329 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ، حَدَّثَنَا عَمِّي جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ زَكَرِيَّا أَيْضًا سَوَاءً .
فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى } .
فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ اللهِ فِي نَفْسِهِ الْآيَةَ الَّتِي لَمْ يَرَ مِثْلَهَا ، وَهُوَ إِلْقَاءُ أَعْدَائِهِ إِيَّاهُ فِي النَّارِ ، فَلَمْ تَعْمَلْ فِيهِ شَيْئًا لِوَحْيِ اللهِ إِلَيْهَا : { يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ } ، فَكَانَتْ آيَةً مُعْجِزَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا . فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيَنْفِيَ الشَّكَّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عِنْدَ قَوْلِهِ : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى } [1/299] أَيْ : إِنَّا وَلَمْ نَرَ مِنْ آيَاتِ اللهِ الْآيَةَ الَّتِي أُرِيَهَا إِبْرَاهِيمُ فِي نَفْسِهِ ، لَا نَشُكُّ ، فَإِبْرَاهِيمُ مَعَ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهَا فِي نَفْسِهِ أَحْرَى أَنْ لَا يَشُكَّ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى لَهُ : { أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى } ، وَقَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ كَانَ : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى } لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّكِّ مِنْهُ ، وَلَكِنْ لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ طَلَبِهِ إِجَابَةَ اللهِ تَعَالَى فِي مَسْأَلَتِهِ إِيَّاهُ ، ذَلِكَ لِيَطْمَئِنَّ بِهِ قَلْبُهُ ، وَيَعْلَمَ بِذَلِكَ عُلُوَّ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { وَيَرْحَمُ اللهُ لُوطًا ، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، أَيْ : قَوْلُهُ لِقَوْمِهِ : { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً } ، أَيْ : كَقُوَّةِ أَهْلِ الدُّنْيَا ، أَيْ : يَنْتَصِفُ بِهَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، { أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } أَيْ : مِنْ أَرْكَانِ الدُّنْيَا الَّتِي كَانُوا يُؤْذُونَهُ بِمِثْلِهَا ، وَلَهُ مَعَ ذَلِكَ الرُّكْنُ الشَّدِيدُ مِنَ اللهِ تَعَالَى الَّذِي لَا رُكْنَ مِثْلُهُ ، وَلَكِنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ إِذْ كَانَ [1/300] لَا يَخَافُ الْفَوْتَ رُبَّمَا أَخَّرَ بَعْضَ عُقُوبَاتِ الْمُذْنِبِينَ لِمَا يَشَاءُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا لَهُ مِنْ إِمْلَاءٍ أَوْ مِنِ اسْتِدْرَاجٍ لَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ، حَتَّى يُنْزِلَهَا بِهِمْ عِنْدَ مَشِيئَتِهِ ذَلِكَ فِيهِمْ ، كَمَا أَنْزَلَ بِذَوِي مَعَاصِيهِ مِنْ فِرْعَوْنَ وَسَائِرِ الْأُمَمِ الَّتِي خَالَفَتْ عَلَيْهِ ، وَخَرَجَتْ عَنْ أَمْرِهِ ، وَعَنَدَتْ عَمَّا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ .
وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ قَوْلِ لُوطٍ هَذَا كَانَ مِنْ أَجْلِهِ
.
329 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ، حَدَّثَنَا عَمِّي جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ زَكَرِيَّا أَيْضًا سَوَاءً .
فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى } .
فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ اللهِ فِي نَفْسِهِ الْآيَةَ الَّتِي لَمْ يَرَ مِثْلَهَا ، وَهُوَ إِلْقَاءُ أَعْدَائِهِ إِيَّاهُ فِي النَّارِ ، فَلَمْ تَعْمَلْ فِيهِ شَيْئًا لِوَحْيِ اللهِ إِلَيْهَا : { يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ } ، فَكَانَتْ آيَةً مُعْجِزَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا . فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيَنْفِيَ الشَّكَّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عِنْدَ قَوْلِهِ : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى } [1/299] أَيْ : إِنَّا وَلَمْ نَرَ مِنْ آيَاتِ اللهِ الْآيَةَ الَّتِي أُرِيَهَا إِبْرَاهِيمُ فِي نَفْسِهِ ، لَا نَشُكُّ ، فَإِبْرَاهِيمُ مَعَ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهَا فِي نَفْسِهِ أَحْرَى أَنْ لَا يَشُكَّ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى لَهُ : { أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى } ، وَقَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ كَانَ : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى } لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّكِّ مِنْهُ ، وَلَكِنْ لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ طَلَبِهِ إِجَابَةَ اللهِ تَعَالَى فِي مَسْأَلَتِهِ إِيَّاهُ ، ذَلِكَ لِيَطْمَئِنَّ بِهِ قَلْبُهُ ، وَيَعْلَمَ بِذَلِكَ عُلُوَّ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : { وَيَرْحَمُ اللهُ لُوطًا ، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ ، أَيْ : قَوْلُهُ لِقَوْمِهِ : { لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً } ، أَيْ : كَقُوَّةِ أَهْلِ الدُّنْيَا ، أَيْ : يَنْتَصِفُ بِهَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، { أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } أَيْ : مِنْ أَرْكَانِ الدُّنْيَا الَّتِي كَانُوا يُؤْذُونَهُ بِمِثْلِهَا ، وَلَهُ مَعَ ذَلِكَ الرُّكْنُ الشَّدِيدُ مِنَ اللهِ تَعَالَى الَّذِي لَا رُكْنَ مِثْلُهُ ، وَلَكِنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ إِذْ كَانَ [1/300] لَا يَخَافُ الْفَوْتَ رُبَّمَا أَخَّرَ بَعْضَ عُقُوبَاتِ الْمُذْنِبِينَ لِمَا يَشَاءُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا لَهُ مِنْ إِمْلَاءٍ أَوْ مِنِ اسْتِدْرَاجٍ لَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ، حَتَّى يُنْزِلَهَا بِهِمْ عِنْدَ مَشِيئَتِهِ ذَلِكَ فِيهِمْ ، كَمَا أَنْزَلَ بِذَوِي مَعَاصِيهِ مِنْ فِرْعَوْنَ وَسَائِرِ الْأُمَمِ الَّتِي خَالَفَتْ عَلَيْهِ ، وَخَرَجَتْ عَنْ أَمْرِهِ ، وَعَنَدَتْ عَمَّا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ .
وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ قَوْلِ لُوطٍ هَذَا كَانَ مِنْ أَجْلِهِ
.