4801 - وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَخَذَ عَبْدًا صَادَ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ ، فَجَاءَ مَوَالِيهِ إِلَى سَعْدٍ فَكَلَّمُوهُ ، فَقَالَ سَعْدٌ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ ، وَقَالَ : مَنْ أَخَذَ يَصِيدُ فِيهِ شَيْئًا ، فَلِمَنْ أَخَذَهُ سَلَبُهُ ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَرُدَّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً [12/288] أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ أَعْطَيْتُكُمْ ثَمَنَهُ .
فَكَانَ فِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّنَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي انْتِهَاكِ الصَّيْدِ وَالْعِضَاهِ بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ غَيْرُ الْوَاجِبِ فِي انْتِهَاكِهِمَا فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي انْتِهَاكِهِمَا فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي ذَلِكَ ، وَالْوَاجِبُ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا مِنَ الْمَدِينَةِ هُوَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ .
ثُمَّ وَجَدْنَا فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا ، وَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْهُمْ فِي الْحَرَمَيْنِ وَفِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ سِوَاهُمَا مُجْتَمِعِينَ عَلَى : أَنَّ أَخْذَ سَلَبِ مُنْتَهِكٍ حُرْمَةَ الصَّيْدِ وَالْعِضَاهِ بِالْمَدِينَةِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ .
فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ : أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى تَرْكِ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ كَانَ لِوُقُوفِهِمْ عَلَى نَسْخِهِ ; لِأَنَّهُمُ الْمَأْمُونُونَ عَلَى مَا رَوَوْا وَعَلَى مَا قَالُوا ، وَلِأَنَّ مَنْ تَرَكَ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ حَكَمَ بِهِ خَارِجٌ مِنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ ، غَيْرُ مَقْبُولٍ قَوْلُهُ ، وَغَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ رِوَايَتُهُ ، وَحَاشَ لِلهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّ تَرْكَهُمْ لِذَلِكَ كَانَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى مِثْلِ تَرْكِهِمْ مَا سِوَاهُ ، مِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي انْتِهَاكِ الْحُرُمِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ : " إِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا - عَزَّ وَجَلَّ - " .
وَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ أَنَّ فِيهَا غَرَامَةَ مِثْلَيْهَا [12/289] وَجَلَدَاتِ نَكَالٍ .
وَمَا رُوِيَ عَنْهُ فِيمَنْ وَقَعَ بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ مُسْتَكْرِهًا لَهَا أَنَّهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ مِثْلُهَا ، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَيْهَا وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ لَهُ كَانَتْ لَهُ ، وَكَانَ عَلَيْهَا مِثْلُهَا لِزَوْجَتِهِ ، فَأَلْزَمَ جَارِيَةً فَاسِدَةً ، وَجَعَلَ عَلَيْهَا مَكَانَهَا جَارِيَةً غَيْرَ فَاسِدَةٍ ، وَأَعْتَقَتْ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ وَقَعَ بِهَا مُسْتَكْرِهًا لَهَا ، فَمِثْلُ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ مَا رُوِيَ مِنَ السَّلَبِ ، فِيمَا ذَكَرْنَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ وَالْأَحْكَامُ فِيهِ كَذَلِكَ ، ثُمَّ نُسِخَ بِنَسْخِ أَشْكَالِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ
، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .

4801 - وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَخَذَ عَبْدًا صَادَ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ ، فَجَاءَ مَوَالِيهِ إِلَى سَعْدٍ فَكَلَّمُوهُ ، فَقَالَ سَعْدٌ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ ، وَقَالَ : مَنْ أَخَذَ يَصِيدُ فِيهِ شَيْئًا ، فَلِمَنْ أَخَذَهُ سَلَبُهُ ، فَلَمْ أَكُنْ لِأَرُدَّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً [12/288] أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتُمْ أَعْطَيْتُكُمْ ثَمَنَهُ .
فَكَانَ فِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّنَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي انْتِهَاكِ الصَّيْدِ وَالْعِضَاهِ بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ غَيْرُ الْوَاجِبِ فِي انْتِهَاكِهِمَا فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي انْتِهَاكِهِمَا فِي حُرْمَةِ مَكَّةَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي ذَلِكَ ، وَالْوَاجِبُ فِي انْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا مِنَ الْمَدِينَةِ هُوَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ .
ثُمَّ وَجَدْنَا فُقَهَاءَ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفُتْيَا ، وَيُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْهُمْ فِي الْحَرَمَيْنِ وَفِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ سِوَاهُمَا مُجْتَمِعِينَ عَلَى : أَنَّ أَخْذَ سَلَبِ مُنْتَهِكٍ حُرْمَةَ الصَّيْدِ وَالْعِضَاهِ بِالْمَدِينَةِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ .
فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ : أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ عَلَى تَرْكِ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ كَانَ لِوُقُوفِهِمْ عَلَى نَسْخِهِ ; لِأَنَّهُمُ الْمَأْمُونُونَ عَلَى مَا رَوَوْا وَعَلَى مَا قَالُوا ، وَلِأَنَّ مَنْ تَرَكَ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ حَكَمَ بِهِ خَارِجٌ مِنْ هَذِهِ الرُّتْبَةِ ، غَيْرُ مَقْبُولٍ قَوْلُهُ ، وَغَيْرُ مُسْتَعْمَلَةٍ رِوَايَتُهُ ، وَحَاشَ لِلهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّ تَرْكَهُمْ لِذَلِكَ كَانَ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ عَلَى مِثْلِ تَرْكِهِمْ مَا سِوَاهُ ، مِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي انْتِهَاكِ الْحُرُمِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ : " إِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا - عَزَّ وَجَلَّ - " .
وَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ أَنَّ فِيهَا غَرَامَةَ مِثْلَيْهَا [12/289] وَجَلَدَاتِ نَكَالٍ .
وَمَا رُوِيَ عَنْهُ فِيمَنْ وَقَعَ بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ مُسْتَكْرِهًا لَهَا أَنَّهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ مِثْلُهَا ، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إِلَيْهَا وَهِيَ مُطَاوِعَةٌ لَهُ كَانَتْ لَهُ ، وَكَانَ عَلَيْهَا مِثْلُهَا لِزَوْجَتِهِ ، فَأَلْزَمَ جَارِيَةً فَاسِدَةً ، وَجَعَلَ عَلَيْهَا مَكَانَهَا جَارِيَةً غَيْرَ فَاسِدَةٍ ، وَأَعْتَقَتْ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ وَقَعَ بِهَا مُسْتَكْرِهًا لَهَا ، فَمِثْلُ ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ مَا رُوِيَ مِنَ السَّلَبِ ، فِيمَا ذَكَرْنَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ وَالْأَحْكَامُ فِيهِ كَذَلِكَ ، ثُمَّ نُسِخَ بِنَسْخِ أَشْكَالِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ
، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .