حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ ، عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ بِإِسْنَادِهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ : أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ .

( قَالَ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذِهِ كَلِمَةٌ جَارِيَةٌ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ تَسْتَعْمِلُهَا كَثِيرًا فِي خِطَابِهَا تُرِيدُ بِهَا التَّوْكِيدَ ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ بِأَبِيهِ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْهُ قَبْلَ النَّهْيِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَرَى مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى عَادَةِ الْكَلَامِ الْجَارِي عَلَى أَلْسُنِ الْعَرَبِ وَهُوَ لَا يَقْصِدُ بِهِ الْقَسَمَ كَلَغْوِ الْيَمِينِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ قَالَتْ عَائِشَةُ : " هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي كَلَامِهِ : لَا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ " وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ هُوَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَضْمَرَ فِيهِ اسْمَ اللَّهِ كَأَنَّهُ قَالَ : " لَا وَرَبِّ أَبِيهِ " وَإِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُضْمِرُونَ ذَلِكَ فِي أَيْمَانِهِمْ ، وَإِنَّمَا كَانَ مَذْهَبُهُمْ فِي ذَلِكَ مَذْهَبُ التَّعْظِيمِ لِآبَائِهِمْ وَقَدْ يَحْتَمِلُ فِي ذَلِكَ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ عَنْهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ التَّوْقِيرِ وَالتَّعْظِيمِ لَحِقَهُ دُونَ مَا كَانَ بِخِلَافِهِ . وَالْعَرَبُ قَدْ تُطْلِقُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي كَلَامِهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدُهُمَا : عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ ، وَالْآخَرُ : عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ لِلْكَلَامِ دُونَ الْقَسَمِ ، انْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ .