2639 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ جَمِيعًا ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى فُدَيْكُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ فُدَيْكٍ قَالَ : [7/50] خَرَجَ فُدَيْكٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا فُدَيْكُ ، أَقِمِ الصَّلَاةَ ، وَآتِ الزَّكَاةَ ، وَاهْجُرِ السُّوءَ ، وَاسْكُنْ مِنْ أَرْضِ قَوْمِكَ حَيْثُ شِئْتَ تَكُنْ مُهَاجِرًا .
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تِبْيَانُ الْهِجْرَةِ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا مَنْ يَدْخُلُ فِيهَا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَأَنَّهَا بِهَجْرِهِ السُّوءَ ، وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ مِنَ السُّكْنَى بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ ، وَأَنَّهَا خِلَافُ الْهِجْرَةِ الَّتِي تَمْنَعُ مِنَ السُّكْنَى فِي الدَّارِ الَّتِي كَانَ الْمُهَاجِرُ مِنْهَا .
وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا بَيَانٌ لِمَا وَصَفْنَا ، وَقَدْ وَجَدْنَا مَا هُوَ أَدَلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كِتَابِهِ : وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، [7/51] فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ السَّابِقِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُمُ الْمُهَاجِرُونَ ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدَّارِ الَّتِي كَانَ فِيهَا مِنْ دُورِ الْكُفْرِ مِنْ مَكَّةَ وَمِمَّنْ سِوَاهَا إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الْأَنْصَارَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِيهَا هُمُ الَّذِينَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ مِنْهُمْ فِي أَمْرِهِ مَا كَانَ مِنْهُمْ فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ وَالتَّصْدِيقِ لَهُ ، وَالْبَذْلَةِ مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لَهُ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمْ أَعْظَمَ الدُّورِ الَّتِي كَانَ فِيهَا الْكُفَّارُ بِهِ وَالرَّاغِبُونَ عَنْهُ وَالْمُقَاتِلُونَ لَهُ ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ هُمُ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَبَعْدَ أَنْ صَارَتْ مَكَّةُ دَارَ إِسْلَامٍ .
وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُجَاشِعٍ لَمَّا أَتَاهُ بِأَخِيهِ بَعْدَ الْفَتْحِ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ : لَا بَلْ يُبَايِعُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَإِنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَيَكُونُ مِنَ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ ، وَاللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
.
2639 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ جَمِيعًا ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو عِيسَى فُدَيْكُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ فُدَيْكٍ قَالَ : [7/50] خَرَجَ فُدَيْكٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا فُدَيْكُ ، أَقِمِ الصَّلَاةَ ، وَآتِ الزَّكَاةَ ، وَاهْجُرِ السُّوءَ ، وَاسْكُنْ مِنْ أَرْضِ قَوْمِكَ حَيْثُ شِئْتَ تَكُنْ مُهَاجِرًا .
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تِبْيَانُ الْهِجْرَةِ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا مَنْ يَدْخُلُ فِيهَا بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَأَنَّهَا بِهَجْرِهِ السُّوءَ ، وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ مِنَ السُّكْنَى بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ ، وَأَنَّهَا خِلَافُ الْهِجْرَةِ الَّتِي تَمْنَعُ مِنَ السُّكْنَى فِي الدَّارِ الَّتِي كَانَ الْمُهَاجِرُ مِنْهَا .
وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا بَيَانٌ لِمَا وَصَفْنَا ، وَقَدْ وَجَدْنَا مَا هُوَ أَدَلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَا ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كِتَابِهِ : وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، [7/51] فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ السَّابِقِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُمُ الْمُهَاجِرُونَ ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدَّارِ الَّتِي كَانَ فِيهَا مِنْ دُورِ الْكُفْرِ مِنْ مَكَّةَ وَمِمَّنْ سِوَاهَا إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الْأَنْصَارَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِيهَا هُمُ الَّذِينَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَ مِنْهُمْ فِي أَمْرِهِ مَا كَانَ مِنْهُمْ فِيهِ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ وَالتَّصْدِيقِ لَهُ ، وَالْبَذْلَةِ مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لَهُ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمْ أَعْظَمَ الدُّورِ الَّتِي كَانَ فِيهَا الْكُفَّارُ بِهِ وَالرَّاغِبُونَ عَنْهُ وَالْمُقَاتِلُونَ لَهُ ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ هُمُ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَبَعْدَ أَنْ صَارَتْ مَكَّةُ دَارَ إِسْلَامٍ .
وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُجَاشِعٍ لَمَّا أَتَاهُ بِأَخِيهِ بَعْدَ الْفَتْحِ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ : لَا بَلْ يُبَايِعُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَإِنَّهُ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ ، وَيَكُونُ مِنَ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ ، وَاللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ
.