1608 - وَمِنْهُمْ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَاهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ
[4/289]
سِنَانٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّادٌ ... ثُمَّ ذَكَرُوا بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا فِي حَدِيثِهِمْ : وَلَا غَائِلَةَ .
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا الْأَدْوَاءَ مَعْقُولَةً أَنَّهَا الْأَمْرَاضُ ، وَوَجَدْنَا الْغَوَائِلَ مَعْقُولَةً أَنَّهَا غَوَائِلُ الْمَبِيعِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْمَذْمُومَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا مِنَ الْإِبَاقِ وَمِنَ السَّرِقَاتِ وَسَائِرِ الْأَحْوَالِ الْمَذْمُومَةِ الَّتِي يُغْتَالُ بِهَا مَنْ سِوَاهُ . وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ : قَتَلَ فُلَانٌ فُلَانًا قَتْلَ غِيلَةٍ .
وَمِنْهُ حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى ، عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ ، أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرَّ أَوْلَادَهُمْ } ، أَيْ : مَا يَطْرَأُ عَلَى أَوْلَادِهِمُ الْمَحْمُولَةِ بِهِمْ مِمَّا يَكُونُ إِلَى أُمَّهَاتِهِمْ مِنْ جِمَاعِهِمْ إِيَّاهُنَّ وَهُنَّ كَذَلِكَ ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ غَيْلًا ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي أَوْلَادَهُنَّ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ . وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ ، وَبِمَا قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَمِثْلُ ذَلِكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي يَغْتَالُ فِيهَا الْمَمْلُوكُونَ مَالِكِيهِمْ مِنَ الْأَجْنَاسِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، وَوَجَدْنَا الْخِبْثَةَ قَدْ قَالَ النَّاسُ فِيهَا قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ الشَّيْءُ الْمَذْمُومُ وَهُوَ سَبْيُ ذَوِي الْعُهُودِ الَّذِينَ لَا يَحِلُّ اسْتِرْقَاقُهُمْ ، وَلَا يَقَعُ الْإِمْلَاكُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، هَكَذَا كَانَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ يَذْكُرُهُ لَنَا عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ النَّوْعِ ، وَلَا يَحْكِي لَنَا خِلَافًا فِيهِ ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا النَّوْعِ فَكَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّ الْخِبْثَةَ هِيَ الْأَشْيَاءُ
[4/290]
الْخَبِيثَةُ .
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ :
{
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ
}
، وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
{
وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا
}
. قَالُوا : فَكُلُّ مَذْمُومٍ ، فَهُوَ خَبِيثٌ ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا الْغَوَائِلُ هِيَ مَذْمُومَاتٌ مَكْرُوهَاتٌ ، فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَهُمْ خِبْثَةٌ ، فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ لِمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، أَنَّ الْغَوَائِلَ كَمَا ذَكَرُوا خَبَائِثُ وَهِيَ غَوَائِلُ ، وَأَنَّ كُلَّ خَبِيثٍ غَائِلَةٌ ، وَلَيْسَ كُلُّ غَائِلَةٍ خَبِيثًا ، فَكَانَ رَدُّ السَّبْيِ لَا فِعْلَ لِلْمَمْلُوكِينَ فِيهِ ، كَمَا الْأَفْعَالُ الْمَذْمُومَاتُ اللَّاتِي ذَكَرْنَا فِي الْغَوَائِلِ أَفْعَالٌ لَهُمْ ، فَكَانَتِ الْغَوَائِلُ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَكَانَتِ الْخِبْثَةُ مِمَّا لَا فِعْلَ لِلْمَمْلُوكِينَ فِيهِ ، إِنَّمَا هِيَ فِعْلُ غَيْرِهِمْ فِيهِمْ ، فَفُرِّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْغَائِلَةِ وَالْخِبْثَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى . وَهَذَا عِنْدَنَا أَشْبَهُ مِنَ الْقَوْلِ الْآخَرِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
1608 - وَمِنْهُمْ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَاهُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَخِي مُحَمَّدُ بْنُ
[4/289]
سِنَانٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّادٌ ... ثُمَّ ذَكَرُوا بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا فِي حَدِيثِهِمْ : وَلَا غَائِلَةَ .
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَوَجَدْنَا الْأَدْوَاءَ مَعْقُولَةً أَنَّهَا الْأَمْرَاضُ ، وَوَجَدْنَا الْغَوَائِلَ مَعْقُولَةً أَنَّهَا غَوَائِلُ الْمَبِيعِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْمَذْمُومَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا مِنَ الْإِبَاقِ وَمِنَ السَّرِقَاتِ وَسَائِرِ الْأَحْوَالِ الْمَذْمُومَةِ الَّتِي يُغْتَالُ بِهَا مَنْ سِوَاهُ . وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ : قَتَلَ فُلَانٌ فُلَانًا قَتْلَ غِيلَةٍ .
وَمِنْهُ حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى ، عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ ، أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرَّ أَوْلَادَهُمْ } ، أَيْ : مَا يَطْرَأُ عَلَى أَوْلَادِهِمُ الْمَحْمُولَةِ بِهِمْ مِمَّا يَكُونُ إِلَى أُمَّهَاتِهِمْ مِنْ جِمَاعِهِمْ إِيَّاهُنَّ وَهُنَّ كَذَلِكَ ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ غَيْلًا ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي أَوْلَادَهُنَّ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ . وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ ، وَبِمَا قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَمِثْلُ ذَلِكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي يَغْتَالُ فِيهَا الْمَمْلُوكُونَ مَالِكِيهِمْ مِنَ الْأَجْنَاسِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، وَوَجَدْنَا الْخِبْثَةَ قَدْ قَالَ النَّاسُ فِيهَا قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ الشَّيْءُ الْمَذْمُومُ وَهُوَ سَبْيُ ذَوِي الْعُهُودِ الَّذِينَ لَا يَحِلُّ اسْتِرْقَاقُهُمْ ، وَلَا يَقَعُ الْإِمْلَاكُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، هَكَذَا كَانَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ يَذْكُرُهُ لَنَا عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ النَّوْعِ ، وَلَا يَحْكِي لَنَا خِلَافًا فِيهِ ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا النَّوْعِ فَكَانُوا يَقُولُونَ : إِنَّ الْخِبْثَةَ هِيَ الْأَشْيَاءُ
[4/290]
الْخَبِيثَةُ .
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ :
{
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ
}
، وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
{
وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا
}
. قَالُوا : فَكُلُّ مَذْمُومٍ ، فَهُوَ خَبِيثٌ ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهَا الْغَوَائِلُ هِيَ مَذْمُومَاتٌ مَكْرُوهَاتٌ ، فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَهُمْ خِبْثَةٌ ، فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ لِمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، أَنَّ الْغَوَائِلَ كَمَا ذَكَرُوا خَبَائِثُ وَهِيَ غَوَائِلُ ، وَأَنَّ كُلَّ خَبِيثٍ غَائِلَةٌ ، وَلَيْسَ كُلُّ غَائِلَةٍ خَبِيثًا ، فَكَانَ رَدُّ السَّبْيِ لَا فِعْلَ لِلْمَمْلُوكِينَ فِيهِ ، كَمَا الْأَفْعَالُ الْمَذْمُومَاتُ اللَّاتِي ذَكَرْنَا فِي الْغَوَائِلِ أَفْعَالٌ لَهُمْ ، فَكَانَتِ الْغَوَائِلُ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَكَانَتِ الْخِبْثَةُ مِمَّا لَا فِعْلَ لِلْمَمْلُوكِينَ فِيهِ ، إِنَّمَا هِيَ فِعْلُ غَيْرِهِمْ فِيهِمْ ، فَفُرِّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْغَائِلَةِ وَالْخِبْثَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى . وَهَذَا عِنْدَنَا أَشْبَهُ مِنَ الْقَوْلِ الْآخَرِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .