66 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوسَى : { وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا } فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفُتُونِ مَا هُوَ ؟ قَالَ : اسْتَأْنِفِ النَّهَارَ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ ، فَإِنَّ لَهَا حَدِيثًا طَوِيلًا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَيْهِ لِأَنْتَجِزَ مِنْهُ مَا وَعَدَنِي فَذَكَرَ عَنْهُ مَا ذَكَرَ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ إِلَى أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ أُرِيدُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ تَعَالَى وَتُرْسِلَ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَأَنَّ فِرْعَوْنَ أَبَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ، فَقَالَ : ائْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فَاغِرَةٌ فَاهَا قَاصِدَةٌ مُسْرِعَةٌ إِلَى فِرْعَوْنَ ، فَلَمَّا رَآهَا فِرْعَوْنُ قَاصِدَةً إِلَيْهِ خَافَهَا ، فَاقْتَحَمَ عَنْ سَرِيرِهِ ، وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ فَفَعَلَ ، ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَرَآهَا بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ ، ثُمَّ رَدَّهَا فَعَادَتْ إِلَى لَوْنِهَا الْأَوَّلِ ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ حَتَّى بَلَغَ ذِكْرَ مُكْثِ مُوسَى لِمَوَاعِيدِ فِرْعَوْنَ الْكَاذِبَةِ كُلَّمَا جَاءَهُ بِآيَةٍ وَعَدَهُ عِنْدَهَا أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَإِذَا [1/61] مَضَتْ أَخْلَفَ مَوْعِدَهُ ، وَقَالَ : هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يَصْنَعَ غَيْرَ هَذَا ؟ فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ الطُّوفَانَ ، وَالْجَرَادَ ، وَالْقُمَّلَ ، وَالضَّفَادِعَ ، وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ ، كُلُّ ذَلِكَ يَشْكُو إِلَى مُوسَى ، وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ ، وَيُوَافِقُهُ عَلَى أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَإِذَا كَفَّ ذَلِكَ عَنْهُ نَكَثَ عَهْدَهُ ، وَأَخْلَفَ حَتَّى أُمِرَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْخُرُوجِ بِقَوْمِهِ فَخَرَجَ بِهِمْ لَيْلًا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْنُ وَرَآهُمْ قَدْ مَضَوْا أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ، فَتَبِعَهُمْ جُنْدٌ عَظِيمَةٌ كَثِيرَةٌ ، وَأَوْحَى اللهُ إِلَى الْبَحْرِ إِذَا ضَرَبَكَ عَبْدِي مُوسَى بِعَصَاهُ فَانْفَرِقِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً حَتَّى يَجُوزَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ الْتَقِمْ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا كَانَ مِنَ اللهِ تَعَالَى مِمَّا أَهْلَكَ بِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ مِنَ الْغَرَقِ حَتَّى بَلَغَ إِلَى مَا كَانَ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِيمَا كَانَ مِنْهُ فِي قَوْمِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَنَّهُ نَتَقَ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ، وَدَنَا مِنْهُمْ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ . ثُمَّ ذَكَرَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرْنَا حَتَّى بَلَغَ إِلَى مَوْضِعِ تَحْرِيمِ اللهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ حَرَّمَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ مُوسَى قَبْلَ ذَلِكَ فَاسِقِينَ ثُمَّ ابْتَلَاهُمْ بِمَا ابْتَلَاهُمْ بِهِ مِنَ التِّيهِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي ابْتَلَاهُمْ بِالتِّيهِ فِيهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ، فَيُصْبِحُونَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَسِيرُونَ لَيْسَ لَهُمْ قَرَارٌ ، ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَجَعَلَ لَهُمْ ثِيَابًا لَا تَبْلَى وَلَا تَتَّسِخُ ، وَجَعَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ حَجَرًا مُرَبَّعًا وَأَمَرَ تَعَالَى مُوسَى فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَلَاثَةُ أَعْيُنٍ ، وَأَعْلَمَ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمُ الَّتِي يَشْرَبُونَ وَلَا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلَّا وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ مِنْهُمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ بِالْأَمْسِ . رَفَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
[1/62] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْآيَاتِ التِّسْعِ سَبْعَ آيَاتٍ كَانَتْ مِنَ اللهِ تَعَالَى قَبْلَ تَغْرِيقِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فِي الْبَحْرِ وَهِيَ : عَصَا مُوسَى ، وَيَدُهُ ، وَإِرْسَالُهُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ الطُّوفَانَ ، وَالْجَرَادَ ، وَالْقُمَّلَ ، وَالضَّفَادِعَ ، وَالدَّمَ .
