371 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ ، عَنْ عُثْمَانَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُطَرِّفًا قَالَ : { قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، حَالَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي . قَالَ : ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ : خَنْزَبٌ ، فَإِذَا حَسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللهِ ، وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِكَ ثَلَاثًا } .
فَقَالَ هَذَا الْمُعَارِضُ : فَهَلْ تَجِدُونَ وَجْهًا يُخَرِّجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ مَعْنًى غَيْرَ مَعْنَى الْآخَرِ حَتَّى يَنْتَفِيَ عَنْهُمَا التَّضَادُّ وَالِاخْتِلَافُ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سُلْطَانَ الشَّيْطَانِ عَلَى بَنِي آدَمَ هُوَ وَسْوَسَتُهُ إِيَّاهُمْ ، وَإِيقَاعُهُ فِي قُلُوبِهِمْ مَا لَا يُحِبُّونَ ، وَإِنْسَاؤُهُ إِيَّاهُمْ مَا يَذْكُرُونَ .
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ صَاحِبِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : { فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ } . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ ، [1/346] وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ سُلْطَانٌ فِي إِعْثَارِ دَوَابِّهِمْ ، وَلَا فِي اسْتِهْلَاكِ أَمْوَالِهِمْ ، وَأُمِرُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاللهِ تَعَالَى مِنْهُ .
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } .
فَلَمَّا كَانَ مِنْ رِدْفِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ عُثُورِ جَمَلِهِ أَوْ حِمَارِهِ قَوْلُهُ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ ، وَالتَّعْسُ هُوَ السُّقُوطُ عَلَى أَنَّهُ جُعِلَ ذَلِكَ فِعْلًا لِلشَّيْطَانِ لِسُؤَالِهِ بِقَوْلِ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، نَهَاهُ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ مُوقِعٌ لِلشَّيْطَانِ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ مِنْهُ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ ، إِنَّمَا كَانَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ ذَلِكَ بِاسْمِ اللهِ حَتَّى لَا يَكُونَ عِنْدَ الشَّيْطَانِ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ فِعْلٌ ، وَلَمَّا كَانَ مِنْ تَشَكِّي عُثْمَانَ إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الشَّيْطَانِ مَا شَكَاهُ إِلَيْهِ مِنْهُ ، مِمَّا هُوَ مَوْهُومٌ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُلْطَانِهِ عَلَى بَنِي آدَمَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْسَأَهُ ، وَهُوَ الْإِبْعَادُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : { قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ } فَخَرَجَ مَعْنَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بِمَا لَا مُضَادَّةَ فِيهِ ، لِمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنْهُمَا ، وَبِاللهِ
التَّوْفِيقُ
.
371 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ ، عَنْ عُثْمَانَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُطَرِّفًا قَالَ : { قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، حَالَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي . قَالَ : ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ : خَنْزَبٌ ، فَإِذَا حَسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللهِ ، وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِكَ ثَلَاثًا } .
فَقَالَ هَذَا الْمُعَارِضُ : فَهَلْ تَجِدُونَ وَجْهًا يُخَرِّجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ مَعْنًى غَيْرَ مَعْنَى الْآخَرِ حَتَّى يَنْتَفِيَ عَنْهُمَا التَّضَادُّ وَالِاخْتِلَافُ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سُلْطَانَ الشَّيْطَانِ عَلَى بَنِي آدَمَ هُوَ وَسْوَسَتُهُ إِيَّاهُمْ ، وَإِيقَاعُهُ فِي قُلُوبِهِمْ مَا لَا يُحِبُّونَ ، وَإِنْسَاؤُهُ إِيَّاهُمْ مَا يَذْكُرُونَ .
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ صَاحِبِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : { فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ } . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ ، [1/346] وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ سُلْطَانٌ فِي إِعْثَارِ دَوَابِّهِمْ ، وَلَا فِي اسْتِهْلَاكِ أَمْوَالِهِمْ ، وَأُمِرُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاللهِ تَعَالَى مِنْهُ .
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } .
فَلَمَّا كَانَ مِنْ رِدْفِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ عُثُورِ جَمَلِهِ أَوْ حِمَارِهِ قَوْلُهُ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ ، وَالتَّعْسُ هُوَ السُّقُوطُ عَلَى أَنَّهُ جُعِلَ ذَلِكَ فِعْلًا لِلشَّيْطَانِ لِسُؤَالِهِ بِقَوْلِ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، نَهَاهُ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ مُوقِعٌ لِلشَّيْطَانِ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ مِنْهُ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ ، إِنَّمَا كَانَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ ذَلِكَ بِاسْمِ اللهِ حَتَّى لَا يَكُونَ عِنْدَ الشَّيْطَانِ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ فِعْلٌ ، وَلَمَّا كَانَ مِنْ تَشَكِّي عُثْمَانَ إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الشَّيْطَانِ مَا شَكَاهُ إِلَيْهِ مِنْهُ ، مِمَّا هُوَ مَوْهُومٌ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُلْطَانِهِ عَلَى بَنِي آدَمَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْسَأَهُ ، وَهُوَ الْإِبْعَادُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : { قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ } فَخَرَجَ مَعْنَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بِمَا لَا مُضَادَّةَ فِيهِ ، لِمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنْهُمَا ، وَبِاللهِ
التَّوْفِيقُ
.