[1/2] خُطْبَةُ الْكِتَابِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
( وَبِهِ نَسْتَعِينُ ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ )
أَنْبَأَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ إِمْلَاءً فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ السَّابِعِ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِ مِائَةٍ .
الْحَمْدُ لِلهِ الْعَزِيزِ الْقَهَّارِ ، الصَّمَدِ الْجَبَّارِ ، الْعَالِمِ بِالْأَسْرَارِ ، الَّذِي اصْطَفَى سَيِّدَ الْبَشَرِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بِنُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ ، وَحَذَّرَ جَمِيعَ خَلْقِهِ مُخَالَفَتَهُ ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } . وَصَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنْعَمَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِاصْطِفَائِهِ بِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ أَخْيَارِ خَلْقِهِ فِي عَصْرِهِ ، وَهُمُ الصَّحَابَةُ النُّجَبَاءُ ، الْبَرَرَةُ الْأَتْقِيَاءُ ، لَزِمُوهُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ ، حَتَّى حَفِظُوا عَنْهُ مَا شَرَعَ لِأُمَّتِهِ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ثُمَّ نَقَلُوهُ إِلَى أَتْبَاعِهِمْ ، ثُمَّ كَذَلِكَ عَصْرًا بَعْدَ عَصْرٍ إِلَى عَصْرِنَا هَذَا ، وَهُوَ هَذِهِ الْأَسَانِيدُ الْمَنْقُولَةُ إِلَيْنَا بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ ، وَهِيَ كَرَامَةٌ مِنَ اللهِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ ، خَصَّهُمْ بِهَا دُونَ سَائِرِ الْأُمَمِ ، ثُمَّ قَيَّضَ اللهُ لِكُلِّ عَصْرٍ جَمَاعَةً مِنْ عُلَمَاءِ الدِّينِ ، وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، يُزَكُّونَ رُوَاةَ الْأَخْبَارِ وَنَقَلَةَ الْآثَارِ ؛ لِيَذُبُّوا بِهِ الْكَذِبَ عَنْ وَحْيِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ ، فَمِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ : أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيُّ ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْقُشَيْرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا صَنَّفَا فِي صَحِيحِ الْأَخْبَارِ كِتَابَيْنِ مُهَذَّبَيْنِ ، انْتَشَرَ ذِكْرُهُمَا فِي الْأَقْطَارِ . وَلَمْ يَحْكُمَا وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مِنَ الْحَدِيثِ غَيْرُ مَا أَخْرَجَهُ ، وَقَدْ نَبَغَ فِي عَصْرِنَا هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُبْتَدَعَةِ ، يَشْمَتُونَ بِرُوَاةِ الْآثَارِ ، بِأَنَّ جَمِيعَ مَا يَصِحُّ عِنْدَكُمْ مِنَ الْحَدِيثِ لَا يَبْلُغُ عَشَرَةَ آلَافِ حَدِيثٍ ، وَهَذِهِ الْأَسَانِيدُ الْمَجْمُوعَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى أَلْفِ جُزْءٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ كُلُّهَا سَقِيمَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ .
وَقَدْ سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا أَنْ أَجْمَعَ كِتَابًا يَشْتَمِلُ عَلَى الْأَحَادِيثِ [1/3] الْمَرْوِيَّةِ بِأَسَانِيدَ يَحْتَجُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ بِمِثْلِهَا ، إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى إِخْرَاجِ مَا لَا عِلَّةَ لَهُ ، فَإِنَّهُمَا رَحِمَهُمَا اللهُ لَمْ يَدَّعِيَا ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمَا .
وَقَدْ خَرَّجَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِمَا ، وَمَنْ بَعْدَهُمَا ، عَلَيْهِمَا أَحَادِيثَ قَدْ أَخْرَجَاهَا ، وَهِيَ مَعْلُولَةٌ ، وَقَدْ جَهَدْتُ فِي الذَّبِّ عَنْهُمَا فِي " الْمَدْخَلِ إِلَى الصَّحِيحِ " بِمَا رَضِيَهُ أَهْلُ الصَّنْعَةِ ، وَأَنَا أَسْتَعِينُ اللهَ عَلَى إِخْرَاجِ أَحَادِيثَ رُوَاتُهَا ثِقَاتٌ ، قَدِ احْتَجَّ بِمِثْلِهَا الشَّيْخَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ، وَهَذَا شَرْطُ الصَّحِيحِ عِنْدَ كَافَّةِ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ مِنَ الثِّقَاتِ مَقْبُولَةٌ ، وَاللهُ الْمُعِينُ عَلَى مَا قَصَدْتُهُ ، وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .

فَمِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي مَدْخَلُهَا :
[1/2] خُطْبَةُ الْكِتَابِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
( وَبِهِ نَسْتَعِينُ ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ )
أَنْبَأَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ إِمْلَاءً فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ السَّابِعِ مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِ مِائَةٍ .
الْحَمْدُ لِلهِ الْعَزِيزِ الْقَهَّارِ ، الصَّمَدِ الْجَبَّارِ ، الْعَالِمِ بِالْأَسْرَارِ ، الَّذِي اصْطَفَى سَيِّدَ الْبَشَرِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بِنُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ ، وَحَذَّرَ جَمِيعَ خَلْقِهِ مُخَالَفَتَهُ ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } . وَصَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَجْمَعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنْعَمَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ بِاصْطِفَائِهِ بِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ أَخْيَارِ خَلْقِهِ فِي عَصْرِهِ ، وَهُمُ الصَّحَابَةُ النُّجَبَاءُ ، الْبَرَرَةُ الْأَتْقِيَاءُ ، لَزِمُوهُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ ، حَتَّى حَفِظُوا عَنْهُ مَا شَرَعَ لِأُمَّتِهِ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ثُمَّ نَقَلُوهُ إِلَى أَتْبَاعِهِمْ ، ثُمَّ كَذَلِكَ عَصْرًا بَعْدَ عَصْرٍ إِلَى عَصْرِنَا هَذَا ، وَهُوَ هَذِهِ الْأَسَانِيدُ الْمَنْقُولَةُ إِلَيْنَا بِنَقْلِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ ، وَهِيَ كَرَامَةٌ مِنَ اللهِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ ، خَصَّهُمْ بِهَا دُونَ سَائِرِ الْأُمَمِ ، ثُمَّ قَيَّضَ اللهُ لِكُلِّ عَصْرٍ جَمَاعَةً مِنْ عُلَمَاءِ الدِّينِ ، وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، يُزَكُّونَ رُوَاةَ الْأَخْبَارِ وَنَقَلَةَ الْآثَارِ ؛ لِيَذُبُّوا بِهِ الْكَذِبَ عَنْ وَحْيِ الْمَلِكِ الْجَبَّارِ ، فَمِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ : أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيُّ ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْقُشَيْرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا صَنَّفَا فِي صَحِيحِ الْأَخْبَارِ كِتَابَيْنِ مُهَذَّبَيْنِ ، انْتَشَرَ ذِكْرُهُمَا فِي الْأَقْطَارِ . وَلَمْ يَحْكُمَا وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ مِنَ الْحَدِيثِ غَيْرُ مَا أَخْرَجَهُ ، وَقَدْ نَبَغَ فِي عَصْرِنَا هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُبْتَدَعَةِ ، يَشْمَتُونَ بِرُوَاةِ الْآثَارِ ، بِأَنَّ جَمِيعَ مَا يَصِحُّ عِنْدَكُمْ مِنَ الْحَدِيثِ لَا يَبْلُغُ عَشَرَةَ آلَافِ حَدِيثٍ ، وَهَذِهِ الْأَسَانِيدُ الْمَجْمُوعَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى أَلْفِ جُزْءٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ كُلُّهَا سَقِيمَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ .
وَقَدْ سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا أَنْ أَجْمَعَ كِتَابًا يَشْتَمِلُ عَلَى الْأَحَادِيثِ [1/3] الْمَرْوِيَّةِ بِأَسَانِيدَ يَحْتَجُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ بِمِثْلِهَا ، إِذْ لَا سَبِيلَ إِلَى إِخْرَاجِ مَا لَا عِلَّةَ لَهُ ، فَإِنَّهُمَا رَحِمَهُمَا اللهُ لَمْ يَدَّعِيَا ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمَا .
وَقَدْ خَرَّجَ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِمَا ، وَمَنْ بَعْدَهُمَا ، عَلَيْهِمَا أَحَادِيثَ قَدْ أَخْرَجَاهَا ، وَهِيَ مَعْلُولَةٌ ، وَقَدْ جَهَدْتُ فِي الذَّبِّ عَنْهُمَا فِي " الْمَدْخَلِ إِلَى الصَّحِيحِ " بِمَا رَضِيَهُ أَهْلُ الصَّنْعَةِ ، وَأَنَا أَسْتَعِينُ اللهَ عَلَى إِخْرَاجِ أَحَادِيثَ رُوَاتُهَا ثِقَاتٌ ، قَدِ احْتَجَّ بِمِثْلِهَا الشَّيْخَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ، وَهَذَا شَرْطُ الصَّحِيحِ عِنْدَ كَافَّةِ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ مِنَ الثِّقَاتِ مَقْبُولَةٌ ، وَاللهُ الْمُعِينُ عَلَى مَا قَصَدْتُهُ ، وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ .

فَمِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي مَدْخَلُهَا :