وَلَقَدْ سَمِعْتُ بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ يَذْكُرُ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ فَأَتَاهُ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَمْرٍو ، أَيَجُوزُ أَنْ يَعِدَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَمَلٍ ثَوَابًا ، ثُمَّ لَا يُنْجِزُهُ ؟ قَالَ أَبُو عَمْرٍو : لَا ، قَالَ فَكَذَلِكَ إِذَا أَوْعَدَ عَلَى عَمَلٍ عِقَابًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ لَا يُنْجِزَهُ فَقَالَ [10/244] لَهُ أَبُو عَمْرٍو : مِنْ قِبَلِ الْعُجْمَةِ أُتِيتَ ، إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا وَعَدَتْ فَشَرَفُهَا أَنْ تَفِيَ ، وَإِذَا أَوْعَدَتْ فَشَرَفُهَا أَنْ لَا تَفِيَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَكَرْتُ أَنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْإِمَامِ فَعَرَفَهُ ، وَقَالَ : سَمِعْتُهُ مِنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَنْبَرِيِّ الْقَاضِي كَمَا ذَكَرْتَهُ لِي عَنْ بَكَّارٍ غَيْرَ أَنَّ سَوَّارًا زَادَ مَا فِيهِ ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ : ثُمَّ الْتَفَتَ أَبُو عَمْرٍو إِلَيْنَا فَأَنْشَدَنَا :
وَلَا يَرْهَبُ ابْنُ الْعَمِّ وَالْجَارُ صَوْلَتِي
وَلَا أَخْتَشِي مِنْ صَوْلَةِ الْمُتَهَدِّدِ
وَإِنِّي إِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ
لَأُخْلِفُ إِبْعَادِي وَأُنْجِزُ مَوْعِدِي

[10/245] فَقَالَ قَائِلٌ : الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا إِنَّمَا كَانَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ وَصْفُهُ الرَّجُلَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِخَصْفِ النَّعْلِ ، وَلَكِنَّ الرُّوَاةَ لَمْ يَضْبِطُوهُ فَجَاؤُوا بِهِ عَلَى مَا جَاؤُوا بِهِ مِمَّا جَعَلْتَهُ أَنْتَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كَمَا تَوَهَّمَ ، لِأَنَّ رُوَاةَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا عُدُولٌ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفُقَهَاءُ فِي دِينِ رَبِّهِمْ وَأَثْبَاتٌ فِي أَحَادِيثِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفُصَحَاءُ فِي لُغَاتِهِمْ يَعْرِفُونَ مَا خُوطِبُوا بِهِ ; لِأَنَّهُمْ خُوطِبُوا بِلُغَتِهِمْ وَلِأَنَّهُمُ الْفُهَمَاءُ بِأُمُورِ دِينِهِمْ ، وَالنَّاقِلُونَ إِلَيْنَا مَا سَمِعُوهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ وَمِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْهُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، وَأَمَّا خَصْفُ النَّعْلِ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي يَوْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، وَذَلِكَ أَوْلَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ حَتَّى لَا تَتَضَادَّ ، وَمِمَّا قَدْ حَقَّقَ الْوَعْدَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا كَانَ فِي أَمْرِ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ
.
وَلَقَدْ سَمِعْتُ بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ يَذْكُرُ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ فَأَتَاهُ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَمْرٍو ، أَيَجُوزُ أَنْ يَعِدَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَمَلٍ ثَوَابًا ، ثُمَّ لَا يُنْجِزُهُ ؟ قَالَ أَبُو عَمْرٍو : لَا ، قَالَ فَكَذَلِكَ إِذَا أَوْعَدَ عَلَى عَمَلٍ عِقَابًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ لَا يُنْجِزَهُ فَقَالَ [10/244] لَهُ أَبُو عَمْرٍو : مِنْ قِبَلِ الْعُجْمَةِ أُتِيتَ ، إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا وَعَدَتْ فَشَرَفُهَا أَنْ تَفِيَ ، وَإِذَا أَوْعَدَتْ فَشَرَفُهَا أَنْ لَا تَفِيَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَكَرْتُ أَنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْإِمَامِ فَعَرَفَهُ ، وَقَالَ : سَمِعْتُهُ مِنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَنْبَرِيِّ الْقَاضِي كَمَا ذَكَرْتَهُ لِي عَنْ بَكَّارٍ غَيْرَ أَنَّ سَوَّارًا زَادَ مَا فِيهِ ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ : ثُمَّ الْتَفَتَ أَبُو عَمْرٍو إِلَيْنَا فَأَنْشَدَنَا :
وَلَا يَرْهَبُ ابْنُ الْعَمِّ وَالْجَارُ صَوْلَتِي
وَلَا أَخْتَشِي مِنْ صَوْلَةِ الْمُتَهَدِّدِ
وَإِنِّي إِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ
لَأُخْلِفُ إِبْعَادِي وَأُنْجِزُ مَوْعِدِي

[10/245] فَقَالَ قَائِلٌ : الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا إِنَّمَا كَانَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ وَصْفُهُ الرَّجُلَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِخَصْفِ النَّعْلِ ، وَلَكِنَّ الرُّوَاةَ لَمْ يَضْبِطُوهُ فَجَاؤُوا بِهِ عَلَى مَا جَاؤُوا بِهِ مِمَّا جَعَلْتَهُ أَنْتَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كَمَا تَوَهَّمَ ، لِأَنَّ رُوَاةَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا عُدُولٌ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفُقَهَاءُ فِي دِينِ رَبِّهِمْ وَأَثْبَاتٌ فِي أَحَادِيثِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفُصَحَاءُ فِي لُغَاتِهِمْ يَعْرِفُونَ مَا خُوطِبُوا بِهِ ; لِأَنَّهُمْ خُوطِبُوا بِلُغَتِهِمْ وَلِأَنَّهُمُ الْفُهَمَاءُ بِأُمُورِ دِينِهِمْ ، وَالنَّاقِلُونَ إِلَيْنَا مَا سَمِعُوهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ وَمِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْهُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، وَأَمَّا خَصْفُ النَّعْلِ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي يَوْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، وَذَلِكَ أَوْلَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ حَتَّى لَا تَتَضَادَّ ، وَمِمَّا قَدْ حَقَّقَ الْوَعْدَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا كَانَ فِي أَمْرِ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ
.