3596 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : كَانَتْ عُكَاظُ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَّجِرُونَ فِيهَا ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا مِنْهَا ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ } فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ الَّذِي مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنِ انْشِمَارِهِ إِلَى ذِي الْمَجَازِ لِيَأْمُرَ النَّاسَ جَمِيعًا بِمُوَافَاةِ الْمَوْسِمِ لِيَسْمَعُوا مَا يُقْرَأُ هُنَاكَ مِمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مَنْ بَعْثِهِ فِيهِ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ ، ثُمَّ صَارَ إِلَى عَرَفَةَ بِالنَّاسِ ، فَوَقَفَ بِهَا ، وَهِيَ صِلَةُ الْحَجِّ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ صَارَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ ، وَبَعْدَ أَنْ رَمَى وَحَلَقَ حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ ، وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ طَافَ وَلَمْ يَكُنْ طَافَ عِنْدَ قُدُومِهِ بِالْبَيْتِ أَنَّهُ يَرْمُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ الْأُوَلِ مِنْهَا إِذَا لَمْ يَرْمُلْهَا فِي الطَّوَافِ الَّذِي يَرْمُلُ فِيهِ وَهُوَ طَوَافُ الْقُدُومِ ، وَأَنَّهُ سَعَى بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، كَمَا يَسْعَى [9/233] بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ ، بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ ، وَقَدْ كَانَ طَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ مِنْ تَرْكِ الرَّمَلِ فِيهِ ، وَمِنْ تَرْكِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَلَمْ يُهْمِلْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَمْرَ الْخُطْبَةِ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِمَكَّةَ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ لَهُ عَلَى مَكَّةَ حِينَئِذٍ عَامِلٌ لَهُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ الْأُمَوِيُّ ، فَخَطَبَ النَّاسَ بِمَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ، ثُمَّ وَافَى أَبَا بَكْرٍ بِالنَّاسِ بِعَرَفَةَ حَتَّى قَضَى بِهِمْ بَقِيَّةَ حَجِّهِمْ ، فَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَجِّهِ مِمَّا إِلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ لِلنَّاسِ ; إِذْ كَانَ أَمِيرُهُمْ فِي حَجِّهِمْ لَا نَقْصَ فِيهِ عَمَّا يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَهُ أَمِيرُ الْحَاجِّ فِي حَجِّهِ بِالنَّاسِ ، وَهِيَ حَجَّةٌ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا فِي الْإِسْلَامِ حَجَّةٌ إِلَّا حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ حَجَّهَا بِالنَّاسِ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ ، [9/234] وَيُقَالُ : إِنَّهَا كَانَتْ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ ; لِأَنَّ الزَّمَانَ أَيْضًا اسْتَدَارَ إِلَى ذِي الْحِجَّةِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّهَا أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ وَأَقَرَّ الْحَجَّ فِيهِ ، وَحَجَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فِي السَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ ، وَجَرَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .
3596 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : كَانَتْ عُكَاظُ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَّجِرُونَ فِيهَا ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ كَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا مِنْهَا ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ } فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ الَّذِي مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنِ انْشِمَارِهِ إِلَى ذِي الْمَجَازِ لِيَأْمُرَ النَّاسَ جَمِيعًا بِمُوَافَاةِ الْمَوْسِمِ لِيَسْمَعُوا مَا يُقْرَأُ هُنَاكَ مِمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مَنْ بَعْثِهِ فِيهِ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ ، ثُمَّ صَارَ إِلَى عَرَفَةَ بِالنَّاسِ ، فَوَقَفَ بِهَا ، وَهِيَ صِلَةُ الْحَجِّ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ بَعْدَ أَنْ صَارَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ ، وَبَعْدَ أَنْ رَمَى وَحَلَقَ حَتَّى طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ يَوْمِ النَّحْرِ وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ الَّذِي لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إِلَّا بِهِ ، وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ طَافَ وَلَمْ يَكُنْ طَافَ عِنْدَ قُدُومِهِ بِالْبَيْتِ أَنَّهُ يَرْمُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ الْأُوَلِ مِنْهَا إِذَا لَمْ يَرْمُلْهَا فِي الطَّوَافِ الَّذِي يَرْمُلُ فِيهِ وَهُوَ طَوَافُ الْقُدُومِ ، وَأَنَّهُ سَعَى بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، كَمَا يَسْعَى [9/233] بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ ، بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ ، وَقَدْ كَانَ طَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ مِنْ تَرْكِ الرَّمَلِ فِيهِ ، وَمِنْ تَرْكِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَلَمْ يُهْمِلْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَمْرَ الْخُطْبَةِ الَّتِي قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِمَكَّةَ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ لَهُ عَلَى مَكَّةَ حِينَئِذٍ عَامِلٌ لَهُ عَلَيْهَا وَهُوَ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ الْأُمَوِيُّ ، فَخَطَبَ النَّاسَ بِمَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ، ثُمَّ وَافَى أَبَا بَكْرٍ بِالنَّاسِ بِعَرَفَةَ حَتَّى قَضَى بِهِمْ بَقِيَّةَ حَجِّهِمْ ، فَكَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَجِّهِ مِمَّا إِلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ لِلنَّاسِ ; إِذْ كَانَ أَمِيرُهُمْ فِي حَجِّهِمْ لَا نَقْصَ فِيهِ عَمَّا يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَهُ أَمِيرُ الْحَاجِّ فِي حَجِّهِ بِالنَّاسِ ، وَهِيَ حَجَّةٌ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا فِي الْإِسْلَامِ حَجَّةٌ إِلَّا حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ حَجَّهَا بِالنَّاسِ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ ، [9/234] وَيُقَالُ : إِنَّهَا كَانَتْ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ ; لِأَنَّ الزَّمَانَ أَيْضًا اسْتَدَارَ إِلَى ذِي الْحِجَّةِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّهَا أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ وَأَقَرَّ الْحَجَّ فِيهِ ، وَحَجَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فِي السَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ ، وَجَرَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .