أ- بطاقة تعريفية بالكتاب
اسم الكتاب: صحيح مسلم
اسم المؤلف: أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري
الناشر : دار الجيل - بيروت (مصورة من الطبعة التركية المطبوعة في استانبول سنة 1334 هـ) *
عدد الأجزاء: 8
ترقيم الأحاديث، وفق طبعة: (دار إحياء الكتب العربية - القاهرة)

* الطبعة المستخدمة في ترقيم الأحاديث وترقيم الأجزاء والصفحات

وصف الكتاب ومنهجه

صنف مسلم (صحيحه) في بلده بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرز في الألفاظ ويتحرى في السياق، ومن علامة ذلك:
1. احتياطه في صيغ الأداء وإيرادها على وجهها، فقد كان مذهبه التفريق بين (حدثنا) و(أخبرنا) فحدثنا عنده لا يجوز إطلاقها إلا لما سمعه من لفظ الشيخ خاصة، وأخبرنا لما قرئ على الشيخ.
2. اعتناؤه بضبط اختلاف لفظ الرواة كقوله: (حدثنا فلان وفلان واللفظ لفلان) وإذا كان بينهما اختلاف في حرف بيّنه.
3. تمييزه ما يدرجه في الإسناد لتوضيح راوٍ مهمل أو نحو ذلك بذكره بصيغة واضحة في الإدراج.
4. احتياطه في تلخيص الطرق وتحول الأسانيد بعبارة موجزة حسنة.
5. حسن ترتيبه الأحاديث على صورة تدل على تحقيقه ومعرفته بدقائق العلم وخفيات علم الأسانيد ومراتب الرواة.
موضوع الصحيح : لا يشتمل صحيح مسلم بعد مقدمته إلا على الحديث الصحيح المسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أبواب مفصلة الطرق والأسانيد ولا يكاد يوجد فيه غير المرفوع كالموقوف والمقطوع الصرف، إنما فيه موقوفات مما له حكم الرفع أو أشياء تذكر نادرا لا بقصد عدها من أصول الأحاديث في الكتاب.
شرط الصحيح : ذكر مسلم في مقدمة صحيحه وجوب الرواية عن الثقات وترك الرواية عن الكذابين والمبتدعة المعاندين، وساق الأحاديث في تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاب من يحدث بكل ما سمع، وساق النصوص والآثار في ذلك، وأورد نهي الشارع عن الرواية عن الضعفاء وتحذيره منهم والاحتياط في تحمل الحديث.
كما بيّن أن الإسناد من الدين، والجرح للرواة وتمييز الثقات عن الضعفاء ليس من الطعن أو الغيبة المحرمة، إنما هو من الذب عن الشريعة.
ومن هذا المنطق كان شرطه في كتابه أن يخرج الحديث الذي اتصل سنده برواية الثقة عن مثله إلى منتهاه، ولا يكون شاذا ولا معللا وهذا هو حد الصحيح الذي جرى عليه علماء الحديث، وهو شرط البخاري في (صحيحه) أيضا، لكن خالفه مسلم في سماع الثقة ممن فوقه، فقال مسلم: إذا وقعت المعاصرة بينهما وأمكن اللقاء والسماع فهو سند متصل وإن لم يأت في خبر أنهما اجتمعا أو تشافها، إلا أن يكون الراوي مدلسا أو قامت حجة تثبت الانقطاع بينهما، والبخاري يشترط ثبوت السماع ويكتفي به لو مرة واحدة ولا يكتفي بالمعاصرة.
وقد شدد مسلم في مقدمة كتابه في الإنكار على من اشترط هذا، وعليه فإن شرط مسلم أخف من شرط البخاري، لكنه مع ذلك كان شديد التحري لإثبات السماع، فيكثر من سياق طرق الأحاديث وجمعها في موضع واحد حتى يخرج أحيانا أحاديث بعض الضعفاء في المتابعات لبيان سماع راو من آخر ولغير ذلك.
وقد أخطأ من زعم أن مسلما لا يذكر إلا الحديث الذي رواه صحابي مشهور له راويان ثقتان فأكثر، ثم يرويه عنه أيضا راويان ثقتان فأكثر، وهكذا من بعدهم، فهذا منتقض بكون مسلم روى عمن لم يرو عنه غير واحد، كعدي بن عميرة الكندي لم يرو عنه غير قيس بن أبي حازم، وطارق بن أشيم لم يرو عنه غير ولده أبي مالك الأشجعي، وغيرهما.
تبويب الصحيح : رتب مسلم (صحيحه) أحسن ترتيب، فهو يجمع ما يتعلق بالباب في موضع واحد بأسانيده التي يرتضيها، لكنه مع ذلك لم يكتب تراجم أبوابه، قيل: لئلا يزداد بها حجم الكتاب، وقيل: لغير ذلك.
