[3/109] 167 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلُ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي أَخْنَعِ الْأَسْمَاءِ مَا هُوَ مِنْهَا ؟
1076 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ اللَّخْمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : أَخْنَعُ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِاسْمِ مَلِكِ الْأَمْلَاكِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى مَا الْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ ؟ فَوَجَدْنَا الْخَنْعَ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الذُّلُّ وَالْخُضُوعُ ، يُقَالُ مِنْهُ : خَنَعَ الرَّجُلُ خُنُوعًا إِذَا خَضَعَ فَذَلَّ ، فَكَانَ الْخُضُوعُ وَالذِّلَّةُ إِنَّمَا وَقَعَتْ فِي هَذَا عَلَى [3/110] ذِي الِاسْمِ لَا الِاسْمِ نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَلْحَقُهُ ذَمٌّ وَلَا مَدْحٌ ، وَكَانَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } . فِي مَعْنَى { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } بِاسْمِهِ ، فَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ لُوطٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ } . لَيْسَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْقَرْيَةَ نَفْسَهَا ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَهْلَهَا الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ الْخَبَائِثَ .
وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَضَرَبَ اللهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } . يُرِيدُ أَهْلَهَا لَا هِيَ نَفْسَهَا . ثُمَّ بَيَّنَ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ فِيهَا بِقَوْلِهِ : { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ } .
وَكَانَ الْمُرَادُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَانَ الْمُسَمَّى بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ مُتَكَبِّرًا ، فَرَدَّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ إِلَى الْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ ؛ إِذْ كَانَ أَكْبَرُ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا هِيَ صِفَاتُهُ الَّتِي يُبَيِّنُ بِهَا عَزَّ وَجَلَّ عَنْ خَلْقِهِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَمِنَ الْعِزَّةِ وَمِنَ الْعَظَمَةِ وَمِنَ الْجَلَالِ ، وَمِنْ مَا سِوَى ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَانَ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ كَاسْمِهِ الْأَعْظَمِ مِمَّا قَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } . فَقَصَرَ بِالْخَلْقِ عَنْ ذَلِكَ ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَضَافَ أَسْمَاءَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } .
وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .
[3/109] 167 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلُ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فِي أَخْنَعِ الْأَسْمَاءِ مَا هُوَ مِنْهَا ؟
1076 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ اللَّخْمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : أَخْنَعُ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِاسْمِ مَلِكِ الْأَمْلَاكِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى مَا الْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ ؟ فَوَجَدْنَا الْخَنْعَ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الذُّلُّ وَالْخُضُوعُ ، يُقَالُ مِنْهُ : خَنَعَ الرَّجُلُ خُنُوعًا إِذَا خَضَعَ فَذَلَّ ، فَكَانَ الْخُضُوعُ وَالذِّلَّةُ إِنَّمَا وَقَعَتْ فِي هَذَا عَلَى [3/110] ذِي الِاسْمِ لَا الِاسْمِ نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَلْحَقُهُ ذَمٌّ وَلَا مَدْحٌ ، وَكَانَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } . فِي مَعْنَى { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى } بِاسْمِهِ ، فَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ لُوطٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ } . لَيْسَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْقَرْيَةَ نَفْسَهَا ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَهْلَهَا الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ الْخَبَائِثَ .
وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَضَرَبَ اللهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } . يُرِيدُ أَهْلَهَا لَا هِيَ نَفْسَهَا . ثُمَّ بَيَّنَ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ فِيهَا بِقَوْلِهِ : { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ } .
وَكَانَ الْمُرَادُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَانَ الْمُسَمَّى بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ مُتَكَبِّرًا ، فَرَدَّهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ إِلَى الْخُضُوعِ وَالذِّلَّةِ ؛ إِذْ كَانَ أَكْبَرُ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا هِيَ صِفَاتُهُ الَّتِي يُبَيِّنُ بِهَا عَزَّ وَجَلَّ عَنْ خَلْقِهِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَمِنَ الْعِزَّةِ وَمِنَ الْعَظَمَةِ وَمِنَ الْجَلَالِ ، وَمِنْ مَا سِوَى ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَانَ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ كَاسْمِهِ الْأَعْظَمِ مِمَّا قَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } . فَقَصَرَ بِالْخَلْقِ عَنْ ذَلِكَ ، وَتَفَرَّدَ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَضَافَ أَسْمَاءَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } .
وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .