[ مَا نَزَلَ فِي الْمُسْتَأْذِنِينَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَكَانَ ابْنُ أَبَيٍّ مِنْ أُولَئِكَ ، فَنَعَى اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَذَكَرَهُ مِنْهُ ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى [2/553] : لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ .
وَكَانَ الْمُعَذِّرُونَ ، فِيمَا بَلَغَنِي نَفَرًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ ، مِنْهُمْ خُفَافُ بْنُ أَيْمَاءَ بْنِ رَحْضَةَ ، ثُمَّ كَانَتْ الْقِصَّةُ لِأَهْلِ الْعُذْرِ ، حَتَّى انْتَهَى إلَى قَوْلِهِ : وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ وَهُمْ الْبَكَّاءُونَ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَالْخَوَالِفُ : النِّسَاءُ . ثُمَّ ذَكَرَ حَلِفَهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَاعْتِذَارَهُمْ ، فَقَالَ : فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