ثُمَّ إِنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ تَدْلِيسُ الْإِسْنَادِ ، وَأَمَّا تَدْلِيسُ الْمَتْنِ فَلَمْ يَذْكُرُوهُ ، وَهُوَ [1/342] الْمُدْرَجُ ، وَتَعَمُّدُهُ حَرَامٌ ، كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ ، بَلْ فَسَّرَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ بِتَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ ، يَعْنِي : بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى ، وَهُوَ حَرَامٌ أَيْضًا .
وَلَهُمْ أَيْضًا : تَدْلِيسُ الْبِلَادِ ، كَأَنْ يَقُولَ الْمِصْرِيُّ : حَدَّثَني فُلَانٌ بِالْعِرَاقِ ، يُرِيدُ مَوْضِعًا بِإخْمِيمَ ، أَوْ بِزُبَيْدٍ يُرِيدَ مَوْضِعًا بِقُوصَ ، أَوْ بِزُقَاقِ حَلَبَ ، يُرِيدُ مَوْضِعًا بِالْقَاهِرَةِ ، أَوْ بِالْأَنْدَلُسِ يُرِيدُ مَوْضِعًا بِالْقَرَافَةِ ، أَوْ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ ، مُوهِمًا دِجْلَةَ .
وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ ، لَكِنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ كَرَاهَةٍ ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ; لِإِيهَامِهِ الْكَذِبَ بِالرِّحْلَةِ وَالتَّشَبُّعِ بِمَا لَمْ يُعْطَ
.