57 - هِجْرَةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا
حَدِيثُ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ
9112 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا أَسْأَلُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّتَيْنِ قَالَ اللهُ تَعَالَى : { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } ، فَحَجَّ عُمَرُ ، وَحَجَجْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ عُمَرُ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ ، فَتَبَرَّزَ ، ثُمَّ أَتَانِي فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ فَتَوَضَّأَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّتَانِ قَالَ اللهُ لَهُمَا : { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } ؟ قَالَ عُمَرُ : وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ! عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ ، ثُمَّ أَخَذَ يَسُوقُ الْحَدِيثَ ، قَالَ : كُنَّا - مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ، وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ ، وَكَانَ مَنْزِلِي فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بِالْعَوَالِي ، فَغَضِبْتُ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِي ، فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي ، فَقَالَتْ : مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ ؟ فَوَاللهِ ، إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيُرَاجِعْنَهُ ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ ، فَانْطَلَقْتُ ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ : أَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاكُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قُلْتُ : لَقَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ [8/258] مِنْكُنَّ وَخَسِرَ ، أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ ؟ لَا تُرَاجِعِي رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تَسْأَلِيهِ ، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ ، وَلَا يَغْرُرْكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْكِ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَكَانَ لِي جَارٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزِلُ يَوْمًا ، وَيَنْزِلُ يَوْمًا ، فَيَأْتِينِي بِخَبَرِ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ ، وَآتِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُوَنَا ، فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمًا ، ثُمَّ أَتَانِي عِشَاءً ، فَضَرَبَ بَابِي ثُمَّ نَادَى فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : حَدَثَ أَمْرٌ ، قُلْتُ : مَا حَدَثَ ؟ جَاءَتْ غَسَّانُ ؟ قَالَ : لَا ، بَلْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ، طَلَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَهُ ، فَقُلْتُ : لَقَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ إِذًا وَخَسِرَتْ ، قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا كَائِنًا ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ شَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي ، ثُمَّ نَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَهِيَ تَبْكِي ، فَقُلْتُ - ثُمَّ ذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا : أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ قَالَتْ : لَا أَدْرِي ، هَذَا هُوَ مُعْتَزِلٌ فِي هَذِهِ الْمَشْرُبَةِ ، فَنَادَيْتُ غُلَامًا لَهُ أَسْوَدَ ، فَقُلْتُ : اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ ، فَدَخَلَ الْغُلَامُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ ، فَصَمَتَ ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمِنْبَرَ ، فَإِذَا عِنْدَهُ رَهْطٌ جُلُوسٌ ، يَبْكِي بَعْضُهُمْ ، فَجَلَسْتُ قَلِيلًا ، فَغَلَبَنِي مَا أَجِدُ ، فَأَتَيْتُ الْغُلَامَ ، فَقُلْتُ : اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ ، فَدَخَلَ الْغُلَامُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ ، قَالَ : قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ ، فَصَمَتَ ، فَجَلَسْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْغُلَامِ ، فَقُلْتُ : اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ ، فَدَخَلَ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ : قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا ، فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي ، فَقَالَ : ادْخُلْ ، فَقَدْ أَذِنَ لَكَ . فَدَخَلْتُ ، فَسَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ ، فَقُلْتُ : أَطَلَّقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ نِسَاءَكَ ؟ فَرَفَعَ إِلَيَّ رَأْسَهُ ، قَالَ : لَا . [8/259] قُلْتُ : اللهُ أَكْبَرُ ، لَوْ رَأَيْتَنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، وَكُنَّا - مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ فَغَضِبْتُ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِي ، فَطَفِقَتْ تُرَاجِعُنِي ، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي فَقَالَتْ : مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ ، فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيُرَاجِعْنَهُ ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ ، فَقُلْتُ : لَقَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ وَخَسِرَ ، أَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ ؟ ! فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ : لَا يَغْرُرْكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْكِ ، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى . فَقُلْتُ : أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَجَلَسْتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فِي الْبَيْتِ ، فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ إِلَّا أَهَبًا ثَلَاثَةً ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهُ يُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ ، فَقَدْ وَسَّعَ اللهُ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ ، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللهَ ، فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ : أَوَ فِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ قَدْ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا ، فَقُلْتُ : اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : وَكَانَ أَقْسَمَ أَلَا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللهُ .
