حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُدْعَى إِلَى الطَّعَامِ ، فَيَذْهَبُ إِلَيْهِ وَنَذْهَبُ مَعَهُ ، فَيُنَادِي : شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا ، وَيُمْنَعُ مِنْهَا مَنْ يَأْتِيهَا .
[8/19] فَوَافَقَ مَيْمُونَ بْنَ مَيْسَرَةَ فِيمَا رُوِيَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، مَالِكٌ فِيمَا رَوَاهُ عَلَيْهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَخَالَفَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيمَا رَوَاهُ عَلَيْهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى مَعْنَاهُ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ ، فَوَجَدْنَا الطَّعَامَ الْمَقْصُودَ بِمَا ذُكِرَ إِلَيْهِ فِيهِ هُوَ الْوَلِيمَةُ ، وَكَانَتِ الْوَلِيمَةُ صِنْفًا مِنَ الْأَطْعِمَةِ ؛ لِأَنَّ فِي الْأَطْعِمَةِ أَصْنَافًا سِوَاهَا نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ ، وَهُوَ مَا سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ : كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي الطَّعَامَ الَّذِي يُطْعِمُهُ الرَّجُلُ إِذَا وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ : طَعَامَ الْخُرْسِ ، وَتُسَمِّي طَعَامَ الْخِتَانِ طَعَامَ الْإِعْذَارِ ، يَقُولُونَ : قَدْ أُعْذِرَ عَلَى وَلَدِهِ ، وَإِذَا بَنَى الرَّجُلُ دَارًا أَوِ اشْتَرَاهَا فَأَطْعَمَ قِيلَ : طَعَامُ الْوَكِيرَةِ أَيْ : مِنَ الْوَكْرِ . وَإِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ، فَأَطْعَمَ قِيلَ : طَعَامُ النَّقِيعَةِ ، قَالَ : وَأَنْشَدَ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ صَاحِبُ الْأَصْمَعِيِّ :
إِنَّا لَنَضْرِبُ بِالسُّيُوفِ رُؤُوسَهُمْ
ضَرْبَ الْقُدَارِ نَقِيعَةَ الْقُدَّامِ
[8/20] قَالَ : وَالْقُدَارُ : الْجَزَّارُ ، وَالْقُدَّامُ : الْقَادِمُونَ ، يُقَالُ : قَادِمٌ وَقُدَّامُ كَمَا يُقَالُ : كَاتِبٌ وَكُتَّابٌ .
وَطَعَامُ الْمَأْتَمِ يُقَالُ لَهُ : طَعَامُ الْهَضِيمَةِ . قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ : وَأَنْشَدَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْوَائِلِيُّ لِأُمِّ حَكِيمٍ ابْنَةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِأَبِيهَا :
كَفَى قَوْمَهُ نَائِبَاتِ الْخُطُوبِ
فِي آخِرِ الدَّهْرِ وَالْأَوَّلِ
طَعَامُ الْهَضَائِمِ وَالْمَأْدُبَاتِ
وَحَمْلٌ عَنِ الْغَارِمِ الْمُثْقَلِ
وَطَعَامُ الدَّعْوَةِ : طَعَامُ الْمَأْدُبَةِ ، قَالَ لِي ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ : وَمَا سَمِعْتُ طَعَامَ الْهَضِيمَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْبَغْدَادِيِّينَ ، وَإِنَّمَا سَمِعْتُهُ بِالْبَصْرَةِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِهَا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَطَعَامُ الْوَلِيمَةِ خِلَافُ هَذِهِ الْأَطْعِمَةِ ، وَفِي قَصْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَلَامِ الَّذِي قَصَدَ بِهِ إِلَيْهِ فِيهِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ حُكْمُهُ [8/21] فِي الدُّعَاءِ إِلَيْهِ خِلَافَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ الْمُدْعَى إِلَيْهَا ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاكْتَفَى بِذِكْرِ الطَّعَامِ ، وَلَمْ يَقْصِدْ إِلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ ، فَيَذْكُرَهُ بِهِ ، وَيَدَعَ مَا سِوَاهُ مِنْ أَسْمَائِهِ فَلَا يَذْكُرُهَا .
فَنَظَرْنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ حُكْمُ ذَلِكَ الطَّعَامِ مِنْ حُكْمِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ
.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ مَيْسَرَةَ ، قَالَ : كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُدْعَى إِلَى الطَّعَامِ ، فَيَذْهَبُ إِلَيْهِ وَنَذْهَبُ مَعَهُ ، فَيُنَادِي : شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا ، وَيُمْنَعُ مِنْهَا مَنْ يَأْتِيهَا .
[8/19] فَوَافَقَ مَيْمُونَ بْنَ مَيْسَرَةَ فِيمَا رُوِيَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، مَالِكٌ فِيمَا رَوَاهُ عَلَيْهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَخَالَفَ ابْنُ عُيَيْنَةَ فِيمَا رَوَاهُ عَلَيْهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى مَعْنَاهُ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ ، فَوَجَدْنَا الطَّعَامَ الْمَقْصُودَ بِمَا ذُكِرَ إِلَيْهِ فِيهِ هُوَ الْوَلِيمَةُ ، وَكَانَتِ الْوَلِيمَةُ صِنْفًا مِنَ الْأَطْعِمَةِ ؛ لِأَنَّ فِي الْأَطْعِمَةِ أَصْنَافًا سِوَاهَا نَحْنُ ذَاكِرُوهَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ ، وَهُوَ مَا سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَقُولُ : كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي الطَّعَامَ الَّذِي يُطْعِمُهُ الرَّجُلُ إِذَا وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ : طَعَامَ الْخُرْسِ ، وَتُسَمِّي طَعَامَ الْخِتَانِ طَعَامَ الْإِعْذَارِ ، يَقُولُونَ : قَدْ أُعْذِرَ عَلَى وَلَدِهِ ، وَإِذَا بَنَى الرَّجُلُ دَارًا أَوِ اشْتَرَاهَا فَأَطْعَمَ قِيلَ : طَعَامُ الْوَكِيرَةِ أَيْ : مِنَ الْوَكْرِ . وَإِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ ، فَأَطْعَمَ قِيلَ : طَعَامُ النَّقِيعَةِ ، قَالَ : وَأَنْشَدَ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ صَاحِبُ الْأَصْمَعِيِّ :
إِنَّا لَنَضْرِبُ بِالسُّيُوفِ رُؤُوسَهُمْ
ضَرْبَ الْقُدَارِ نَقِيعَةَ الْقُدَّامِ
[8/20] قَالَ : وَالْقُدَارُ : الْجَزَّارُ ، وَالْقُدَّامُ : الْقَادِمُونَ ، يُقَالُ : قَادِمٌ وَقُدَّامُ كَمَا يُقَالُ : كَاتِبٌ وَكُتَّابٌ .
وَطَعَامُ الْمَأْتَمِ يُقَالُ لَهُ : طَعَامُ الْهَضِيمَةِ . قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ : وَأَنْشَدَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو الْوَائِلِيُّ لِأُمِّ حَكِيمٍ ابْنَةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِأَبِيهَا :
كَفَى قَوْمَهُ نَائِبَاتِ الْخُطُوبِ
فِي آخِرِ الدَّهْرِ وَالْأَوَّلِ
طَعَامُ الْهَضَائِمِ وَالْمَأْدُبَاتِ
وَحَمْلٌ عَنِ الْغَارِمِ الْمُثْقَلِ
وَطَعَامُ الدَّعْوَةِ : طَعَامُ الْمَأْدُبَةِ ، قَالَ لِي ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ : وَمَا سَمِعْتُ طَعَامَ الْهَضِيمَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْبَغْدَادِيِّينَ ، وَإِنَّمَا سَمِعْتُهُ بِالْبَصْرَةِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِهَا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَطَعَامُ الْوَلِيمَةِ خِلَافُ هَذِهِ الْأَطْعِمَةِ ، وَفِي قَصْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَلَامِ الَّذِي قَصَدَ بِهِ إِلَيْهِ فِيهِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ حُكْمُهُ [8/21] فِي الدُّعَاءِ إِلَيْهِ خِلَافَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ الْمُدْعَى إِلَيْهَا ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاكْتَفَى بِذِكْرِ الطَّعَامِ ، وَلَمْ يَقْصِدْ إِلَى اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ ، فَيَذْكُرَهُ بِهِ ، وَيَدَعَ مَا سِوَاهُ مِنْ أَسْمَائِهِ فَلَا يَذْكُرُهَا .
فَنَظَرْنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ حُكْمُ ذَلِكَ الطَّعَامِ مِنْ حُكْمِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَطْعِمَةِ
.