|
|||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
|||||||||||
[2/122]
ظَالِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ ، أَبُو الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ
494 - أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْفَاخِرِ الْقُرَشِيُّ ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَبُو الْمَجْدِ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الثَّقَفِيِّانِ - بِأَصْبَهَانَ - أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي الرَّجَاءِ الصَّيْرَفِيَّ أَخْبَرَهُمْ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ - أَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَقَّالُ ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ ، أَنَا جَدِّي أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَمِيلٍ ، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثَنَا ابْنُ جُرْجِيٍّ (1) ، ثَنَا أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ الدَّيْلِيُّ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَرَجُلٍ ، عَنْ زَاذَانَ ، كَذَا قَالَا : بَيْنَا النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ عَلِيٍّ ، إِذْ وَافَقُوا مِنْهُ نَفْسًا طَيِّبَةً . فَقَالُوا : حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . قَالَ : عَنْ أَيِّ أَصْحَابِي ؟ قَالُوا : أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : كُلُّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابِي ، فَأَيُّهُمْ [2/123] تُرِيدُونَ ؟ قَالُوا : النَّفَرُ الَّذِينَ رَأَيْنَاكَ تُلَطِّفُهُمْ بِذِكْرِكَ ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ دُونَ الْقَوْمِ . قَالَ : أَيُّهُمْ ؟ قَالُوا : عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ . قَالَ : عَلِمَ السُّنَّةَ ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَكَفَى بِهِ عِلْمًا ، ثُمَّ خَتَمَ بِهِ عِنْدَهُ . فَلَمْ يَدْرُوا عَلَى مَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ : كَفَى بِهِ عِلْمًا ، كَفَى بِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَمْ كَفَى بِالْقُرْآنِ . قَالُوا : فَحُذَيْفَةُ . قَالَ : عُلِّمَ - أَوْ عَلِمَ - أَسْمَاءَ الْمُنَافِقِينَ ، وَسَأَلَ عَنِ الْمُعْضِلَاتِ حِينَ غُفِلَ عَنْهَا ، فَإِنْ تَسْأَلُوهُ عَنْهَا تَجِدُوهُ بِهَا عَالِمًا . قَالُوا : فَأَبُو ذَرٍّ . قَالَ : وَعَى عِلْمًا ، شَحِيحًا حَرِيصًا ، شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ حَرِيصًا عَلَى الْعِلْمِ ، وَكَانَ يُكْثِرُ السُّؤَالَ فَيُعْطَى وَيُمْنَعُ ، أَمَا أَنْ قَدْ مُلِئَ لَهُ فِي وِعَائِهِ حَتَّى امْتَلَأَ . قَالُوا : فَسَلْمَانُ . قَالَ : ذَاكَ امْرُؤٌ مِنَّا وَإِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، مَنْ لَكُمْ بِمِثْلِ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ ، عَلِمَ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ ، وَأَدْرَكَ الْعِلْمَ الْآخِرَ ، وَقَرَأَ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ وَالْكِتَابَ الْآخِرَ ، وَكَانَ بَحْرًا لَا يَنْزِفُ . قَالُوا : فَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ . قَالَ : ذَاكَ امْرُؤٌ خَلَطَ اللهُ الْإِيمَانَ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ وَعَظْمِهِ ، وَشَعْرِهِ وَبَشَرِهِ لَا يُفَارِقُ الْحَقَّ سَاعَةً ، حَيْثُ زَالَ زَالَ مَعَهُ ، لَا يَنْبَغِي لِلنَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا . قَالُوا : فَحَدِّثْنَا عَنْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : مَهْلًا ، نَهَى اللهُ عَنِ التَّزْكِيَةِ . [2/124] قَالَ : قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ : { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } . قَالَ : فَإِنِّي أُحَدِّثُ بِنِعْمَةِ رَبِّي كَثِيرًا ، إِذَا سَأَلْتُ أُعْطِيتُ ، وَإِذَا سَكَتُّ ابْتُدِيتُ ، فَبَيْنَ الْجَوَارِحِ - وَصَوَابُهُ : الْجَوَانِحُ - مِنِّي عِلْمًا جَمًّا . فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْكَوَّاءِ الْأَعْوَرُ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا { وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا } قَالَ : الرِّيَاحُ . قَالَ : فَمَا { فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا } ؟ قَالَ : السَّحَابُ . قَالَ : فَمَا { فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا } ؟ قَالَ : السُّفُنُ . قَالَ : فَمَا { فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا } ؟ قَالَ : الْمَلَائِكَةُ . وَلَا تَعُدْ لِمِثْلِ هَذَا ، وَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ مِثْلِ هَذَا . قَالَ : فَمَا { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ } ؟ قَالَ : دَارُ الْخُلُقِ الْحَسَنِ . قَالَ : فَمَا السَّوَادُ الَّذِي فِي حَرْفِ الْقَمَرِ ؟ قَالَ : أَعْمَى يَسْأَلُ عَنْ عَمْيَاءَ ، مَا الْعِلْمَ أَرَدْتَ بِهَذَا ، وَيْحَكَ سَلْ تَفَقُّهًا ، وَلَا تَسْأَلْ تَعَنُّتًا - أَوْ قَالَ : تَعَتُّهًا - سَلْ عَمَّا يَعْنِيكَ ، وَدَعْ مَا لَا يَعْنِيكَ . قَالَ : فَوَاللهِ إِنَّ هَذَا لَيَعْنِينِي . [2/125] قَالَ : إِنَّ اللهَ يَقُولُ : { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ } السَّوَادَ الَّذِي فِي حَرْفِ الْقَمَرِ . قَالَ : فَمَا الْمَجَرَّةُ ؟ قَالَ : شَرَجُ السَّمَاءِ ، وَمِنْهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ زَمَنَ الْغَرَقِ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ . قَالَ : فَمَا قَوْسُ قُزَحَ ؟ قَالَ : لَا تَقُلْ قَوْسَ قُزَحَ ، فَإِنَّ قُزَحَ الشَّيْطَانُ ، وَلَكِنَّهُ الْقَوْسُ ، وَهِيَ أَمَانَةٌ مِنَ الْغَرَقِ . قَالَ : فَكَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ؟ قَالَ : قَدْرُ دَعْوَةِ عَبْدٍ دَعَا اللهَ ، لَا أَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ . قَالَ : فَكَمْ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ؟ قَالَ : مَسِيرَةُ يَوْمٍ لِلشَّمْسِ ، مَنْ حَدَّثَكَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ . قَالَ : فَمَنِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالَى : { وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ } . قَالَ : دَعْهُمْ فَقَدْ كُفِيتَهُمْ . قَالَ : فَمَا ذُو الْقَرْنَيْنِ ؟ قَالَ : رَجُلٌ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى قَوْمٍ كَفَرَةٍ أَهْلِ الْكِتَابِ ، كَانَ أَوَائِلُهُمْ عَلَى حَقٍّ ، فَأَشْرَكُوا بِرَبِّهِمْ ، وَابْتَدَعُوا فِي دِينِهِمْ ، فَأَحْدَثُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، فَهُمُ الْيَوْمَ يَجْتَهِدُونَ فِي الْبَاطِلِ ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ ، وَيَجْتَهِدُونَ فِي الضَّلَالَةِ [2/126] وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى ، فَضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا . قَالَ : رَفَعَ صَوْتَهُ ، وَقَالَ : وَمَا أَهْلُ النَّهَرَوَانِ غَدًا مِنْهُمْ بِبَعِيدٍ . قَالَ : فَقَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ : وَاللهِ لَا أَسْأَلُ سِوَاكَ ، وَلَا أَتْبَعُ غَيْرَكَ . قَالَ : فَقَالَ : إِنْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيْكَ فَافْعَلْ . (1) كذا في طبعة دار خضر ، تحقيق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش ، ولعل الصواب: ( ابن جريج ) .
[2/122]
ظَالِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ ، أَبُو الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ
494 - أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ الْفَاخِرِ الْقُرَشِيُّ ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مَحْمُودُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَبُو الْمَجْدِ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَامِدٍ الثَّقَفِيِّانِ - بِأَصْبَهَانَ - أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي الرَّجَاءِ الصَّيْرَفِيَّ أَخْبَرَهُمْ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ - أَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَقَّالُ ، أَنَا أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ ، أَنَا جَدِّي أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَمِيلٍ ، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثَنَا ابْنُ جُرْجِيٍّ (1) ، ثَنَا أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ الدَّيْلِيُّ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَرَجُلٍ ، عَنْ زَاذَانَ ، كَذَا قَالَا : بَيْنَا النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ عَلِيٍّ ، إِذْ وَافَقُوا مِنْهُ نَفْسًا طَيِّبَةً . فَقَالُوا : حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . قَالَ : عَنْ أَيِّ أَصْحَابِي ؟ قَالُوا : أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : كُلُّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابِي ، فَأَيُّهُمْ [2/123] تُرِيدُونَ ؟ قَالُوا : النَّفَرُ الَّذِينَ رَأَيْنَاكَ تُلَطِّفُهُمْ بِذِكْرِكَ ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ دُونَ الْقَوْمِ . قَالَ : أَيُّهُمْ ؟ قَالُوا : عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ . قَالَ : عَلِمَ السُّنَّةَ ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَكَفَى بِهِ عِلْمًا ، ثُمَّ خَتَمَ بِهِ عِنْدَهُ . فَلَمْ يَدْرُوا عَلَى مَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ : كَفَى بِهِ عِلْمًا ، كَفَى بِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَمْ كَفَى بِالْقُرْآنِ . قَالُوا : فَحُذَيْفَةُ . قَالَ : عُلِّمَ - أَوْ عَلِمَ - أَسْمَاءَ الْمُنَافِقِينَ ، وَسَأَلَ عَنِ الْمُعْضِلَاتِ حِينَ غُفِلَ عَنْهَا ، فَإِنْ تَسْأَلُوهُ عَنْهَا تَجِدُوهُ بِهَا عَالِمًا . قَالُوا : فَأَبُو ذَرٍّ . قَالَ : وَعَى عِلْمًا ، شَحِيحًا حَرِيصًا ، شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ حَرِيصًا عَلَى الْعِلْمِ ، وَكَانَ يُكْثِرُ السُّؤَالَ فَيُعْطَى وَيُمْنَعُ ، أَمَا أَنْ قَدْ مُلِئَ لَهُ فِي وِعَائِهِ حَتَّى امْتَلَأَ . قَالُوا : فَسَلْمَانُ . قَالَ : ذَاكَ امْرُؤٌ مِنَّا وَإِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، مَنْ لَكُمْ بِمِثْلِ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ ، عَلِمَ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ ، وَأَدْرَكَ الْعِلْمَ الْآخِرَ ، وَقَرَأَ الْكِتَابَ الْأَوَّلَ وَالْكِتَابَ الْآخِرَ ، وَكَانَ بَحْرًا لَا يَنْزِفُ . قَالُوا : فَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ . قَالَ : ذَاكَ امْرُؤٌ خَلَطَ اللهُ الْإِيمَانَ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ وَعَظْمِهِ ، وَشَعْرِهِ وَبَشَرِهِ لَا يُفَارِقُ الْحَقَّ سَاعَةً ، حَيْثُ زَالَ زَالَ مَعَهُ ، لَا يَنْبَغِي لِلنَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا . قَالُوا : فَحَدِّثْنَا عَنْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : مَهْلًا ، نَهَى اللهُ عَنِ التَّزْكِيَةِ . [2/124] قَالَ : قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ : { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } . قَالَ : فَإِنِّي أُحَدِّثُ بِنِعْمَةِ رَبِّي كَثِيرًا ، إِذَا سَأَلْتُ أُعْطِيتُ ، وَإِذَا سَكَتُّ ابْتُدِيتُ ، فَبَيْنَ الْجَوَارِحِ - وَصَوَابُهُ : الْجَوَانِحُ - مِنِّي عِلْمًا جَمًّا . فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْكَوَّاءِ الْأَعْوَرُ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا { وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا } قَالَ : الرِّيَاحُ . قَالَ : فَمَا { فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا } ؟ قَالَ : السَّحَابُ . قَالَ : فَمَا { فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا } ؟ قَالَ : السُّفُنُ . قَالَ : فَمَا { فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا } ؟ قَالَ : الْمَلَائِكَةُ . وَلَا تَعُدْ لِمِثْلِ هَذَا ، وَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ مِثْلِ هَذَا . قَالَ : فَمَا { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ } ؟ قَالَ : دَارُ الْخُلُقِ الْحَسَنِ . قَالَ : فَمَا السَّوَادُ الَّذِي فِي حَرْفِ الْقَمَرِ ؟ قَالَ : أَعْمَى يَسْأَلُ عَنْ عَمْيَاءَ ، مَا الْعِلْمَ أَرَدْتَ بِهَذَا ، وَيْحَكَ سَلْ تَفَقُّهًا ، وَلَا تَسْأَلْ تَعَنُّتًا - أَوْ قَالَ : تَعَتُّهًا - سَلْ عَمَّا يَعْنِيكَ ، وَدَعْ مَا لَا يَعْنِيكَ . قَالَ : فَوَاللهِ إِنَّ هَذَا لَيَعْنِينِي . [2/125] قَالَ : إِنَّ اللهَ يَقُولُ : { وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ } السَّوَادَ الَّذِي فِي حَرْفِ الْقَمَرِ . قَالَ : فَمَا الْمَجَرَّةُ ؟ قَالَ : شَرَجُ السَّمَاءِ ، وَمِنْهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ زَمَنَ الْغَرَقِ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ . قَالَ : فَمَا قَوْسُ قُزَحَ ؟ قَالَ : لَا تَقُلْ قَوْسَ قُزَحَ ، فَإِنَّ قُزَحَ الشَّيْطَانُ ، وَلَكِنَّهُ الْقَوْسُ ، وَهِيَ أَمَانَةٌ مِنَ الْغَرَقِ . قَالَ : فَكَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ؟ قَالَ : قَدْرُ دَعْوَةِ عَبْدٍ دَعَا اللهَ ، لَا أَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ . قَالَ : فَكَمْ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ؟ قَالَ : مَسِيرَةُ يَوْمٍ لِلشَّمْسِ ، مَنْ حَدَّثَكَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَبَ . قَالَ : فَمَنِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالَى : { وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ } . قَالَ : دَعْهُمْ فَقَدْ كُفِيتَهُمْ . قَالَ : فَمَا ذُو الْقَرْنَيْنِ ؟ قَالَ : رَجُلٌ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى قَوْمٍ كَفَرَةٍ أَهْلِ الْكِتَابِ ، كَانَ أَوَائِلُهُمْ عَلَى حَقٍّ ، فَأَشْرَكُوا بِرَبِّهِمْ ، وَابْتَدَعُوا فِي دِينِهِمْ ، فَأَحْدَثُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، فَهُمُ الْيَوْمَ يَجْتَهِدُونَ فِي الْبَاطِلِ ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ ، وَيَجْتَهِدُونَ فِي الضَّلَالَةِ [2/126] وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى ، فَضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا . قَالَ : رَفَعَ صَوْتَهُ ، وَقَالَ : وَمَا أَهْلُ النَّهَرَوَانِ غَدًا مِنْهُمْ بِبَعِيدٍ . قَالَ : فَقَالَ ابْنُ الْكَوَّاءِ : وَاللهِ لَا أَسْأَلُ سِوَاكَ ، وَلَا أَتْبَعُ غَيْرَكَ . قَالَ : فَقَالَ : إِنْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيْكَ فَافْعَلْ . (1) كذا في طبعة دار خضر ، تحقيق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش ، ولعل الصواب: ( ابن جريج ) . |
|||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|||||||||
|
|||||||||||||
![]() |