وَمِنْهَا مَا بَعْدَ تَغْرِيقِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ نَتْقِهِ الْجَبَلَ عَلَى مَنْ نَتَقَهُ ، وَمِنَ التِّيهِ الَّذِي ابْتَلَى بِهِ مَنِ ابْتَلَاهُ ، وَمِمَّا كَانَ مِنْهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ تَظْلِيلِهِ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ ، وَإِنْزَالِهِ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ، وَبِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي لَا تَبْلَى وَلَا تَتَّسِخُ ، وَمِمَّا جَعَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ مِنَ الْحَجَرِ الْمَوْصُوفِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَمِمَّا كَانَ مِنْ مُوسَى فِيهِ مِنْ ضَرْبِهِ إِيَّاهُ بِعَصَاهُ حَتَّى انْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَعْيُنٍ ، وَإِعْلَامِهِ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمُ الَّتِي يَشْرَبُونَ ، وَمِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْحَلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلَّا وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ مِنْهُمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانُوا مِنْهُ بِالْأَمْسِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ مَا الْآيَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ بَعْدَ السَّبْعِ الْآيَاتِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ [1/63] تَغْرِيقِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ، وَصَارَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
.
ثُمَّ اعْتَبَرْنَا مَا يُرْوَى عَمَّنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِ مِمَّنْ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ هَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَنْ صَفْوَانَ فِي ذَلِكَ . ؟

66 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا الْأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوسَى : { وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا } فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفُتُونِ مَا هُوَ ؟ قَالَ : اسْتَأْنِفِ النَّهَارَ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ ، فَإِنَّ لَهَا حَدِيثًا طَوِيلًا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَيْهِ لِأَنْتَجِزَ مِنْهُ مَا وَعَدَنِي فَذَكَرَ عَنْهُ مَا ذَكَرَ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ إِلَى أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ أُرِيدُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ تَعَالَى وَتُرْسِلَ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَأَنَّ فِرْعَوْنَ أَبَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ، فَقَالَ : ائْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فَاغِرَةٌ فَاهَا قَاصِدَةٌ مُسْرِعَةٌ إِلَى فِرْعَوْنَ ، فَلَمَّا رَآهَا فِرْعَوْنُ قَاصِدَةً إِلَيْهِ خَافَهَا ، فَاقْتَحَمَ عَنْ سَرِيرِهِ ، وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ فَفَعَلَ ، ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَرَآهَا بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ ، ثُمَّ رَدَّهَا فَعَادَتْ إِلَى لَوْنِهَا الْأَوَّلِ ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ حَتَّى بَلَغَ ذِكْرَ مُكْثِ مُوسَى لِمَوَاعِيدِ فِرْعَوْنَ الْكَاذِبَةِ كُلَّمَا جَاءَهُ بِآيَةٍ وَعَدَهُ عِنْدَهَا أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَإِذَا [1/61] مَضَتْ أَخْلَفَ مَوْعِدَهُ ، وَقَالَ : هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يَصْنَعَ غَيْرَ هَذَا ؟ فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ الطُّوفَانَ ، وَالْجَرَادَ ، وَالْقُمَّلَ ، وَالضَّفَادِعَ ، وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ ، كُلُّ ذَلِكَ يَشْكُو إِلَى مُوسَى ، وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ ، وَيُوَافِقُهُ عَلَى أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَإِذَا كَفَّ ذَلِكَ عَنْهُ نَكَثَ عَهْدَهُ ، وَأَخْلَفَ حَتَّى أُمِرَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْخُرُوجِ بِقَوْمِهِ فَخَرَجَ بِهِمْ لَيْلًا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْنُ وَرَآهُمْ قَدْ مَضَوْا أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ، فَتَبِعَهُمْ جُنْدٌ عَظِيمَةٌ كَثِيرَةٌ ، وَأَوْحَى