4235 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَلَسٍ ، فَجَلَسَ وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : شَعَرْتُ أَنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَذَهَبَ بِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ مُضْطَرِبِ الْأُذُنَيْنِ ، فَرَكِبْتُ ، وَكَانَ يَضَعُ حَافِرَهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، إِذَا أَخَذَنِي فِي هُبُوطٍ طَالَتْ يَدَاهُ وَقَصُرَتْ رِجْلَاهُ ، وَإِذَا أَخَذَنِي فِي صُعُودٍ طَالَتْ رِجْلَاهُ وَقَصُرَتْ يَدَاهُ ، وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَفُوتُنِي ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَأَوْثَقْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا ، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَكَلَّمْتُهُمْ ، وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ ، فَشَرِبْتُ الْأَبْيَضَ ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : شَرِبْتَ اللَّبَنَ ، وَتَرَكْتَ الْخَمْرَ ، لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَارْتَدَّتْ أُمَّتُكَ . ثُمَّ رَكِبْتُهُ ، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ ، قَالَتْ : فَتَعَلَّقْتُ بِرِدَائِهِ وَقُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللهَ يَا ابْنَ عَمِّ أَنْ لَا تُحَدِّثَ بِهَذَا قُرَيْشًا فَيُكَذِّبَكَ مَنْ صَدَّقَكَ ! فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رِدَائِهِ فَانْتَزَعَهُ مِنْ [17/280] يَدِي ، فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى عُكَنِهِ فَوْقَ إِزَارِهِ كَأَنَّهَا طَيُّ الْقَرَاطِيسِ ، فَإِذَا نُورٌ سَاطِعٌ عِنْدَ فُؤَادِهِ ، كَادَ يَخْطِفُ بَصَرِي ، فَخَرَرْتُ سَاجِدَةً ، فَلَمَّا رَفَعْتُ رَأْسِي إِذَا هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ ، فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ : وَيْلَكِ ، اتْبَعِيهِ فَانْظُرِي مَاذَا يَقُولُ ؟ وَمَاذَا يُقَالُ لَهُ ؟ فَلَمَّا رَجَعَتْ نَبْعَةُ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ ، فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي صَلَّيْتُ اللَّيْلَةَ الْعِشَاءَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ ، وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ ، وَأَتَيْتُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَكَلَّمْتُهُمْ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِ : صِفْهُمْ لِي ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَفَوْقَ الرَّبْعَةِ وَدُونَ الطَّوِيلِ ، عَرِيضُ الصَّدْرِ ، ظَاهِرُ الدَّمِ ، جَعْدُ الشَّعَرِ ، تَعْلُوهُ صُهْبَةٌ ، كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ ، وَأَمَّا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : فَضَخْمٌ آدَمُ ، طُوَالٌ ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ ، مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ ، مُقَلَّصُ الشَّفَةِ ، خَارِجُ اللِّثَةِ ، عَابِسٌ ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَاللهِ إِنَّهُ لَأَشْبَهُ النَّاسِ بِي خُلُقًا وَخَلْقًا ، قَالَ : فَضَجُّوا وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ ، فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ : كُلُّ أَمْرِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ كَانَ أَمَمًا غَيْرَ قَوْلِكَ الْيَوْمَ ، أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ ، نَحْنُ نَضْرِبُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ نَصْعَدُ شَهْرًا وَنَنْحَدِرُ شَهْرًا ، تَزْعُمُ أَنَّكَ أَتَيْتَهُ فِي لَيْلَةٍ ! وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، لَا أُصَدِّقُكَ وَمَا كَانَ الَّذِي تَقُولُهُ قَطُّ ، وَكَانَ [17/281] لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ حَوْضٌ عَلَى زَمْزَمَ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ، فَهَدَمَهُ وَأَقْسَمَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا يَسْقِي مِنْهُ قَطْرَةً أَبَدًا .