57 - هِجْرَةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا
حَدِيثُ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ
9112 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا أَسْأَلُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّتَيْنِ قَالَ اللهُ تَعَالَى : { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } ، فَحَجَّ عُمَرُ ، وَحَجَجْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَدَلَ عُمَرُ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالْإِدَاوَةِ ، فَتَبَرَّزَ ، ثُمَّ أَتَانِي فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ فَتَوَضَّأَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّتَانِ قَالَ اللهُ لَهُمَا : { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } ؟ قَالَ عُمَرُ : وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ! عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ ، ثُمَّ أَخَذَ يَسُوقُ الْحَدِيثَ ، قَالَ : كُنَّا - مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ، وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ ، وَكَانَ مَنْزِلِي فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ بِالْعَوَالِي ، فَغَضِبْتُ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِي ، فَإِذَا هِيَ تُرَاجِعُنِي فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي ، فَقَالَتْ : مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ ؟ فَوَاللهِ ، إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيُرَاجِعْنَهُ ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ ، فَانْطَلَقْتُ ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ : أَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاكُنَّ الْيَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قُلْتُ : لَقَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ [8/258] مِنْكُنَّ وَخَسِرَ ، أَفَتَأْمَنُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ ؟ لَا تُرَاجِعِي رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تَسْأَلِيهِ ، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ ، وَلَا يَغْرُرْكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْكِ - يُرِيدُ عَائِشَةَ - فَكَانَ لِي جَارٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزِلُ يَوْمًا ، وَيَنْزِلُ يَوْمًا ، فَيَأْتِينِي بِخَبَرِ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ ، وَآتِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الْخَيْلَ لِتَغْزُوَنَا ، فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمًا ، ثُمَّ أَتَانِي عِشَاءً ، فَضَرَبَ بَابِي ثُمَّ نَادَى فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : حَدَثَ أَمْرٌ ، قُلْتُ : مَا حَدَثَ ؟ جَاءَتْ غَسَّانُ ؟ قَالَ : لَا ، بَلْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ، طَلَّقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَهُ ، فَقُلْتُ : لَقَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ إِذًا وَخَسِرَتْ ، قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا كَائِنًا ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الصُّبْحَ شَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي ، ثُمَّ نَزَلْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ وَهِيَ تَبْكِي ، فَقُلْتُ - ثُمَّ ذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا : أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ قَالَتْ : لَا أَدْرِي ، هَذَا هُوَ مُعْتَزِلٌ فِي هَذِهِ الْمَشْرُبَةِ ، فَنَادَيْتُ غُلَامًا لَهُ أَسْوَدَ ، فَقُلْتُ : اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ ، فَدَخَلَ الْغُلَامُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ ، فَصَمَتَ ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمِنْبَرَ ، فَإِذَا عِنْدَهُ رَهْطٌ جُلُوسٌ ، يَبْكِي بَعْضُهُمْ ، فَجَلَسْتُ قَلِيلًا ، فَغَلَبَنِي مَا أَجِدُ ، فَأَتَيْتُ الْغُلَامَ ، فَقُلْتُ : اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ ، فَدَخَلَ الْغُلَامُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ ، قَالَ : قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ ، فَصَمَتَ ، فَجَلَسْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْغُلَامِ ، فَقُلْتُ : اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ ، فَدَخَلَ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ : قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا ، فَإِذَا الْغُلَامُ يَدْعُونِي ، فَقَالَ : ادْخُلْ ، فَقَدْ أَذِنَ لَكَ . فَدَخَلْتُ ، فَسَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ ، فَقُلْتُ : أَطَلَّقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ نِسَاءَكَ ؟ فَرَفَعَ إِلَيَّ رَأْسَهُ ، قَالَ : لَا . [8/259] قُلْتُ : اللهُ أَكْبَرُ ، لَوْ رَأَيْتَنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، وَكُنَّا - مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَجَدْنَا قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ فَغَضِبْتُ يَوْمًا عَلَى امْرَأَتِي ، فَطَفِقَتْ تُرَاجِعُنِي ، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي فَقَالَتْ : مَا تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ ، فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيُرَاجِعْنَهُ ، وَتَهْجُرُهُ إِحْدَاهُنَّ يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ ، فَقُلْتُ : لَقَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ وَخَسِرَ ، أَتَأْمَنُ إِحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْهَا لِغَضَبِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ ؟ ! فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ : لَا يَغْرُرْكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْسَمَ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْكِ ، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى . فَقُلْتُ : أَسْتَأْنِسُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَجَلَسْتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فِي الْبَيْتِ ، فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ إِلَّا أَهَبًا ثَلَاثَةً ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، ادْعُ اللهُ يُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ ، فَقَدْ وَسَّعَ اللهُ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ ، وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللهَ ، فَاسْتَوَى جَالِسًا وَقَالَ : أَوَ فِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ قَدْ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا ، فَقُلْتُ : اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : وَكَانَ أَقْسَمَ أَلَا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللهُ .