قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا :
كُنَّا مُلُوكَ النَّاسِ قَبْلَ مُحَمَّدٍ
فَلَمَّا أَتَى الْإِسْلَامُ كَانَ لَنَا الْفَضْلُ
وَأَكْرَمَنَا اللَّهُ الَّذِي لَيْسَ غَيْرَهُ
إلَهٌ بِأَيَّامٍ مَضَتْ مَا لَهَا شَكْلُ
بِنَصْرِ الْإِلَهِ وَالرَّسُولِ وَدِينِهِ
وَأَلْبَسَنَاهُ اسْمًا مَضَى مَا لَهُ مِثْلُ
أُولَئِكَ قَوْمِي خَيْرُ قَوْمٍ بِأَسْرِهِمْ
فَمَا عُدَّ مِنْ خَيْرٍ فَقَوْمِي لَهُ أَهْلُ
يَرُبُّونَ بِالْمَعْرُوفِ مَعْرُوفِ مَنْ مَضَى
وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ دُونَ مَعْرُوفِهِمْ قُفْلُ
إذَا اخْتُبِطُوا لَمْ يُفْحِشُوا فِي نَدِيِّهِمْ
وَلَيْسَ عَلَى سُؤَالِهِمْ عِنْدَهُمْ بُخْلُ
وَإِنْ حَارَبُوا أَوْ سَالَمُوا لَمْ يُشَبَّهُوا
فَحَرْبُهُمْ حَتْفٌ وَسِلْمُهُمْ سَهْلُ
وَجَارُهُمْ مُوفٍ بِعَلْيَاءَ بَيْتُهُ
لَهُ مَا ثَوَى فِينَا الْكَرَامَةُ وَالْبَذْلُ
وَحَامِلُهُمْ مُوفٍ بِكُلِّ حَمَالَةٍ
تَحَمَّلَ لَا غُرْمٌ عَلَيْهَا وَلَا خَذْلُ
وَقَائِلهُمْ بِالْحَقِّ إنْ قَالَ قَائِلٌ
وَحِلْمُهُمْ عَوْدٌ وَحُكْمُهُمْ عَدْلُ
وَمِنَّا أَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ حَيَاتَهُ
وَمَنْ غَسَّلَتْهُ مِنْ جَنَابَتِهِ الرُّسْلُ

