102 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْزَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا حَكَاهُ لَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي عَفْوِ النِّسَاءِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ كُنَّا سَأَلْنَا غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا عَنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، فَكَانَ جَوَابُهُ لَنَا فِي ذَلِكَ أَنْ قَالَ : قَالَ الْفِرْيَابِيُّ - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ - : سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ : لَا أَدْرِي مَا هُوَ ؟ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ : فَإِذَا كَانَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَدْرِي مَا تَأْوِيلُهُ ، كُنَّا نَحْنُ بِأَنْ لَا نَدْرِيَ مَا تَأْوِيلُهُ أَوْلَى .
وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ فَقَالَ : تَأْوِيلُهُ عِنْدِي وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ فِي الْمُقْتَتِلِينَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ عَلَى التَّأْوِيلِ ، فَإِنَّ الْبَصَائِرَ رُبَّمَا أَدْرَكَتْ بَعْضَهُمْ فَيَحْتَاجُ مَنْ أَدْرَكَتْهُ مِنْهُمْ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْ مَقَامِهِ الْمَذْمُومِ إِلَى الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا يَمُرُّ إِلَيْهِ فِيهِ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ الْأَوَّلِ ، وَعَسَاهُ يُقْتَلُ فِيهِ ، فَأُمِرُوا بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِهَذَا الْمَعْنَى .
وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ فَكَانَ جَوَابُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ حَكَى عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسُ عَلَى خِلَافِ [1/97] مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حِصْنٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : { لِأَهْلِ الْقَتِيلِ أَنْ يَنْحَجِزُوا الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً } .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَهَذَا الِانْحِجَازُ هُوَ الْعَفْوُ عَنِ الدَّمِ ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى جَوَازِ عَفْوِ النِّسَاءِ عَنِ الدَّمِ الْعَمْدِ ، كَمَا يَجُوزُ عَفْوُ الرِّجَالِ عَنْهُ ، كُلُّ هَذَا مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدٍ .

[1/98] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا نَحْنُ ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ هَذَا وَهْمًا مِنْهُ ، إِذْ كَانَ أَصْحَابُ الْوَلِيدِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الَّذِينَ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ هُمُ الْحُجَّةَ فِي حَدِيثِهِ ، قَدْ رَوَوْهُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا بَلَغَ أَبَا عُبَيْدٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُ فَمَا رَوَوْا مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا بَلَغَهُ ، لَا سِيَّمَا وَمَعَهُمْ سَمَاعُهُمْ إِيَّاهُ مِنَ الْوَلِيدِ ، وَإِنَّمَا مَعَهُ هُوَ بَلَاغُهُ إِيَّاهُ عَنِ الْوَلِيدِ ، وَقَدْ تَابَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، فَرَوَاهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ كَمَا رَوَوْهُ عَنِ الْوَلِيدِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ .
وَلَمَّا انْتَفَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَأْوِيلُهُ أَحْسَنَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عَنِ الْمُزَنِيِّ ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا الْمُقْتَتِلُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي قِتَالِهِمْ أَهْلَ الْحَرْبِ ، إِذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مَنْ مَعَهُ الْعَدَدُ الَّذِي يُبِيحُ لَهُمُ الِانْصِرَافَ عَنْ قِتَالِهِ إِلَى فِئَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يَقْوَوْنَ بِهَا عَلَى عَدُوِّهِمْ ، فَيُقَاتِلُونَهُمْ مَعَهُمْ ، وَلَيْسَ هَذَا التَّأْوِيلُ بِبَعِيدٍ مِمَّا قَالَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ عَقِيبًا لِهَذَا الْحَدِيثِ : لَيْسَ لِلنِّسَاءِ عَفْوٌ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ قَدْ كَانَ عِنْدَ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ عَلَى نَحْوِ مَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ بَلَاغًا عَنِ الْوَلِيدِ فِي الْعَفْوِ عَنِ الدَّمِ ، ثُمَّ خَالَفَهُ الْأَوْزَاعِيُّ بِأَنْ قَالَ : لَيْسَ لِلنِّسَاءِ عَفْوٌ
.
102 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْزَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا حَكَاهُ لَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي عَفْوِ النِّسَاءِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ كُنَّا سَأَلْنَا غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا عَنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، فَكَانَ جَوَابُهُ لَنَا فِي ذَلِكَ أَنْ قَالَ : قَالَ الْفِرْيَابِيُّ - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ - : سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ : لَا أَدْرِي مَا هُوَ ؟ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ : فَإِذَا كَانَ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَدْرِي مَا تَأْوِيلُهُ ، كُنَّا نَحْنُ بِأَنْ لَا نَدْرِيَ مَا تَأْوِيلُهُ أَوْلَى .
وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ فَقَالَ : تَأْوِيلُهُ عِنْدِي وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ فِي الْمُقْتَتِلِينَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ عَلَى التَّأْوِيلِ ، فَإِنَّ الْبَصَائِرَ رُبَّمَا أَدْرَكَتْ بَعْضَهُمْ فَيَحْتَاجُ مَنْ أَدْرَكَتْهُ مِنْهُمْ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْ مَقَامِهِ الْمَذْمُومِ إِلَى الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا يَمُرُّ إِلَيْهِ فِيهِ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ الْأَوَّلِ ، وَعَسَاهُ يُقْتَلُ فِيهِ ، فَأُمِرُوا بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِهَذَا الْمَعْنَى .
وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ فَكَانَ جَوَابُهُ فِي ذَلِكَ أَنْ حَكَى عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسُ عَلَى خِلَافِ [1/97] مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ حِصْنٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : { لِأَهْلِ الْقَتِيلِ أَنْ يَنْحَجِزُوا الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً } .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَهَذَا الِانْحِجَازُ هُوَ الْعَفْوُ عَنِ الدَّمِ ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى جَوَازِ عَفْوِ النِّسَاءِ عَنِ الدَّمِ الْعَمْدِ ، كَمَا يَجُوزُ عَفْوُ الرِّجَالِ عَنْهُ ، كُلُّ هَذَا مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدٍ .

[1/98] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا نَحْنُ ذَلِكَ ، فَوَجَدْنَا مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ هَذَا وَهْمًا مِنْهُ ، إِذْ كَانَ أَصْحَابُ الْوَلِيدِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الَّذِينَ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ هُمُ الْحُجَّةَ فِي حَدِيثِهِ ، قَدْ رَوَوْهُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا بَلَغَ أَبَا عُبَيْدٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُ فَمَا رَوَوْا مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى مِمَّا بَلَغَهُ ، لَا سِيَّمَا وَمَعَهُمْ سَمَاعُهُمْ إِيَّاهُ مِنَ الْوَلِيدِ ، وَإِنَّمَا مَعَهُ هُوَ بَلَاغُهُ إِيَّاهُ عَنِ الْوَلِيدِ ، وَقَدْ تَابَعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، فَرَوَاهُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ كَمَا رَوَوْهُ عَنِ الْوَلِيدِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ .
وَلَمَّا انْتَفَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَأْوِيلُهُ أَحْسَنَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عَنِ الْمُزَنِيِّ ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا الْمُقْتَتِلُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي قِتَالِهِمْ أَهْلَ الْحَرْبِ ، إِذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مَنْ مَعَهُ الْعَدَدُ الَّذِي يُبِيحُ لَهُمُ الِانْصِرَافَ عَنْ قِتَالِهِ إِلَى فِئَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يَقْوَوْنَ بِهَا عَلَى عَدُوِّهِمْ ، فَيُقَاتِلُونَهُمْ مَعَهُمْ ، وَلَيْسَ هَذَا التَّأْوِيلُ بِبَعِيدٍ مِمَّا قَالَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ عَقِيبًا لِهَذَا الْحَدِيثِ : لَيْسَ لِلنِّسَاءِ عَفْوٌ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ قَدْ كَانَ عِنْدَ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ عَلَى نَحْوِ مَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ بَلَاغًا عَنِ الْوَلِيدِ فِي الْعَفْوِ عَنِ الدَّمِ ، ثُمَّ خَالَفَهُ الْأَوْزَاعِيُّ بِأَنْ قَالَ : لَيْسَ لِلنِّسَاءِ عَفْوٌ
.