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : يَا مُطْعِمُ ، بِئْسَ مَا قُلْتَ لِابْنِ أَخِيكَ ، جَبَهْتَهُ وَكَذَّبْتَهُ ، أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ صَادِقٌ ، فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، فَصِفْ لَنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ . قَالَ : دَخَلْتُهُ لَيْلًا وَخَرَجْتُ مِنْهُ لَيْلًا ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَصَيَّرَهُ فِي جَنَاحِهِ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : بَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا ، وَبَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ : صَدَقْتَ ، صَدَقْتَ ، قَالَتْ نَبْعَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكَ الصِّدِّيقَ ، قَالُوا : يَا مُطْعِمُ ، دَعْنَا نَسْأَلُهُ عَمَّا هُوَ أَغْنَى لَنَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، يَا مُحَمَّدُ ، أَخْبِرْنَا عَنْ عِيرِنَا ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَيْتُ عَلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ بِالرَّوْحَاءِ ، قَدْ أَضَلُّوا نَاقَةً لَهُمْ فَانْطَلَقُوا فِي طَلَبِهَا ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رِحَالِهِمْ لَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَإِذَا قَدَحُ مَاءٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ ، فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، قَالُوا : هَذَا وَالْإِلَهِ آيَةٌ ، ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ فَنَفَرَتْ مِنِّي الْإِبِلُ ، وَبَرَكَ مِنْهَا جَمَلٌ أَحْمَرُ عَلَيْهِ جُوَالِقٌ مَخِيطٌ بِبَيَاضٍ ، لَا أَدْرِي أَكُسِرَ الْبَعِيرُ أَمْ لَا ، فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالُوا : هَذِهِ [17/282] وَالْإِلَهِ آيَةٌ ، ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ فِي التَّنْعِيمِ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ ، هِيَ ذِهِ تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ .
فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ : سَاحِرٌ ، فَانْطَلَقُوا فَنَظَرُوا فَوَجَدُوا الْأَمْرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَمَوْهُ بِالسِّحْرِ ، وَقَالُوا : صَدَقَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فِيمَا قَالَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ }
.
قُلْتُ لِأُمِّ هَانِئٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : مَا الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ فِي الْقُرْآنِ ؟ قَالَتِ : الَّذِينَ خُوِّفُوا فَلَمْ يَزِدْهُمُ التَّخْوِيفُ إِلَّا طُغْيَانًا وَكُفْرًا .

[17/283] [17/284] [17/285] [17/286]
4235 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَلَسٍ ، فَجَلَسَ وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : شَعَرْتُ أَنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، فَأَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَذَهَبَ بِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ مُضْطَرِبِ الْأُذُنَيْنِ ، فَرَكِبْتُ ، وَكَانَ يَضَعُ حَافِرَهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، إِذَا أَخَذَنِي فِي هُبُوطٍ طَالَتْ يَدَاهُ وَقَصُرَتْ رِجْلَاهُ ، وَإِذَا أَخَذَنِي فِي صُعُودٍ طَالَتْ رِجْلَاهُ وَقَصُرَتْ يَدَاهُ ، وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَفُوتُنِي ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَأَوْثَقْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا ، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَكَلَّمْتُهُمْ ، وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ ، فَشَرِبْتُ الْأَبْيَضَ ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : شَرِبْتَ اللَّبَنَ ، وَتَرَكْتَ الْخَمْرَ ، لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَارْتَدَّتْ أُمَّتُكَ . ثُمَّ رَكِبْتُهُ ، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ ، قَالَتْ : فَتَعَلَّقْتُ بِرِدَائِهِ وَقُلْتُ : أَنْشُدُكَ اللهَ يَا ابْنَ عَمِّ أَنْ لَا تُحَدِّثَ بِهَذَا قُرَيْشًا فَيُكَذِّبَكَ مَنْ صَدَّقَكَ ! فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رِدَائِهِ فَانْتَزَعَهُ مِنْ [17/280] يَدِي ، فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى عُكَنِهِ فَوْقَ إِزَارِهِ كَأَنَّهَا طَيُّ الْقَرَاطِيسِ ، فَإِذَا نُورٌ سَاطِعٌ عِنْدَ فُؤَادِهِ ، كَادَ يَخْطِفُ بَصَرِي ، فَخَرَرْتُ سَاجِدَةً ، فَلَمَّا رَفَعْتُ رَأْسِي إِذَا هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ ، فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ : وَيْلَكِ ، اتْبَعِيهِ فَانْظُرِي مَاذَا يَقُولُ ؟ وَمَاذَا يُقَالُ لَهُ ؟ فَلَمَّا رَجَعَتْ نَبْعَةُ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ ، فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي صَلَّيْتُ اللَّيْلَةَ الْعِشَاءَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ ، وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ ، وَأَتَيْتُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَكَلَّمْتُهُمْ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِ : صِفْهُمْ لِي ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَفَوْقَ الرَّبْعَةِ وَدُونَ الطَّوِيلِ ، عَرِيضُ الصَّدْرِ ، ظَاهِرُ الدَّمِ ، جَعْدُ الشَّعَرِ ، تَعْلُوهُ صُهْبَةٌ ، كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ ، وَأَمَّا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : فَضَخْمٌ آدَمُ ، طُوَالٌ ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ ، مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ ، مُقَلَّصُ الشَّفَةِ ، خَارِجُ اللِّثَةِ ، عَابِسٌ ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَاللهِ إِنَّهُ لَأَشْبَهُ النَّاسِ بِي خُلُقًا وَخَلْقًا ، قَالَ : فَضَجُّوا وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ ، فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ : كُلُّ أَمْرِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ كَانَ أَمَمًا غَيْرَ قَوْلِكَ الْيَوْمَ ، أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ ، نَحْنُ نَضْرِبُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ نَصْعَدُ شَهْرًا وَنَنْحَدِرُ شَهْرًا ، تَزْعُمُ أَنَّكَ أَتَيْتَهُ فِي لَيْلَةٍ ! وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، لَا أُصَدِّقُكَ وَمَا كَانَ الَّذِي تَقُولُهُ قَطُّ ، وَكَانَ [17/281] لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ حَوْضٌ عَلَى زَمْزَمَ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ، فَهَدَمَهُ وَأَقْسَمَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا يَسْقِي مِنْهُ قَطْرَةً أَبَدًا .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : يَا مُطْعِمُ ، بِئْسَ مَا قُلْتَ لِابْنِ أَخِيكَ ، جَبَهْتَهُ وَكَذَّبْتَهُ ، أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ صَادِقٌ ، فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، فَصِفْ لَنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ . قَالَ : دَخَلْتُهُ لَيْلًا وَخَرَجْتُ مِنْهُ لَيْلًا ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَصَيَّرَهُ فِي جَنَاحِهِ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : بَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا ، وَبَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا ، وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ : صَدَقْتَ ، صَدَقْتَ ، قَالَتْ نَبْعَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكَ الصِّدِّيقَ ، قَالُوا : يَا مُطْعِمُ ، دَعْنَا نَسْأَلُهُ عَمَّا هُوَ أَغْنَى لَنَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، يَا مُحَمَّدُ ، أَخْبِرْنَا عَنْ عِيرِنَا ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَيْتُ عَلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ بِالرَّوْحَاءِ ، قَدْ أَضَلُّوا نَاقَةً لَهُمْ فَانْطَلَقُوا فِي طَلَبِهَا ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رِحَالِهِمْ لَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَإِذَا قَدَحُ مَاءٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ ، فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، قَالُوا : هَذَا وَالْإِلَهِ آيَةٌ ، ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ فَنَفَرَتْ مِنِّي الْإِبِلُ ، وَبَرَكَ مِنْهَا جَمَلٌ أَحْمَرُ عَلَيْهِ جُوَالِقٌ مَخِيطٌ بِبَيَاضٍ ، لَا أَدْرِي أَكُسِرَ الْبَعِيرُ أَمْ لَا ، فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالُوا : هَذِهِ [17/282] وَالْإِلَهِ آيَةٌ ، ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ فِي التَّنْعِيمِ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَوْرَقُ ، هِيَ ذِهِ تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ .
فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ : سَاحِرٌ ، فَانْطَلَقُوا فَنَظَرُوا فَوَجَدُوا الْأَمْرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَمَوْهُ بِالسِّحْرِ ، وَقَالُوا : صَدَقَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فِيمَا قَالَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ }
.
قُلْتُ لِأُمِّ هَانِئٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : مَا الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ فِي الْقُرْآنِ ؟ قَالَتِ : الَّذِينَ خُوِّفُوا فَلَمْ يَزِدْهُمُ التَّخْوِيفُ إِلَّا طُغْيَانًا وَكُفْرًا .

[17/283] [17/284] [17/285] [17/286]