وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ ، فَكَانَ فِي هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ إِخْرَاجُ الْمُطَلَّقَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهِنَّ مِنَ الْمُتَعِ اللَّاتِي ذَكَرْنَا ، ثُمَّ الْتَمَسْنَا حُكْمَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، فَوَجَدْنَا الْوَاجِبَ إِبْدَالًا مِنَ الْإِبْضَاعِ يَجِبُ بِوُقُوعِ التَّزْوِيجَاتِ وَانْعِقَادِهَا ، لَا بِمَا سِوَى ذَلِكَ ، وَلَمَّا كَانَتِ الْمُتَعُ لَا تُوجِبُهَا التَّزْوِيجَاتُ اللَّاتِي لَا طَلَاقَ مَعَهَا ، كَانَ بِأَنْ لَا يُوجِبَهَا الطَّلَاقُ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهَا أَحْرَى ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَأَيْنَا الطَّلَاقَ يُوجِبُ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ ، وَلَمْ يَكُونَا وَاجِبَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ .
[7/59] فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ - بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ - أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ ، وَلَكِنَّهُمَا قَدْ كَانَا وَاجِبَيْنِ بِالتَّزْوِيجِ وُجُوبًا لَمْ يَرْفَعْهُ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ فِيهِ ، فَهَذِهِ حُجَّةٌ فِي وُجُوبِ التَّمَتُّعِ لِلْمُطَلَّقَاتِ بَعْدَ الدُّخُولِ ، فَأَمَّا الْمُطَلَّقَاتُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِنَّ ، هَلْ لَهُنَّ مُتَعٌ يُحْكَمُ بِهَا عَلَى مُطَلِّقِيهِمُ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا فَرَضُوا لَهُنَّ صَدَاقًا أَمْ لَا ؟ فَقَالَ قَائِلُونَ : لَهُنَّ عَلَيْهِمُ الْمُتَعُ ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَقَادِيرِ الْمُتَعِ ، فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : هِيَ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ اللِّبَاسِ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِمَا ، وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : مِقْدَارُ الْمُتْعَةِ فِي هَذَا هُوَ نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا اللَّاتِي يُرْجَعُ فِي مِثْلِ صَدَاقِهَا إِلَى أَمْثَالِ صَدَقَاتِ أَمْثَالِهِنَّ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ عَلَى أُصُولِهِمُ الَّتِي بَنَوْا هَذَا الْمَعْنَى عَلَيْهَا ، وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ : إِنَّ الْمُتَعَ فِي هَذَا مَحْضُوضٌ عَلَيْهَا ، مَأْمُورٌ بِهَا غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَيْهَا ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَخَالَفَ الْآخَرِينَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ أُولَئِكَ يُوجِبُونَهَا ، وَيُجْبِرُونَ عَلَيْهَا ، وَيَحْبِسُونَ فِيهَا ، وَكَانَ الْأَوْلَى مِمَّا قَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - الْإِيجَابَ لَهَا ، وَالْحَبْسَ فِيهَا ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ وَقَعَ بِلَا تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ ، أَوْجَبَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا عَلَى زَوْجِهَا ، كَمَا أَوْجَبَ مِلْكَ بُضْعِهَا لِزَوْجِهَا ، فَلَمَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَسْقَطَ عَنِ الزَّوْجِ نِصْفَ [7/60] الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ مِمَّا قَدْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي جَمِيعِهِ لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ ، فَإِذَا طَلَّقَ فَسَقَطَ عَنْهُ بِالطَّلَاقِ نِصْفُهُ ، بَقِيَ النِّصْفُ الْبَاقِي عَلَيْهِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِهِ إِيَّاهُ ، وَأَخْذِهِ بِهِ وَحَبْسِهِ فِيهِ ، كَمَا إِذَا سَمَّى لَهَا صَدَاقًا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا ، فَزَالَ عَنْهُ نِصْفُهُ ، يَكُونُ النِّصْفُ الْبَاقِي لَهَا عَلَيْهِ عَلَى حُكْمِ كُلِّهِ الَّذِي كَانَ لَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ مِنْ لُزُومِهِ إِيَّاهُ لَهَا ، وَمِنْ حَبْسِهِ لَهَا فِيهِ .
وَقَدْ رُوِيَتْ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ آثَارٌ فِي الْمُتَعِ بِالطَّلَاقِ نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ
.
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ ، فَكَانَ فِي هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ إِخْرَاجُ الْمُطَلَّقَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهِنَّ مِنَ الْمُتَعِ اللَّاتِي ذَكَرْنَا ، ثُمَّ الْتَمَسْنَا حُكْمَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، فَوَجَدْنَا الْوَاجِبَ إِبْدَالًا مِنَ الْإِبْضَاعِ يَجِبُ بِوُقُوعِ التَّزْوِيجَاتِ وَانْعِقَادِهَا ، لَا بِمَا سِوَى ذَلِكَ ، وَلَمَّا كَانَتِ الْمُتَعُ لَا تُوجِبُهَا التَّزْوِيجَاتُ اللَّاتِي لَا طَلَاقَ مَعَهَا ، كَانَ بِأَنْ لَا يُوجِبَهَا الطَّلَاقُ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهَا أَحْرَى ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَأَيْنَا الطَّلَاقَ يُوجِبُ النَّفَقَةَ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ ، وَلَمْ يَكُونَا وَاجِبَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ .
[7/59] فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ - بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ - أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ ، وَلَكِنَّهُمَا قَدْ كَانَا وَاجِبَيْنِ بِالتَّزْوِيجِ وُجُوبًا لَمْ يَرْفَعْهُ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ فِيهِ ، فَهَذِهِ حُجَّةٌ فِي وُجُوبِ التَّمَتُّعِ لِلْمُطَلَّقَاتِ بَعْدَ الدُّخُولِ ، فَأَمَّا الْمُطَلَّقَاتُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِنَّ ، هَلْ لَهُنَّ مُتَعٌ يُحْكَمُ بِهَا عَلَى مُطَلِّقِيهِمُ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا فَرَضُوا لَهُنَّ صَدَاقًا أَمْ لَا ؟ فَقَالَ قَائِلُونَ : لَهُنَّ عَلَيْهِمُ الْمُتَعُ ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَقَادِيرِ الْمُتَعِ ، فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ : هِيَ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ مِنَ اللِّبَاسِ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِمَا ، وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : مِقْدَارُ الْمُتْعَةِ فِي هَذَا هُوَ نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا اللَّاتِي يُرْجَعُ فِي مِثْلِ صَدَاقِهَا إِلَى أَمْثَالِ صَدَقَاتِ أَمْثَالِهِنَّ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ عَلَى أُصُولِهِمُ الَّتِي بَنَوْا هَذَا الْمَعْنَى عَلَيْهَا ، وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ : إِنَّ الْمُتَعَ فِي هَذَا مَحْضُوضٌ عَلَيْهَا ، مَأْمُورٌ بِهَا غَيْرُ مُجْبَرٍ عَلَيْهَا ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَخَالَفَ الْآخَرِينَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ أُولَئِكَ يُوجِبُونَهَا ، وَيُجْبِرُونَ عَلَيْهَا ، وَيَحْبِسُونَ فِيهَا ، وَكَانَ الْأَوْلَى مِمَّا قَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - الْإِيجَابَ لَهَا ، وَالْحَبْسَ فِيهَا ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ وَقَعَ بِلَا تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ ، أَوْجَبَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا عَلَى زَوْجِهَا ، كَمَا أَوْجَبَ مِلْكَ بُضْعِهَا لِزَوْجِهَا ، فَلَمَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَسْقَطَ عَنِ الزَّوْجِ نِصْفَ [7/60] الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ مِمَّا قَدْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي جَمِيعِهِ لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ ، فَإِذَا طَلَّقَ فَسَقَطَ عَنْهُ بِالطَّلَاقِ نِصْفُهُ ، بَقِيَ النِّصْفُ الْبَاقِي عَلَيْهِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ فُرُوضِهِ إِيَّاهُ ، وَأَخْذِهِ بِهِ وَحَبْسِهِ فِيهِ ، كَمَا إِذَا سَمَّى لَهَا صَدَاقًا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا ، فَزَالَ عَنْهُ نِصْفُهُ ، يَكُونُ النِّصْفُ الْبَاقِي لَهَا عَلَيْهِ عَلَى حُكْمِ كُلِّهِ الَّذِي كَانَ لَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ مِنْ لُزُومِهِ إِيَّاهُ لَهَا ، وَمِنْ حَبْسِهِ لَهَا فِيهِ .
وَقَدْ رُوِيَتْ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ آثَارٌ فِي الْمُتَعِ بِالطَّلَاقِ نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ
.