2557 - ( 5 ) - قَوْلُهُ : رُوِيَ ( أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ ، قَالَ لَهُ : كَيْفَ تَقْضِي إذَا غَلَبَك قَضَاءٌ ؟ قَالَ : أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ ، قَالَ : فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ قَالَ : بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ، قَالَ : فَإِنْ لَمْ تَجِدْ ؟ قَالَ : أجْتَهِدْ رَأْيِي وَلَا آلُو ، فَضَرَبَ صَدْرَهُ ، وَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا يَرْضَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ). أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَابْنُ عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ [4/337] وَالْبَيْهَقِيُّ ، مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ ابْنِ عَمْرٍو ، عَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ ، عَنْ مُعَاذٍ . قَالَ التِّرْمِذِيُّ : لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ .
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ : الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ ، وَعَنْهُ أَبُو عَوْنٍ لَا يَصِحُّ ، وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِهَذَا ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ : رَوَاهُ شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ هَكَذَا ، وَأَرْسَلَهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ وَجَمَاعَاتٌ عَنْهُ ، وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ .
قَالَ أَبُو دَاوُد : أَكْثَرُ مَا كَانَ يُحَدِّثُنَا شُعْبَةُ عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، وَقَالَ مَرَّةً : عَنْ مُعَاذٍ ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ : لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْحَارِثَ مَجْهُولٌ وَشُيُوخَهُ لَا يُعْرَفُونَ . قَالَ : وَادَّعَى بَعْضُهُمْ فِيهِ التَّوَاتُرَ ، وَهَذَا كَذِبٌ بَلْ هُوَ ضِدُّ التَّوَاتُرِ ؛ لِأَنَّهُ مَا رَوَاهُ أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي عَوْنٍ ، عَنْ الْحَارِثِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ مُتَوَاتِرًا ؟! وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ : لَا يُسْنَدُ ، وَلَا يُوجَدُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمُتَنَاهِيَةِ : لَا يَصِحُّ ، وَإِنْ كَانَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ يَذْكُرُونَهُ فِي كُتُبِهِمْ ، وَيَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا ، وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي تَصْنِيفٍ لَهُ مُفْرَدٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ : اعْلَمْ أَنَّنِي فَحَصْت عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَسَانِيدِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ ، وَسَأَلْت عَنْهُ مَنْ لَقِيته مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ ، فَلَمْ أَجِدْ لَهُ غَيْرَ طَرِيقِينَ ، أَحَدَهُمَا : طَرِيقُ شُعْبَةَ ، وَالْأُخْرَى : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ ، عَنْ مُعَاذٍ ، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ ، قَالَ : وَأَقْبَحُ مَا رَأَيْت فِيهِ قَوْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِ أُصُولِ الْفِقْهِ ، وَالْعُمْدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى حَدِيثِ مُعَاذٍ ، قَالَ : وَهَذِهِ زَلَّةٌ مِنْهُ ، وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِالنَّقْلِ لَمَا ارْتَكَبَ هَذِهِ الْجَهَالَةَ ، قُلْت : أَسَاءَ الْأَدَبَ عَلَى إمَامِ الْحَرَمَيْنِ ، وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِأَلْيَنَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ ، مَعَ أَنَّ كَلَامَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَشَدُّ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْهُ ؛ فَإِنَّهُ قَالَ : وَالْحَدِيثُ مُدَوَّنٌ فِي الصِّحَاحِ ، مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ ، لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّأْوِيلُ ، كَذَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ الْفَقِيهِ وَالْمُتَفَقِّهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، فَلَوْ كَانَ الْإِسْنَادُ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَابِتًا لَكَانَ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ ، وَقَدْ اسْتَنَدَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنِ الْقَاصِّ فِي صِحَّتِهِ إلَى تَلَقِّي أَئِمَّةِ الْفِقْهِ وَالِاجْتِهَادِ لَهُ بِالْقَبُولِ .
قَالَ : وَهَذَا الْقَدْرُ مُغْنٍ عَنْ مُجَرَّدِ الرِّوَايَةِ ، وَهُوَ نَظِيرُ أَحَدِهِمْ بِحَدِيثِ : ( لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ). مَعَ كَوْنِ رَاوِيهِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ
.