ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ رَاءَى فِي عَمَلِهِ يَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ
مِنْ أَوَّلِ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ نَعُوذُ بِاللهِ مِنْهَا
408 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي [2/136] الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ أَبُو عُثْمَانَ الْمَدِينِيُّ ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَهُ أَنَّ شُفَيًّا الْأَصْبَحِيَّ حَدَّثَهُ ، أَنَّهُ دَخَلَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَهُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ ، فَلَمَّا سَكَتَ وَخَلَا ، قُلْتُ لَهُ : أَنْشُدُكَ بِحَقِّي لَمَا حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَلْتَهُ وَعَلِمْتَهُ .
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَفْعَلُ ، لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَلْتُهُ وَعَلِمْتُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً فَمَكَثَ قَلِيلًا ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ : " لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ ، ثُمَّ أَفَاقَ ، فَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ ، فَقَالَ : أَفْعَلُ ، لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ نَشْغَةً شَدِيدَةً ، ثُمَّ مَالَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ ، وَاشْتَدَّ بِهِ طَوِيلًا ، ثُمَّ أَفَاقَ
، فَقَالَ : حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ .
فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ ، وَرَجُلٌ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْقَارِئِ : أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ : كَذَبْتَ . وَتَقُولُ [2/137] لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ قَارِئٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ .
وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللهُ لَهُ : أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ . قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ ؟ فَيَقُولُ اللهُ لَهُ : كَذَبْتَ . وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللهُ : بَلْ إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَوَادٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ .
وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقَالُ لَهُ : فِي مَاذَا قُتِلْتَ ؟ فَيَقُولُ : أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَرِيءٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ، ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُكْبَتِي ، فَقَالَ : " يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .
[2/138] قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ : فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ أَنَّ شُفَيًّا هُوَ الَّذِي دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ .
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْوَلِيدُ : وَحَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، أَنَّهُ كَانَ سَيَّافًا لِمُعَاوِيَةَ ، قَالَ : فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ ، فَحَدَّثَهُ بِهَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ مِثْلُ هَذَا ، فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ ؟
ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ ، وَقُلْنَا : قَدْ جَاءَنَا هَذَا الرَّجُلُ بِشَرٍّ ، ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ ، وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ ، فَقَالَ : صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - : أَلْفَاظُ الْوَعِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَنِ كُلُّهَا مَقْرُونَةٌ بِشَرْطٍ ، وَهُوَ : إِلَّا أَنْ يَتَفَضَّلَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى مُرْتَكِبِ تِلْكَ الْخِصَالِ بِالْعَفْوِ وَغُفْرَانِ تِلْكَ الْخِصَالِ ، دُونَ [2/139] الْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا ، وَكُلُّ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَنِ مِنْ أَلْفَاظِ الْوَعْدِ مَقْرُونَةٌ بِشَرْطٍ ، وَهُوَ : إِلَّا أَنْ يَرْتَكِبَ عَامِلُهَا مَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ الْعُقُوبَةَ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ حَتَّى يُعَاقَبَ ، إِنْ لَمْ يَتَفَضَّلْ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ ، ثُمَّ يُعْطَى ذَلِكَ الثَّوَابَ الَّذِي وُعِدَ بِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ .
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ رَاءَى فِي عَمَلِهِ يَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ
مِنْ أَوَّلِ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ نَعُوذُ بِاللهِ مِنْهَا
408 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي [2/136] الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ أَبُو عُثْمَانَ الْمَدِينِيُّ ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَهُ أَنَّ شُفَيًّا الْأَصْبَحِيَّ حَدَّثَهُ ، أَنَّهُ دَخَلَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : أَبُو هُرَيْرَةَ ، قَالَ : فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَهُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ ، فَلَمَّا سَكَتَ وَخَلَا ، قُلْتُ لَهُ : أَنْشُدُكَ بِحَقِّي لَمَا حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَلْتَهُ وَعَلِمْتَهُ .
فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَفْعَلُ ، لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَلْتُهُ وَعَلِمْتُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً فَمَكَثَ قَلِيلًا ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ : " لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ ، ثُمَّ أَفَاقَ ، فَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ ، فَقَالَ : أَفْعَلُ ، لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ نَشْغَةً شَدِيدَةً ، ثُمَّ مَالَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ ، وَاشْتَدَّ بِهِ طَوِيلًا ، ثُمَّ أَفَاقَ
، فَقَالَ : حَدَّثَنِي رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ .
فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ ، وَرَجُلٌ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْقَارِئِ : أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ : كَذَبْتَ . وَتَقُولُ [2/137] لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ قَارِئٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ .
وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللهُ لَهُ : أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ . قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ ؟ فَيَقُولُ اللهُ لَهُ : كَذَبْتَ . وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللهُ : بَلْ إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَوَادٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ .
وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقَالُ لَهُ : فِي مَاذَا قُتِلْتَ ؟ فَيَقُولُ : أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَرِيءٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ، ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُكْبَتِي ، فَقَالَ : " يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .
[2/138] قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ : فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ أَنَّ شُفَيًّا هُوَ الَّذِي دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ .
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْوَلِيدُ : وَحَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، أَنَّهُ كَانَ سَيَّافًا لِمُعَاوِيَةَ ، قَالَ : فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ ، فَحَدَّثَهُ بِهَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ مِثْلُ هَذَا ، فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ ؟
ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ ، وَقُلْنَا : قَدْ جَاءَنَا هَذَا الرَّجُلُ بِشَرٍّ ، ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ ، وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ ، فَقَالَ : صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - : أَلْفَاظُ الْوَعِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَنِ كُلُّهَا مَقْرُونَةٌ بِشَرْطٍ ، وَهُوَ : إِلَّا أَنْ يَتَفَضَّلَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى مُرْتَكِبِ تِلْكَ الْخِصَالِ بِالْعَفْوِ وَغُفْرَانِ تِلْكَ الْخِصَالِ ، دُونَ [2/139] الْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا ، وَكُلُّ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَنِ مِنْ أَلْفَاظِ الْوَعْدِ مَقْرُونَةٌ بِشَرْطٍ ، وَهُوَ : إِلَّا أَنْ يَرْتَكِبَ عَامِلُهَا مَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ الْعُقُوبَةَ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ حَتَّى يُعَاقَبَ ، إِنْ لَمْ يَتَفَضَّلْ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ ، ثُمَّ يُعْطَى ذَلِكَ الثَّوَابَ الَّذِي وُعِدَ بِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ .