[11/324] 693 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي الْحِبَاءِ وَالْعِدَّةِ وَالصَّدَاقِ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ
وَفِي ذَلِكَ بَعْدَ عِصْمَتِهِ
4471 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا ، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْصِمَهُ ، وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَهُ : " قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ " فَإِنَّ عِصْمَةَ النِّكَاحِ هَاهُنَا هِيَ : الْعُقْدَةُ ، وَمِنْهَا قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } ، أَيْ : لَا تَحْبِسُوهُنَّ زَوْجَاتٍ لَكُمْ ، وَأَطْلِقُوهُنَّ . وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ " فَمَعْنَاهُ : أَيْ مَا كَانَ بَعْدَ عُقْدَتِهِ ، " فَهُوَ لِمَنْ أُعْصِمَهُ " أَيْ : لِمَنْ جُعِلَ لَهُ ، لِأَنَّهُ يُقَالُ : أَعْصَمْتُ فُلَانًا ، إِذَا جَعَلْتَ لَهُ شَيْئًا يَعْتَصِمُ بِهِ ، أَيْ يَلْجَأُ إِلَيْهِ ، وَيَغْنَى بِهِ عَنْ طَلَبِ مِثْلِهِ .
ثُمَّ تَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَكَانَ أَحْسَنُ مَا حَضَرَنَا فِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَخْطُوبَةَ إِلَى وَلِيِّهَا قَدْ يُحْبَى وَلَيُّهَا ، أَوْ يُوعَدُ بِشَيْءٍ لِيَكُونَ عَوْنًا لِلْخَاطِبِ عَلَى مَا يُحَاوِلُهُ مِنَ التَّزْوِيجِ الَّذِي يَلْتَمِسُ ، فَلَا يَطِيبُ لِوَلِيِّهَا مَا حُبِيَ وَلَا مَا وُعِدَ بِهِ فِي ذَلِكَ ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا قَصَدَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ التَّزْوِيجَ الْمُلْتَمَسَ مِنْهُ ، فَكَانَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ الْمَرْأَةُ الْمَطْلُوبُ تَزْوِيجُهَا ، لِأَنَّ الَّذِي يُمْلَكُ بِتِلْكَ الْخِطْبَةِ هُوَ بُضْعُهَا لَا مَا سِوَاهُ ، وَالْعِوَضُ مِنْ ذَلِكَ الْبِضْعِ ، وَالْأَسْبَابُ الَّتِي يُلْتَمَسُ بِهَا الْوُصُولُ إِلَيْهِ فِي حُكْمِهِ بِمِلْكِهِ مَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ الْبُضْعَ وَهُوَ الْمَرْأَةُ دُونَ مَا سِوَاهَا ، وَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَالَ لِابْنِ اللُّتْبِيَّةِ لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَحَاسَبَهُ ، فَقَالَ : هَذَا لَكُمْ ، وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْكِرًا ذَلِكَ عَلَيْهِ : " أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ فَيَنْظُرَ هَلْ تَأْتِيهِ هَدِيَّتُهُ ؟ " فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الْهَدِيَّةِ إِلَيْهِ لِوِلَايَتِهِ الَّتِي أُهْدِيَ [11/326] إِلَيْهِ مِنْ أَجْلِهَا إِلَى وِلَايَتِهِ الَّتِي يَتَوَلَّاهَا ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رَدَّ الْحِبَاءِ وَالْعِدَّةِ إِلَى السَّبَبِ الَّذِي كَانَا مِنْ أَجْلِهِ وَهُوَ الْبُضْعُ الْمُلْتَمَسُ تَزْوِيجُهُ ، فَجُعِلَا لِلْمَرْأَةِ ، وَلَمْ يُجْعَلَا لِلْمَخْطُوبِ إِلَيْهِ ، إِذْ كَانَ الَّذِي يُلْتَمَسُ مِنْهُ لِغَيْرِهِ لَا لَهُ ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْصِمَهُ ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهُ سَبَبٌ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ كَمَا قِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : " وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ ابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ " ، فَلَمَّا اسْتَحَقَّ الْإِكْرَامَ كَانَ مَا أُكْرِمَ بِهِ لِذَلِكَ طَيِّبًا لَهُ ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلَ النِّكَاحِ سَبَبٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْإِكْرَامَ مِنَ الَّذِي حَبَاهُ وَوَعَدَهُ لَمْ يَطِبْ لَهُ مَا أُكْرِمَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَسَعْهُ احْتِبَاسُهُ لِنَفْسِهِ ، وَكَانَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ مَنْ أُكْرِمُ بِهِ مِنْ أَجْلِهِ لِيُوصَلَ بِذَلِكَ إِلَى مَا يَلْتَمِسُ مِنْهُ
، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
[11/324] 693 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي الْحِبَاءِ وَالْعِدَّةِ وَالصَّدَاقِ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ
وَفِي ذَلِكَ بَعْدَ عِصْمَتِهِ
4471 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا ، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْصِمَهُ ، وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَهُ : " قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ " فَإِنَّ عِصْمَةَ النِّكَاحِ هَاهُنَا هِيَ : الْعُقْدَةُ ، وَمِنْهَا قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } ، أَيْ : لَا تَحْبِسُوهُنَّ زَوْجَاتٍ لَكُمْ ، وَأَطْلِقُوهُنَّ . وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ " فَمَعْنَاهُ : أَيْ مَا كَانَ بَعْدَ عُقْدَتِهِ ، " فَهُوَ لِمَنْ أُعْصِمَهُ " أَيْ : لِمَنْ جُعِلَ لَهُ ، لِأَنَّهُ يُقَالُ : أَعْصَمْتُ فُلَانًا ، إِذَا جَعَلْتَ لَهُ شَيْئًا يَعْتَصِمُ بِهِ ، أَيْ يَلْجَأُ إِلَيْهِ ، وَيَغْنَى بِهِ عَنْ طَلَبِ مِثْلِهِ .
