضْعُ بِالْاقْرَارِ وَمَا
نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ وَرُبَّمَا
240 - يُعْرَفُ بِالرِّكَّةِ قُلْتُ اسْتَشْكَلَا
الثَّبَجِيُّ الْقَطْعَ بِالْوَضْعِ عَلَى
241 - مَا اعْتَرَفَ الْوَاضِعُ إِذْ قَدْ يَكْذِبُ
بَلَى نَرُدُّهُ وَعَنْهُ نُضْرِبُ

الْمَوْضُوعُ .
وَمُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ ظَاهِرَةٌ ; إِذْ مِنْ أَقْسَامِهِ مَا يُلْحَقُ فِي الْمَرْفُوعِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَلِذَا تَجَاذَبَا بَعْضَ الْأَمْثِلَةِ . ( شَرُّ ) أَنْوَاعِ ( الضَّعِيفِ ) مِنَ الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ وَغَيْرِهِمَا ( الْخَبَرُ الْمَوْضُوعُ ) .
وَهُوَ لُغَةً - كَمَا قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ - : الْمُلْصَقُ ، يُقَالُ : وَضَعَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ كَذَا ، أَيْ : أَلْصَقَهُ بِهِ ، وَهُوَ أَيْضًا الْحَطُّ وَالْإِسْقَاطُ ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَلْيَقُ بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ ; كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا .
وَاصْطِلَاحًا : ( الْكَذِبُ ) عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( الْمُخْتَلَقُ ) بِفَتْحِ اللَّامِ ، الَّذِي لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ ، ( الْمَصْنُوعُ ) مِنْ وَاضِعِهِ ،
وَجِيءَ فِي تَعْرِيفِهِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَارِبَةِ لِلتَّأْكِيدِ فِي التَّنْفِيرِ مِنْهُ ، وَالْأَوَّلُ مِنْهَا مِنَ الزَّوَائِدِ .
وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ الْعَجَمِ أَنْكَرَ عَلَى النَّاظِمِ قَوْلَهُ فِي حَدِيثٍ سُئِلَ عَنْهُ : إنَّهُ كَذِبٌ ، مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ مِنْ ( الْمَوْضُوعَاتِ ) لِابْنِ الْجَوْزِيِّ ، فَتَعَجَّبُوا مِنْ كَوْنِهِ لَا يَعْرِفُ مَوْضُوعَ الْمَوْضُوعِ .
[2/99] وَلَمْ يَنْفَرِدِ ابْنُ الصَّلَاحِ بِكَوْنِهِ شَرَّ الضَّعِيفِ ، بَلْ سَبَقَهُ لِذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَيْضًا فِي أَوَّلِ الضَّعِيفِ : مَا عَدِمَ صِفَاتِ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ هُوَ الْقِسْمُ الْآخَرُ الْأَرْذَلُ ; لِحَمْلِ ذَاكَ عَلَى مُطْلَقِ الْوَاهِي الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْمَوْضُوعِ وَغَيْرِهِ ، كَمَا قِيلَ : أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ الصَّلَاةُ ، مَعَ تَفَاوُتِ مَرَاتِبِهَا .
وَأَمَّا هُنَا فَإِنَّهُ بَيَّنَ نَوْعًا مِنْهُ ، وَهُوَ شَرُّ أَنْوَاعِهِ ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ : إِنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَيْسَتْ هُنَا عَلَى بَابِهَا ، حَتَّى لَا يَلْزَمَ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ الضَّعِيفِ وَالْمَوْضُوعِ فِي الشَّرِّ ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ : إِنَّ ذَاكَ فِي الضَّعِيفِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَقْبُولِ .
ثُمَّ إِنَّ وَرَاءَ هَذَا النِّزَاعِ فِي إِدْرَاجِ الْمَوْضُوعِ فِي أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ ; لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِحَدِيثٍ ، وَلَكِنْ قَدْ أُجِيبَ بِإِرَادَةِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مَا يُحَدِّثُ بِهِ ، أَوْ بِالنَّظَرِ لِمَا فِي زَعْمِ وَاضِعِهِ ، وَأَحْسَنُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِأَجْلِ مَعْرِفَةِ الطُّرُقِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا لِمَعْرِفَتِهِ لِيُنْفَى عَنِ الْمَقْبُولِ وَنَحْوِهِ .