وعلى أي تقدير فإن أبواب الصحيح كتبها شراحه والمعتنون به كالإمام النووي وغيره، وعليه فما وجد في الأبواب من المعاني المستفادة من مضامين ما سِيق تحتها من نصوص ليس هو من فقه مسلم، ولا تصح نسبته إليه.
معلقات الصحيح : التعليق يعني سقوط الواسطة بين مسلم وبين من ذكر الرواية عنه وهو نادر الوجود في كتابه، بل إن جملة ما وقع من ذلك بضعة عشر موضعا وأكثرها بإبهام شيخه، كقوله: (حدثني من سمع فلانا، أو حدثني غير واحد من أصحابنا، أو حدثني بعض أصحابنا، أو حدثني عدة من أصحابنا عن فلان) وهذه الصور تعليق معلوم العدد في الساقط إذ هو واسطة واحدة أو وسائط في موضع واحد، بل إن الصورة صورة اتصال لكن بواسطة مجهولة، وأقل ذلك يذكره بصورة التعليق الصريح فيقول مثلا: (روى الليث).
وهذه المعلقات على قلتها أكثرها واردا في المتابعات، فليس بضار الرواية لاتصال السند من وجه آخر عند مسلم، وما لم يرد في المتابعات منها له وجوه متصلة صحاح كما أفاده من تعرض لهذا من المحققين.
تكرار الحديث : وقع تكرار الحديث كثيرا في (صحيح مسلم) حتى قال صاحبه أحمد بن مسلمة النيسابوري في عدة أحاديث الكتاب: وهو اثنا عشر ألف حديث.
قال الذهبي: (يعني بالمكرر، بحيث إنه إذا قال حدثنا قتيبة وأخبرنا ابن رمح يعدان حديثين اتفق لفظهما أو اختلف في كلمة).
والناظر في (الصحيح) يرى كثرة تكرار مسلم للحديث، غير أن منهجه وقوع التكرار للحديث الواحد في موضع واحد، وأكثر ما يقع من التكرار لزيادة الطرق وأقلّ ذلك في سياق المتن، وقد أشار مسلم في (مقدمته) أنه لا يعمد إلى هذا التكرار إلا زيادة في المتابعات، أو لسياق متن تضمن زيادة معنى، أو احتمل زيادة في المعنى لاختلاف اللفظ فيسوقه لهذا الاحتمال.
وفي هذا احتياط بالغ، وتوكيد لصحة ما تضمن الكتاب، فالمتابعات والطرق زيادة في قوة الحديث، خاصة حين تتضمن فوائد إسنادية كتصريح بسماع في موضع العنعنة، أو حديث اختلف فيه رفعا ووقفا أو إرسالا ووصلا، أو بزيادة راو في الإسناد في موضع الوصل، فيذكر ذلك ليبين أن القصور في بعض الأسانيد والاختلاف فيها غير قادح في صحة الحديث.
وتكرار المتن بمعناه أو بزيادة يثري مادة الفقه في الكتاب.
وأما تكرار الحديث في موضع آخر من الكتاب فقد وقع في صحيح مسلم نادرا، كإعادته حديث أبي هريرة مرفوعا (صنفان من أهل النار لم أرهما الحديث، فقد ذكره في كتاب اللباس والزينة - باب النساء الكاسيات العاريات، ثم أعاده بسنده ومتنه تاما في كتاب الجنة - باب النار يدخلها الجبارون.
وهذا المنهج لمسلم مما امتاز به على صحيح البخاري من جهة كونه قرّب الوقوف على الحديث، وإن كان صنيع البخاري في إعادة الحديث وتكراره في الأبواب لحكمة عظيمة يدركها العارفون.
تقطيع الحديث : تقطيع الحديث بمعنى تفريقه في الأبواب على حسب ما تضمن من الجمل الشاهدة لكل باب، وهو بهذا المعنى كان يكثر عند البخاري في صحيحه لاعتنائه بالأبواب وتضمينها فقهه، أما مسلم فلتجنبه ذلك لم يحتج إلى هذا التقطيع، إنما كان يجمع طرق الحديث في موضع واحد بألفاظه واختلافها في أقرب أبوابه وأدلها على مضمونه.
وقد وقع تقطيع الحديث عند مسلم قليلا حيث احتاج إليه في بعض المواضع كحديث جابر المذكور في كتاب صلاة المسافرين - باب استحباب تحية المسجد، وباب استحباب الركعتين في المسجد، فهو جزء من الحديث الطويل المذكور مفصل الطرق في كتاب الرضاع - باب استحباب نكاح ذات الدين، وباب استحباب نكاح البكر.
وقلة هذه الصورة أيضا ميزة لصحيح مسلم.

ب-بطاقة تعريفية بالمؤلف
اسمه:

الإمام العلامة الحافظ أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري.
مولده:

اختلف العلماء في مولده فقال بعضهم: سنة (204 هـ ) ، وقال آخرون سنة (206هـ ).
أشهر شيوخه

عبدالله بن مسلمة القعنبي، وهو أكبر شيخ له. أحمد بن حنبل. إسحاق بن راهويه. يحيى بن معين. إسحاق بن منصور الكوسج. أبو بكر بن أبي شيبة. عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي. أبو كريب محمد بن العلاء. محمد بن عبدالله بن نمير الحافظ الناقد. عبد بن حميد.
أشهر تلاميذه

محمد بن عبدالوهاب الفراء. أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي. أبو بكر محمد بن النضر بن سلمة الجارودي. علي بن الحسين بن الجنيد الرازي. صالح بن محمد جزرة. أبو عيسى الترمذي. إبراهيم بن أبي طالب. أحمد بن سلمة النيسابوري. أبو بكر بن خزيمة إمام الأئمة. مكي بن عبدان. عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي. أبو حامد أحمد بن محمد بن الشرقي. أبو عوانة الإسفراييني. إبراهيم بن محمد بن سفيان.
ثناء العلماء عليه

قال إسحاق الكوسج: لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين. وقال شيخه محمد بن بشار بندار: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالري، ومسلم بنيسابور، وعبدالله الدارمي بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى. وقال شيخه محمد بن عبدالوهاب الفراء: (كان من علماء الناس، ومن أوعية العلم، ما علمته إلا خيرا). وقال صاحبه أحمد بن سلمة النيسابوري: (رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما). وقال تلميذه عبدالرحمن بن أبي حاتم: (كتبت عنه بالري، وكان ثقة من الحفاظ، له معرفة بالحديث، سئل أبي عنه فقال: صدوق).
آثاره العلمية

الجامع الصحيح. الكُنى والأسماء. المنفردات والوحدان. الطبقات. رجال عروة بن الزبير. التمييز. العلل. الانتفاع بأهب السباع. مشايخ مالك. من ليس له إلا راو واحد. كتاب المخضرمين. أولاد الصحابة. ذكر أوهام المحدثين. أفراد الشاميِّين.
وفاته:

مات مسلم رحمه الله عشية يوم الأحد من رجب سنة (261) هـ ببلده نيسابور، عن بضع وخمسين سنة.