ثُمَّ تَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَكَانَ أَحْسَنُ مَا حَضَرَنَا فِيهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَخْطُوبَةَ إِلَى وَلِيِّهَا قَدْ يُحْبَى وَلَيُّهَا ، أَوْ يُوعَدُ بِشَيْءٍ لِيَكُونَ عَوْنًا لِلْخَاطِبِ عَلَى مَا يُحَاوِلُهُ مِنَ التَّزْوِيجِ الَّذِي يَلْتَمِسُ ، فَلَا يَطِيبُ لِوَلِيِّهَا مَا حُبِيَ وَلَا مَا وُعِدَ بِهِ فِي ذَلِكَ ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا قَصَدَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ التَّزْوِيجَ الْمُلْتَمَسَ مِنْهُ ، فَكَانَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ الْمَرْأَةُ الْمَطْلُوبُ تَزْوِيجُهَا ، لِأَنَّ الَّذِي يُمْلَكُ بِتِلْكَ الْخِطْبَةِ هُوَ بُضْعُهَا لَا مَا سِوَاهُ ، وَالْعِوَضُ مِنْ ذَلِكَ الْبِضْعِ ، وَالْأَسْبَابُ الَّتِي يُلْتَمَسُ بِهَا الْوُصُولُ إِلَيْهِ فِي حُكْمِهِ بِمِلْكِهِ مَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ الْبُضْعَ وَهُوَ الْمَرْأَةُ دُونَ مَا سِوَاهَا ، وَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَالَ لِابْنِ اللُّتْبِيَّةِ لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَحَاسَبَهُ ، فَقَالَ : هَذَا لَكُمْ ، وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْكِرًا ذَلِكَ عَلَيْهِ : " أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ فَيَنْظُرَ هَلْ تَأْتِيهِ هَدِيَّتُهُ ؟ " فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الْهَدِيَّةِ إِلَيْهِ لِوِلَايَتِهِ الَّتِي أُهْدِيَ [11/326] إِلَيْهِ مِنْ أَجْلِهَا إِلَى وِلَايَتِهِ الَّتِي يَتَوَلَّاهَا ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رَدَّ الْحِبَاءِ وَالْعِدَّةِ إِلَى السَّبَبِ الَّذِي كَانَا مِنْ أَجْلِهِ وَهُوَ الْبُضْعُ الْمُلْتَمَسُ تَزْوِيجُهُ ، فَجُعِلَا لِلْمَرْأَةِ ، وَلَمْ يُجْعَلَا لِلْمَخْطُوبِ إِلَيْهِ ، إِذْ كَانَ الَّذِي يُلْتَمَسُ مِنْهُ لِغَيْرِهِ لَا لَهُ ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْصِمَهُ ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ لَهُ سَبَبٌ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ كَمَا قِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : " وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ ابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ " ، فَلَمَّا اسْتَحَقَّ الْإِكْرَامَ كَانَ مَا أُكْرِمَ بِهِ لِذَلِكَ طَيِّبًا لَهُ ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْلَ النِّكَاحِ سَبَبٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْإِكْرَامَ مِنَ الَّذِي حَبَاهُ وَوَعَدَهُ لَمْ يَطِبْ لَهُ مَا أُكْرِمَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَسَعْهُ احْتِبَاسُهُ لِنَفْسِهِ ، وَكَانَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ مَنْ أُكْرِمُ بِهِ مِنْ أَجْلِهِ لِيُوصَلَ بِذَلِكَ إِلَى مَا يَلْتَمِسُ مِنْهُ
، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .