789 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَحَدَّثَنَاهُ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ ، سَمِعَهُ مِنَ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، وَحَدِيثُ أَبِي عَوَانَةَ أَتَمُّهُمَا . قَالَ الْبَرَاءُ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّمَا [2/115] عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ - قَالَ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ : وُقَّعٌ ، وَلَمْ يَقُلْهُ أَبُو عَوَانَةَ - فَجَعَلَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ وَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَخْفِضُ بَصَرَهُ وَيَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ " ، قَالَهَا مِرَارًا ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا جَاءَهُ مَلَكٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ ، فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ وَتَسِيلُ كَمَا يَسِيلُ قَطْرُ السِّقَاءِ " ، قَالَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ وَلَمْ يَقُلْهُ أَبُو عَوَانَةَ : " وَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَتَنْزِلُ مَلَائِكَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ أَكْفَانٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِهَا ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، فَإِذَا قَبَضَهَا الْمَلَكُ لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ } ، قَالَ : " فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ كَأَطْيَبِ رِيحٍ وُجِدَتْ ، فَتَعْرُجُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ ، فَلَا [2/116] يَأْتُونَ عَلَى جُنْدٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ ؟ فَيُقَالُ : فُلَانٌ - بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ ، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ إِلَى بَابِ سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُفْتَحُ لَهُ ، وَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَيَقُولُ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي عِلِّيِّينَ { وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ } ، فَيُكْتَبُ كِتَابُهُ فِي عِلِّيِّينَ ، ثُمَّ يُقَالُ : رُدُّوهُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا نُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى ، فَيُرَدُّ إِلَى الْأَرْضِ وَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ شَدِيدَا الِانْتِهَارِ فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولَانِ : مَنْ رَبُّكَ ؟ وَمَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللهُ وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ ، فَيَقُولَانِ : فَمَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : هُوَ رَسُولُ اللهِ ، فَيَقُولَانِ : وَمَا يُدْرِيكَ ؟ فَيَقُولُ : جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّنَا فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُهُ " ، قَالَ : " وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } ، قَالَ : " وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي ، فَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَفْرِشُوهُ مِنْهَا ، وَأَرُوهُ مَنْزِلَهُ مِنْهَا . فَيُلْبَسُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُفْرَشُ مِنْهَا وَيُرَى مَنْزِلَهُ مِنْهَا ، وَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ [2/117] وَيُمَثَّلُ لَهُ عَمَلُهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ حَسَنِ الْوَجْهِ طَيِّبِ الرِّيحِ حَسَنِ الثِّيَابِ فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِمَا أَعَدَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ ، أَبْشِرْ بِرِضْوَانِ اللهِ وَجَنَّاتٍ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ، فَيَقُولُ : بَشَّرَكَ اللهُ بِخَيْرٍ ، مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ (1) الَّذِي جَاءَ بِالْخَيْرِ ، فَيَقُولُ : هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ وَالْأَمْرُ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا كُنْتَ سَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللهِ بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ ، فَجَزَاكَ اللهُ خَيْرًا ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ كَيْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي . قَالَ : وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَكَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا جَاءَهُ مَلَكٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ ، أَبْشِرِي بِسَخَطِ (2) اللهِ وَغَضَبِهِ ، فَتَنْزِلُ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ مُسُوحٌ ، فَإِذَا قَبَضَهَا الْمَلَكُ قَامُوا فَلَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، قَالَ : فَتَغْرَقُ فِي جَسَدِهِ فَيَسْتَخْرِجُهَا يَقْطَعُ مَعَهَا الْعُرُوقَ وَالْعَصَبَ كَالسُّفُّودِ [2/118] الْكَبِيرِ الشُّعَبِ فِي الصُّوفِ الْمَبْلُولِ ، فَتُؤْخَذُ مِنَ الْمَلَكِ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحٍ وُجِدَتْ ، فَلَا تَمُرُّ عَلَى جُنْدٍ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ؟ فَيَقُولُونَ : هَذَا فُلَانٌ - بِأَسْوَأِ أَسْمَائِهِ ، حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَلَا تُفَتَّحُ لَهُ ، فَيَقُولُ : رُدُّوهُ إِلَى الْأَرْضِ ، إِنِّي وَعَدْتُهُمْ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا نُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى " ، قَالَ : " فَيُرْمَى بِهِ مِنَ السَّمَاءِ " ، قَالَ : " فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ } الْآيَةَ " ، قَالَ : " وَيُعَادُ إِلَى الْأَرْضِ ، وَتُعَادُ فِيهِ رُوحُهُ ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ شَدِيدَا الِانْتِهَارِ فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولَانِ : مَنْ رَبُّكَ ؟ وَمَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي ، فَيَقُولَانِ : فَمَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَلَا يَهْتَدِي لِاسْمِهِ ، فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي ، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ ذَاكَ ، قَالَ : فَيُقَالُ : لَا دَرَيْتَ - فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ ، وَيُمَثَّلُ لَهُ عَمَلُهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ قَبِيحِ الْوَجْهِ مُنْتِنِ الرِّيحِ قَبِيحِ الثِّيَابِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِعَذَابٍ مِنَ اللهِ وَسَخَطِهِ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ ، فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الَّذِي جَاءَ بِالشَّرِّ ؟ فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ، وَاللهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا كُنْتَ بَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللهِ سَرِيعًا إِلَى مَعْصِيَةِ اللهِ ، قَالَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ زَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [2/119] " فَيُقَيَّضُ لَهُ مَلَكٌ أَصَمُّ أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ لَوْ ضُرِبَ بِهَا (3) جَبَلٌ صَارَ تُرَابًا - أَوْ قَالَ : رَمِيمًا - فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا الْخَلَائِقُ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ ، ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى .

(1) في طبعة دار المعرفة زيادة (الحسن) .
(2) في طبعة دار المعرفة زيادة (من) .
(3) في طبعة دار المعرفة زيادة (على) .
789 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَحَدَّثَنَاهُ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ ، سَمِعَهُ مِنَ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ زَاذَانَ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، وَحَدِيثُ أَبِي عَوَانَةَ أَتَمُّهُمَا . قَالَ الْبَرَاءُ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدْ ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّمَا [2/115] عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ - قَالَ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ : وُقَّعٌ ، وَلَمْ يَقُلْهُ أَبُو عَوَانَةَ - فَجَعَلَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ وَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَخْفِضُ بَصَرَهُ وَيَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ " ، قَالَهَا مِرَارًا ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا جَاءَهُ مَلَكٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ ، فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ وَتَسِيلُ كَمَا يَسِيلُ قَطْرُ السِّقَاءِ " ، قَالَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ وَلَمْ يَقُلْهُ أَبُو عَوَانَةَ : " وَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ غَيْرَ ذَلِكَ ، وَتَنْزِلُ مَلَائِكَةٌ مِنَ الْجَنَّةِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ أَكْفَانٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِهَا ، فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ، فَإِذَا قَبَضَهَا الْمَلَكُ لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ } ، قَالَ : " فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ كَأَطْيَبِ رِيحٍ وُجِدَتْ ، فَتَعْرُجُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ ، فَلَا [2/116] يَأْتُونَ عَلَى جُنْدٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ ؟ فَيُقَالُ : فُلَانٌ - بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ ، حَتَّى يَنْتَهُوا بِهِ إِلَى بَابِ سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُفْتَحُ لَهُ ، وَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا ، حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَيَقُولُ : اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي عِلِّيِّينَ { وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ } ، فَيُكْتَبُ كِتَابُهُ فِي عِلِّيِّينَ ، ثُمَّ يُقَالُ : رُدُّوهُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَإِنِّي وَعَدْتُهُمْ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا نُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى ، فَيُرَدُّ إِلَى الْأَرْضِ وَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ ، فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ شَدِيدَا الِانْتِهَارِ فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولَانِ : مَنْ رَبُّكَ ؟ وَمَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : رَبِّيَ اللهُ وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ ، فَيَقُولَانِ : فَمَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ : هُوَ رَسُولُ اللهِ ، فَيَقُولَانِ : وَمَا يُدْرِيكَ ؟ فَيَقُولُ : جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّنَا فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُهُ " ، قَالَ : " وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } ، قَالَ : " وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ قَدْ صَدَقَ عَبْدِي ، فَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَفْرِشُوهُ مِنْهَا ، وَأَرُوهُ مَنْزِلَهُ مِنْهَا . فَيُلْبَسُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُفْرَشُ مِنْهَا وَيُرَى مَنْزِلَهُ مِنْهَا ، وَيُفْسَحُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ [2/117] وَيُمَثَّلُ لَهُ عَمَلُهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ حَسَنِ الْوَجْهِ طَيِّبِ الرِّيحِ حَسَنِ الثِّيَابِ فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِمَا أَعَدَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ ، أَبْشِرْ بِرِضْوَانِ اللهِ وَجَنَّاتٍ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ، فَيَقُولُ : بَشَّرَكَ اللهُ بِخَيْرٍ ، مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ (1) الَّذِي جَاءَ بِالْخَيْرِ ، فَيَقُولُ : هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ وَالْأَمْرُ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا كُنْتَ سَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللهِ بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ ، فَجَزَاكَ اللهُ خَيْرًا ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ كَيْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي . قَالَ : وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَكَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا جَاءَهُ مَلَكٌ فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ ، أَبْشِرِي بِسَخَطِ (2) اللهِ وَغَضَبِهِ ، فَتَنْزِلُ مَلَائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ مَعَهُمْ مُسُوحٌ ، فَإِذَا قَبَضَهَا الْمَلَكُ قَامُوا فَلَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ ، قَالَ : فَتَغْرَقُ فِي جَسَدِهِ فَيَسْتَخْرِجُهَا يَقْطَعُ مَعَهَا الْعُرُوقَ وَالْعَصَبَ كَالسُّفُّودِ [2/118] الْكَبِيرِ الشُّعَبِ فِي الصُّوفِ الْمَبْلُولِ ، فَتُؤْخَذُ مِنَ الْمَلَكِ فَتَخْرُجُ كَأَنْتَنِ رِيحٍ وُجِدَتْ ، فَلَا تَمُرُّ عَلَى جُنْدٍ فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا قَالُوا : مَا هَذَا الرُّوحُ الْخَبِيثُ ؟ فَيَقُولُونَ : هَذَا فُلَانٌ - بِأَسْوَأِ أَسْمَائِهِ ، حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَلَا تُفَتَّحُ لَهُ ، فَيَقُولُ : رُدُّوهُ إِلَى الْأَرْضِ ، إِنِّي وَعَدْتُهُمْ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا نُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى " ، قَالَ : " فَيُرْمَى بِهِ مِنَ السَّمَاءِ " ، قَالَ : " فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ } الْآيَةَ " ، قَالَ : " وَيُعَادُ إِلَى الْأَرْضِ ، وَتُعَادُ فِيهِ رُوحُهُ ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ شَدِيدَا الِانْتِهَارِ فَيَنْتَهِرَانِهِ وَيُجْلِسَانِهِ ، فَيَقُولَانِ : مَنْ رَبُّكَ ؟ وَمَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي ، فَيَقُولَانِ : فَمَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَلَا يَهْتَدِي لِاسْمِهِ ، فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي ، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ ذَاكَ ، قَالَ : فَيُقَالُ : لَا دَرَيْتَ - فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ ، وَيُمَثَّلُ لَهُ عَمَلُهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ قَبِيحِ الْوَجْهِ مُنْتِنِ الرِّيحِ قَبِيحِ الثِّيَابِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِعَذَابٍ مِنَ اللهِ وَسَخَطِهِ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ ، فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ الَّذِي جَاءَ بِالشَّرِّ ؟ فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ ، وَاللهِ مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا كُنْتَ بَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللهِ سَرِيعًا إِلَى مَعْصِيَةِ اللهِ ، قَالَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ زَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [2/119] " فَيُقَيَّضُ لَهُ مَلَكٌ أَصَمُّ أَبْكَمُ مَعَهُ مِرْزَبَّةٌ لَوْ ضُرِبَ بِهَا (3) جَبَلٌ صَارَ تُرَابًا - أَوْ قَالَ : رَمِيمًا - فَيَضْرِبُهُ بِهَا ضَرْبَةً يَسْمَعُهَا الْخَلَائِقُ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ ، ثُمَّ تُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى .

(1) في طبعة دار المعرفة زيادة (الحسن) .
(2) في طبعة دار المعرفة زيادة (من) .
(3) في طبعة دار المعرفة زيادة (على) .