2519 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُمْرَانَ الْحُمْرَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ قَالَ : قَدِمْتُ دِمَشْقَ فَأَتَيْتُ مَسْجِدَهَا فَوَجَدْتُ أَبَا أُمَامَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَعَدْتُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ نَهَضَ وَنَهَضْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا رُءُوسٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْقَنَاةِ قَرِيبٌ مِنْ سَبْعِينَ رَأْسًا ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو أُمَامَةَ ، ثَمَّ وَقَفَ قَالَ : يَا سُبْحَانَ اللهِ يَا سُبْحَانَ اللهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَا يَعْمَلُ الشَّيْطَانُ بِهَؤُلَاءِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ : شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ ثَلَاثًا ، وَخَيْرُ قَتْلَى مَنْ قَتَلَهُ هَؤُلَاءِ وَبَكَى فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا أُمَامَةَ تَقُولُ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ ثُمَّ تَبْكِي ؟ فَقَالَ : رَحْمَةً لَهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَخَرَجُوا مِنْهُ ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ : { هُوَ الَّذِي أَنْـزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ ، ثُمَّ قَالَ : هُمْ هَؤُلَاءِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } ... حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ .
[6/339] ثُمَّ قَالَ : هُمْ هَؤُلَاءِ قَالَ : قُلْتُ : يَا أَبَا أُمَامَةَ هَذَا شَيْءٌ تُحَدِّثُ بِهِ مِنْ رَأْيِكَ أَوْ شَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : يَا سُبْحَانَ اللهِ يَا سُبْحَانَ اللهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ قَالَ : ذَلِكَ ثَلَاثًا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا حَتَّى بَلَغَ سَبْعًا مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ عِنْدَكُمْ كَثِيرٌ .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَدَلَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِعَجْزِ الْخَلْقِ ، عَنْ تَأْوِيلِ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللهُ } . ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا يَقُولُهُ [6/340] الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ لِيَمْتَثِلُوهُ وَيَتَمَسَّكُوا وَيَقْتَدُوا بِهِمْ فِيهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا } . فَهَكَذَا يَكُونُ أَهْلُ الْحَقِّ فِي الْمُتَشَابِهِ مِنَ الْقُرْآنِ يَرُدُّونَهُ إِلَى عَالِمِهِ وَهُوَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ يَلْتَمِسُونَ تَأْوِيلَهُ مِنَ الْمُحْكَمَاتِ اللَّاتِي هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ، فَإِنْ وَجَدُوهُ فِيهَا عَمِلُوا بِهِ كَمَا يَعْمَلُونَ بِالْمُحْكَمَاتِ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدُوهُ فِيهَا لِتَقْصِيرِ عُلُومِهِمْ عَنْهُ لَمْ يَتَجَاوَزُوا فِي ذَلِكَ الْإِيمَانَ بِهِ ، وَرَدَّ حَقِيقَتِهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا فِي ذَلِكَ الظُّنُونَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ اسْتِعْمَالَهَا فِي غَيْرِهِ ، وَإِذَا كَانَ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِهِ حَرَامًا كَانَ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ أَحْرَمَ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ فِي مَوْضِعٍ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ فِي بَقِيَّةِ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ، وَبِهِ التَّوْفِيقُ .
2519 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُمْرَانَ الْحُمْرَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ قَالَ : قَدِمْتُ دِمَشْقَ فَأَتَيْتُ مَسْجِدَهَا فَوَجَدْتُ أَبَا أُمَامَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَعَدْتُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ نَهَضَ وَنَهَضْتُ مَعَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا رُءُوسٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْقَنَاةِ قَرِيبٌ مِنْ سَبْعِينَ رَأْسًا ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو أُمَامَةَ ، ثَمَّ وَقَفَ قَالَ : يَا سُبْحَانَ اللهِ يَا سُبْحَانَ اللهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَا يَعْمَلُ الشَّيْطَانُ بِهَؤُلَاءِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ : شَرُّ قَتْلَى تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ ثَلَاثًا ، وَخَيْرُ قَتْلَى مَنْ قَتَلَهُ هَؤُلَاءِ وَبَكَى فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا أُمَامَةَ تَقُولُ لَهُمْ هَذَا الْقَوْلَ ثُمَّ تَبْكِي ؟ فَقَالَ : رَحْمَةً لَهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَخَرَجُوا مِنْهُ ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ : { هُوَ الَّذِي أَنْـزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ } حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ ، ثُمَّ قَالَ : هُمْ هَؤُلَاءِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } ... حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ .
[6/339] ثُمَّ قَالَ : هُمْ هَؤُلَاءِ قَالَ : قُلْتُ : يَا أَبَا أُمَامَةَ هَذَا شَيْءٌ تُحَدِّثُ بِهِ مِنْ رَأْيِكَ أَوْ شَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : يَا سُبْحَانَ اللهِ يَا سُبْحَانَ اللهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ قَالَ : ذَلِكَ ثَلَاثًا لَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا حَتَّى بَلَغَ سَبْعًا مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالَ : قُلْتُ : مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ عِنْدَكُمْ كَثِيرٌ .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَدَلَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِعَجْزِ الْخَلْقِ ، عَنْ تَأْوِيلِ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللهُ } . ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا يَقُولُهُ [6/340] الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ لِيَمْتَثِلُوهُ وَيَتَمَسَّكُوا وَيَقْتَدُوا بِهِمْ فِيهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا } . فَهَكَذَا يَكُونُ أَهْلُ الْحَقِّ فِي الْمُتَشَابِهِ مِنَ الْقُرْآنِ يَرُدُّونَهُ إِلَى عَالِمِهِ وَهُوَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ يَلْتَمِسُونَ تَأْوِيلَهُ مِنَ الْمُحْكَمَاتِ اللَّاتِي هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ، فَإِنْ وَجَدُوهُ فِيهَا عَمِلُوا بِهِ كَمَا يَعْمَلُونَ بِالْمُحْكَمَاتِ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدُوهُ فِيهَا لِتَقْصِيرِ عُلُومِهِمْ عَنْهُ لَمْ يَتَجَاوَزُوا فِي ذَلِكَ الْإِيمَانَ بِهِ ، وَرَدَّ حَقِيقَتِهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا فِي ذَلِكَ الظُّنُونَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ اسْتِعْمَالَهَا فِي غَيْرِهِ ، وَإِذَا كَانَ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِهِ حَرَامًا كَانَ اسْتِعْمَالُهَا فِيهِ أَحْرَمَ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ وَسَنَأْتِي بِذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ فِي مَوْضِعٍ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ فِي بَقِيَّةِ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ، وَبِهِ التَّوْفِيقُ .