753 - كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَبَكْرُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنْ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ } . قَالَ : فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ فَقَالَ : هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [2/224] وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمَفْرُوضَ عَلَى الْحُكَّامِ اسْتِعْمَالُ الِاجْتِهَادِ فِيمَا يَحْكُمُونَ بِهِ ، وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَعَهُ الصَّوَابُ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ الْخَطَأُ ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يُكَلَّفُوا فِي ذَلِكَ إِصَابَةَ الصَّوَابِ ، وَإِنَّمَا كُلِّفُوا فِيهِ الِاجْتِهَادَ ، وَأَنَّهُ وَاسِعٌ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِمْضَاءُ الْحُكُومَاتِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَحْكُومُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ تِلْكَ الْحُكُومَاتِ لَهُمْ مِنَ الْوَرَعِ عَنِ الدُّخُولِ فِيهَا وَمِنَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ يَتَهَيَّأُ لَكَ كَشْفُ ذَلِكَ لَنَا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ حَتَّى نَقِفَ عَلَيْهِ ؟ قُلْنَا لَهُ : نَعَمْ ، قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ، فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : قَدْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ لَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَهُنَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : إِنَّهَا يَمِينٌ يَكُونُ بِهَا مُؤْلِيًا ، وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : إِنَّهَا ظِهَارٌ يُكَفِّرُهَا مَا يُكَفِّرُ الظِّهَارَ ، وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : إِنَّهَا تَطْلِيقَةٌ تَبِينُ بِهَا مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَعْنِيَ مِنَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا فَيَلْزَمَهُ ذَلِكَ .
وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : إِنَّهَا تَطْلِيقَةٌ يَمْلِكُ فِيهَا رَجْعَتَهَا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ [2/225] مِنَ الطَّلَاقِ أَكْثَرَ مِنْهَا فَيَلْزَمَهُ ذَلِكَ . فَكَانَ مَنْ يَلِي مِمَّنْ يَرَى حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ بِقَوْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ، ثُمَّ خُوصِمَ إِلَى حَاكِمٍ لَا يَرَى حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ بِهِ وَيَرَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى نِكَاحِهِ عَلَى مَا قَدْ قَالَهُ فِي ذَلِكَ مَنْ قَالَهُ مِمَّنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ فَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ وَقَعَ فِي اخْتِلَافٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ .
فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : لَهُ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ وَتَرْكُ رَأْيِهِ فِيهِ الَّذِي يُخَالِفُهُ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ : مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ .
وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : بَلْ يَسْتَعْمِلُ فِي ذَلِكَ مَا يَرَاهُ ، وَيَتْرُكُ ذَلِكَ الْحُكْمَ إِذْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ لَهُ لَا حُكْمٌ عَلَيْهِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ : أَبُو يُوسُفَ ، وَهُوَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا بِالْحَقِّ
، وَاللهُ أَعْلَمُ
.
753 - كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَبَكْرُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنْ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ } . قَالَ : فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ فَقَالَ : هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [2/224] وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمَفْرُوضَ عَلَى الْحُكَّامِ اسْتِعْمَالُ الِاجْتِهَادِ فِيمَا يَحْكُمُونَ بِهِ ، وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَعَهُ الصَّوَابُ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ الْخَطَأُ ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يُكَلَّفُوا فِي ذَلِكَ إِصَابَةَ الصَّوَابِ ، وَإِنَّمَا كُلِّفُوا فِيهِ الِاجْتِهَادَ ، وَأَنَّهُ وَاسِعٌ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِمْضَاءُ الْحُكُومَاتِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَحْكُومُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ تِلْكَ الْحُكُومَاتِ لَهُمْ مِنَ الْوَرَعِ عَنِ الدُّخُولِ فِيهَا وَمِنَ الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَهَلْ يَتَهَيَّأُ لَكَ كَشْفُ ذَلِكَ لَنَا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ حَتَّى نَقِفَ عَلَيْهِ ؟ قُلْنَا لَهُ : نَعَمْ ، قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ، فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : قَدْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ لَا تَحِلُّ لَهُ بَعْدَهُنَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : إِنَّهَا يَمِينٌ يَكُونُ بِهَا مُؤْلِيًا ، وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : إِنَّهَا ظِهَارٌ يُكَفِّرُهَا مَا يُكَفِّرُ الظِّهَارَ ، وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : إِنَّهَا تَطْلِيقَةٌ تَبِينُ بِهَا مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَعْنِيَ مِنَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا فَيَلْزَمَهُ ذَلِكَ .
وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : إِنَّهَا تَطْلِيقَةٌ يَمْلِكُ فِيهَا رَجْعَتَهَا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ [2/225] مِنَ الطَّلَاقِ أَكْثَرَ مِنْهَا فَيَلْزَمَهُ ذَلِكَ . فَكَانَ مَنْ يَلِي مِمَّنْ يَرَى حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ بِقَوْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ، ثُمَّ خُوصِمَ إِلَى حَاكِمٍ لَا يَرَى حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ بِهِ وَيَرَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى نِكَاحِهِ عَلَى مَا قَدْ قَالَهُ فِي ذَلِكَ مَنْ قَالَهُ مِمَّنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ فَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ وَقَعَ فِي اخْتِلَافٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ .
فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : لَهُ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ وَتَرْكُ رَأْيِهِ فِيهِ الَّذِي يُخَالِفُهُ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ : مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ .
وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : بَلْ يَسْتَعْمِلُ فِي ذَلِكَ مَا يَرَاهُ ، وَيَتْرُكُ ذَلِكَ الْحُكْمَ إِذْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ لَهُ لَا حُكْمٌ عَلَيْهِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ : أَبُو يُوسُفَ ، وَهُوَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا بِالْحَقِّ
، وَاللهُ أَعْلَمُ
.