اللهُ إِلَى الْبَحْرِ إِذَا ضَرَبَكَ عَبْدِي مُوسَى بِعَصَاهُ فَانْفَرِقِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً حَتَّى يَجُوزَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ الْتَقِمْ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا كَانَ مِنَ اللهِ تَعَالَى مِمَّا أَهْلَكَ بِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ مِنَ الْغَرَقِ حَتَّى بَلَغَ إِلَى مَا كَانَ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِيمَا كَانَ مِنْهُ فِي قَوْمِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَنَّهُ نَتَقَ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ، وَدَنَا مِنْهُمْ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ . ثُمَّ ذَكَرَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرْنَا حَتَّى بَلَغَ إِلَى مَوْضِعِ تَحْرِيمِ اللهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ حَرَّمَ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ مُوسَى قَبْلَ ذَلِكَ فَاسِقِينَ ثُمَّ ابْتَلَاهُمْ بِمَا ابْتَلَاهُمْ بِهِ مِنَ التِّيهِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي ابْتَلَاهُمْ بِالتِّيهِ فِيهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ، فَيُصْبِحُونَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَسِيرُونَ لَيْسَ لَهُمْ قَرَارٌ ، ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَجَعَلَ لَهُمْ ثِيَابًا لَا تَبْلَى وَلَا تَتَّسِخُ ، وَجَعَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ حَجَرًا مُرَبَّعًا وَأَمَرَ تَعَالَى مُوسَى فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَلَاثَةُ أَعْيُنٍ ، وَأَعْلَمَ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمُ الَّتِي يَشْرَبُونَ وَلَا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلَّا وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ مِنْهُمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ بِالْأَمْسِ . رَفَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
[1/62] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْآيَاتِ التِّسْعِ سَبْعَ آيَاتٍ كَانَتْ مِنَ اللهِ تَعَالَى قَبْلَ تَغْرِيقِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فِي الْبَحْرِ وَهِيَ : عَصَا مُوسَى ، وَيَدُهُ ، وَإِرْسَالُهُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ الطُّوفَانَ ، وَالْجَرَادَ ، وَالْقُمَّلَ ، وَالضَّفَادِعَ ، وَالدَّمَ .
وَمِنْهَا مَا بَعْدَ تَغْرِيقِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ نَتْقِهِ الْجَبَلَ عَلَى مَنْ نَتَقَهُ ، وَمِنَ التِّيهِ الَّذِي ابْتَلَى بِهِ مَنِ ابْتَلَاهُ ، وَمِمَّا كَانَ مِنْهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ تَظْلِيلِهِ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ ، وَإِنْزَالِهِ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ، وَبِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي لَا تَبْلَى وَلَا تَتَّسِخُ ، وَمِمَّا جَعَلَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ مِنَ الْحَجَرِ الْمَوْصُوفِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَمِمَّا كَانَ مِنْ مُوسَى فِيهِ مِنْ ضَرْبِهِ إِيَّاهُ بِعَصَاهُ حَتَّى انْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَعْيُنٍ ، وَإِعْلَامِهِ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمُ الَّتِي يَشْرَبُونَ ، وَمِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْحَلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلَّا وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ مِنْهُمْ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانُوا مِنْهُ بِالْأَمْسِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ مَا الْآيَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ بَعْدَ السَّبْعِ الْآيَاتِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ [1/63] تَغْرِيقِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ، وَصَارَ هَذَا الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ
.
ثُمَّ اعْتَبَرْنَا مَا يُرْوَى عَمَّنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِ مِمَّنْ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ هَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا رَوَيْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَنْ صَفْوَانَ فِي ذَلِكَ . ؟