[2/557] [2/558] [2/559] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَقَوْلُهُ : وَأَلْبَسْنَاهُ اسْمًا عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ :
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا :
قَوْمِي أُولَئِكَ إنْ تَسْأَلِي
كِرَامٌ إذَا الضَّيْفُ يَوْمًا أَلَمْ
عِظَامُ الْقُدُورِ لِأَيْسَارِهِمْ
يَكُبُّونَ فِيهَا الْمُسِنَّ السَّنِمْ
يُؤَاسُونَ جَارَهُمْ فِي الْغِنَى
وَيَحْمُونَ مَوْلَاهُمْ إنْ ظُلِمْ
فَكَانُوا مُلُوكًا بِأَرْضِيِّهِمْ
يُنَادُونَ عَضْبًا بِأَمْرِ غُشُمْ
مُلُوكًا عَلَى النَّاسِ ، لَمْ يُمْلَكُوا
مِنْ الدَّهْرِ يَوْمًا كَحِلِّ الْقَسَمْ
فَأَنْبَوْا بِعَادٍ وَأَشْيَاعِهَا
ثَمُودَ وَبَعْضِ بَقَايَا إرَمْ
بِيَثْرِبَ قَدْ شَيَّدُوا فِي النَّخِيلِ
حُصُونًا وَدُجِّنَ فِيهَا النَّعَمْ
نَوَاضِحَ قَدْ عَلَّمَهَا اليهو
دُ ( عَلْ ) إلَيْكَ وَقَوْلًا هَلُمْ
وَفَمًا اشْتَهَوْا مِنْ عَصِيرِ الْقِطَا
فِ وَالْعَيْشِ رَخْوًا عَلَى غَيْرِ هَمْ
فَسِرْنَا إلَيْهِمْ بِأَثْقَالِنَا
عَلَى كُلِّ فَحْلٍ هِجَانٍ قَطِمْ
جَنَبْنَا بِهِنَّ جِيَادَ الخيو
لِ قَدْ جَلَّلُوهَا جِلَالَ الْأَدَمْ
فَلَمَّا أَنَاخُوا بِجَنْبَيْ صِرَارٍ
وَشَدُّوا السُّرُوجَ بَلِيِّ الْحُزُمْ
فَمَا رَاعَهُمْ غَيْرُ مَعْجِ الْخُيُو
لِ وَالزَّحْفُ مِنْ خَلْفِهِمْ قَدْ دَهِمْ
فَطَارُوا سِرَاعًا وَقَدْ أُفْزِعُوا
وَجِئْنَا إلَيْهِمْ كَأُسْدِ الْأُجُمْ
عَلَى كُلِّ سَلْهَبَةٍ فِي الصِّيَا
نِ لَا يَشْتَكِينَ نَحُولَ السَّأَمْ
وَكُلِّ كُمَيْتٍ مُطَارُ الْفُؤَادِ
أَمِينِ الْفُصُوصِ كَمِثْلِ الزُّلَمْ
عَلَيْهَا فَوَارِسُ قَدْ عُوِّدُوا
قِرَاعَ الْكُمَاةِ وَضَرْبَ الْبُهَمْ
مُلُوكٌ إذَا غَشَمُوا فِي الْبِلَا
دِ لَا يَنْكُلُونَ وَلَكِنْ قُدُمْ
فَأُبْنَا بِسَادَاتِهِمْ وَالنِّسَاءِ
وَأَوْلَادُهُمْ فِيهِمْ تُقْتَسَمْ
وَرِثْنَا مَسَاكِنَهُمْ بَعْدَهُمْ
وَكُنَّا مُلُوكًا بِهَا لَمْ نَرِمْ
فَلَمَّا أَتَانَا الرَّسُولُ الرَّشِيدُ
بِالْحَقِّ وَالنُّورِ بَعْدَ الظُّلْمْ
قُلْنَا صَدَقْتَ رَسُولَ الْمَلِيكِ
هَلُمَّ إلَيْنَا وَفِينَا أَقِمْ
فَنَشْهَدَ أَنَّكَ عَبْدُ الْإِلَهِ
أُرْسِلَتْ نُورًا بِدِينٍ قِيَمْ
فَأَنَا وَأَوْلَادُنَا جُنَّةٌ
نَقِيكَ وَفِي مَالِنَا فَاحْتَكِمْ
فَنَحْنُ أُولَئِكَ إنْ كَذَّبُوكَ
فَنَادِ نِدَاءً وَلَا تَحْتَشِمْ
وَنَادِ بِمَا كُنْتَ أَخْفَيْتَهُ
نِدَاءً جَهَارًا وَلَا تَكْتَتِمْ
فَسَارَ الْغُوَاةُ بِأَسْيَافِهِمْ
إلَيْهِ يَظُنُّونَ أَنْ يُخْتَرَمْ
فَقُمْنَا إلَيْهِمْ بِأَسْيَافِنَا
نُجَالِدُ عَنْهُ بُغَاةَ الْأُمَمْ
بِكُلِّ صَقِيلٍ لَهُ مَيْعَةٌ
رَقِيقِ الذَّبَّابِ عَضُوضٍ خَذِمْ
إذَا مَا يُصَادِفُ صُمَّ الْعِظَا
مِ لَمْ يَنْبُ عَنْهَا وَلَمْ يَنْشَلِمْ
فَذَلِكَ مَا وَرَّثَتْنَا الْقُرُو
مُ مَجْدًا تَلِيدًا وَعِزًّا أَشَمْ
إذَا مَرَّ نَسْلٌ كَفَى نَسْلُهُ
وَغَادَرَ نَسْلًا إذَا مَا انْفَصَمْ
فَمَا إنْ مِنْ النَّاسِ إلَّا لَنَا
عَلَيْهِ وَإِنْ خَاسَ فَضْلُ النَّعَمْ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ بَيْتَهُ :
فَكَانُوا مُلُوكًا بِأَرْضِيِّهِمْ
يُنَادُونَ غُضْبًا بِأَمْرِ غُشُمْ

وَأَنْشَدَنِي :
بِيَثْرِبَ قَدْ شَيَّدُوا فِي النَّخِيلِ
حُصُونًا وَدُجِّنَ فِيهَا النَّعَمْ

وَبَيْتُهُ :
وَكُلُّ كُمَيْتٍ مُطَارُ الْفُؤَادِ

: عَنْهُ .