4393 - وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ [11/216] أَنَسٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْمُكَاتَبِينَ : { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ } فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : " خُذِيهَا وَأَشْرِطِي ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " ، فَكَانَ ذَلِكَ خِلَافَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامٍ : " خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي الْوَلَاءَ لَهُمْ " ، لِأَنَّ مَعْنَى : " وَأَشْرِطِي " قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ : وَأَظْهِرِي ، لِأَنَّ الْإِشْرَاطَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الْإِظْهَارُ ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ أَوْسِ بْنِ حُجْرٍ :
فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهُوَ مُعْصِمٌ
وَأَلْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وَتَوَكَّلَا
[11/217] أَيْ : أَظْهَرَ نَفْسَهُ ، وَكَانَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا كَانَ .
فَمِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : " وَأَشْرِطِي " أَيْ : أَشْرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ الَّذِي يُوجِبُهُ عَتَاقُكِ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ فِيهِ لِمَنْ يَكُونُ ذَلِكَ الْعَتَاقُ مِنْهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ .
وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَذْهَبُ إِلَى مَعْنَى قَوْلِهِ : " وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ " عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامٍ إِنَّمَا هُوَ : وَاشْتَرِطِي عَلَيْهِمُ الْوَلَاءَ ، فَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ النَّحْوِيُّ ، كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ : سَأَلْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ هِشَامٍ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ فِي بَرِيرَةَ : " وَاشْتَرِطِي الْوَلَاءَ لَهُمْ " ؟ قَالَ : مَعْنَاهُ : وَاشْتَرِطِي الْوَلَاءَ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } ، بِمَعْنَى : فَعَلَيْهَا .
[11/218] فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَحْمَدَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، فَقَالَ لِي : قَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنًى آخَرَ ، وَهُوَ الْوَعِيدُ الَّذِي ظَاهِرُهُ الْأَمْرُ وَبَاطِنُهُ النَّهْيُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ } لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى إِطْلَاقِهِ ذَلِكَ لَهُمْ ، وَلَكِنْ عَلَى وَعِيدِهِ إِيَّاهُمْ إِنْ عَمِلُوا ذَلِكَ مَا أُوعِدَ أَمْثَالُهُمْ عَلَى خِلَافِهِمْ أَمَرَهُ ، وَقَالَ : أَلَا تَرَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَتْبَعَ ذَلِكَ صُعُودَهُ الْمِنْبَرَ وَخُطْبَتَهُ عَلَى النَّاسِ بِقَوْلِهِ لَهُمْ : " مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى - وَكِتَابُ اللهِ تَعَالَى أَحْكَامُهُ - كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ " ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : " فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِذَا كَانَ مَالِكٌ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، وَخَالَفَهُ فِيهِ عَنْ هِشَامٍ عَمْرٌو وَاللَّيْثُ ، كَانَ اثْنَانِ [11/219] أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ . وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ، فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، فَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ
.
4393 - وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ [11/216] أَنَسٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْمُكَاتَبِينَ : { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ } فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : " خُذِيهَا وَأَشْرِطِي ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " ، فَكَانَ ذَلِكَ خِلَافَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامٍ : " خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي الْوَلَاءَ لَهُمْ " ، لِأَنَّ مَعْنَى : " وَأَشْرِطِي " قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ : وَأَظْهِرِي ، لِأَنَّ الْإِشْرَاطَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ الْإِظْهَارُ ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ أَوْسِ بْنِ حُجْرٍ :
فَأَشْرَطَ فِيهَا نَفْسَهُ وَهُوَ مُعْصِمٌ
وَأَلْقَى بِأَسْبَابٍ لَهُ وَتَوَكَّلَا
[11/217] أَيْ : أَظْهَرَ نَفْسَهُ ، وَكَانَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا كَانَ .
فَمِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : " وَأَشْرِطِي " أَيْ : أَشْرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ الَّذِي يُوجِبُهُ عَتَاقُكِ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ فِيهِ لِمَنْ يَكُونُ ذَلِكَ الْعَتَاقُ مِنْهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ .
وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَذْهَبُ إِلَى مَعْنَى قَوْلِهِ : " وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ " عَلَى مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ هِشَامٍ إِنَّمَا هُوَ : وَاشْتَرِطِي عَلَيْهِمُ الْوَلَاءَ ، فَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ النَّحْوِيُّ ، كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَ : سَأَلْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ هِشَامٍ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ فِي بَرِيرَةَ : " وَاشْتَرِطِي الْوَلَاءَ لَهُمْ " ؟ قَالَ : مَعْنَاهُ : وَاشْتَرِطِي الْوَلَاءَ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } ، بِمَعْنَى : فَعَلَيْهَا .
[11/218] فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَحْمَدَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، فَقَالَ لِي : قَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنًى آخَرَ ، وَهُوَ الْوَعِيدُ الَّذِي ظَاهِرُهُ الْأَمْرُ وَبَاطِنُهُ النَّهْيُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ } لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى إِطْلَاقِهِ ذَلِكَ لَهُمْ ، وَلَكِنْ عَلَى وَعِيدِهِ إِيَّاهُمْ إِنْ عَمِلُوا ذَلِكَ مَا أُوعِدَ أَمْثَالُهُمْ عَلَى خِلَافِهِمْ أَمَرَهُ ، وَقَالَ : أَلَا تَرَاهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَتْبَعَ ذَلِكَ صُعُودَهُ الْمِنْبَرَ وَخُطْبَتَهُ عَلَى النَّاسِ بِقَوْلِهِ لَهُمْ : " مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى - وَكِتَابُ اللهِ تَعَالَى أَحْكَامُهُ - كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ " ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : " فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِذَا كَانَ مَالِكٌ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، وَخَالَفَهُ فِيهِ عَنْ هِشَامٍ عَمْرٌو وَاللَّيْثُ ، كَانَ اثْنَانِ [11/219] أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ وَاحِدٍ . وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ، فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ ، فَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ
.