ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أُمَّةَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُعْرَفُ فِي الْقِيَامَةِ بِالتَّحْجِيلِ بِوُضُوئِهِمْ كَانَ فِي الدُّنْيَا
1046 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ، وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ ؟ قَالَ : بَلْ أَصْحَابِي ، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ، وَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ أُمَّتِكَ ؟ فَقَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ، أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟
قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، فَلَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ ، أُنَادِيهِمْ : أَلَا هَلُمَّ ، أَلَا هَلُمَّ ، فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : فَسُحْقًا ، فَسُحْقًا ، فَسُحْقًا
.
[3/322]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : الِاسْتِثْنَاءُ يَسْتَحِيلُ فِي الشَّيْءِ الْمَاضِي ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الْأَشْيَاءِ . وَحَالُ الْإِنْسَانِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى ضَرْبَيْنِ ، إِذَا اسْتَثْنَى فِي إِيمَانِهِ : فَضَرْبٌ مِنْهُ يُطْلَقُ مُبَاحٌ لَهُ ذَلِكَ ، وَضَرْبٌ آخَرُ إِذَا اسْتَثْنَى فِيهِ الْإِنْسَانُ كَفَرَ .
وَأَمَّا الضَّرْبُ الَّذِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ ، فَهُوَ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ : أَنْتَ مُؤْمِنٌ بِاللهِ ، وَمَلَائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَالْبَعْثِ وَالْمِيزَانِ ، وَمَا يُشْبِهُ هَذِهِ الْحَالَةَ ؟ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ : أَنَا مُؤْمِنٌ بِاللهِ حَقًّا ، وَمُؤْمِنٌ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَقًّا ، فَمَتَى مَا اسْتَثْنَى فِي هَذَا كَفَرَ .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي : إِذَا سُئِلَ الرَّجُلُ : إِنَّكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ، وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ، وَهُمْ فِيهَا خَاشِعُونَ ، وَعَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ؟ فَيَقُولُ : أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ . أَوْ يُقَالُ لَهُ : أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ فَيَسْتَثْنِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ .
وَالْفَائِدَةُ فِي الْخَبَرِ حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ [3/323] لَاحِقُونَ ، أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَقِيعَ الْغَرْقَدِ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فِيهِمْ مُؤْمِنُونَ وَمُنَافِقُونَ ، فَقَالَ : إِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ، وَاسْتَثْنَى الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ يُسْلِمُونَ ، فَيَلْحَقُونَ بِكُمْ ، عَلَى أَنَّ اللُّغَةَ تُسَوِّغُ إِبَاحَةَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ لَمْ يَشُكَّ فِي كَوْنِهِ ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ } .

ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أُمَّةَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُعْرَفُ فِي الْقِيَامَةِ بِالتَّحْجِيلِ بِوُضُوئِهِمْ كَانَ فِي الدُّنْيَا
1046 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ، وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ ؟ قَالَ : بَلْ أَصْحَابِي ، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ، وَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ أُمَّتِكَ ؟ فَقَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ ، أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟
قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، فَلَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ ، أُنَادِيهِمْ : أَلَا هَلُمَّ ، أَلَا هَلُمَّ ، فَيُقَالُ : إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : فَسُحْقًا ، فَسُحْقًا ، فَسُحْقًا
.
[3/322]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : الِاسْتِثْنَاءُ يَسْتَحِيلُ فِي الشَّيْءِ الْمَاضِي ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الْأَشْيَاءِ . وَحَالُ الْإِنْسَانِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى ضَرْبَيْنِ ، إِذَا اسْتَثْنَى فِي إِيمَانِهِ : فَضَرْبٌ مِنْهُ يُطْلَقُ مُبَاحٌ لَهُ ذَلِكَ ، وَضَرْبٌ آخَرُ إِذَا اسْتَثْنَى فِيهِ الْإِنْسَانُ كَفَرَ .
وَأَمَّا الضَّرْبُ الَّذِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ ، فَهُوَ أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ : أَنْتَ مُؤْمِنٌ بِاللهِ ، وَمَلَائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَالْبَعْثِ وَالْمِيزَانِ ، وَمَا يُشْبِهُ هَذِهِ الْحَالَةَ ؟ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ : أَنَا مُؤْمِنٌ بِاللهِ حَقًّا ، وَمُؤْمِنٌ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَقًّا ، فَمَتَى مَا اسْتَثْنَى فِي هَذَا كَفَرَ .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي : إِذَا سُئِلَ الرَّجُلُ : إِنَّكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ، وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ، وَهُمْ فِيهَا خَاشِعُونَ ، وَعَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ؟ فَيَقُولُ : أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ . أَوْ يُقَالُ لَهُ : أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ فَيَسْتَثْنِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ .
وَالْفَائِدَةُ فِي الْخَبَرِ حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ [3/323] لَاحِقُونَ ، أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَقِيعَ الْغَرْقَدِ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فِيهِمْ مُؤْمِنُونَ وَمُنَافِقُونَ ، فَقَالَ : إِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ، وَاسْتَثْنَى الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ إِنْ شَاءَ اللهُ يُسْلِمُونَ ، فَيَلْحَقُونَ بِكُمْ ، عَلَى أَنَّ اللُّغَةَ تُسَوِّغُ إِبَاحَةَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ لَمْ يَشُكَّ فِي كَوْنِهِ ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آمِنِينَ } .