4617 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ عِمْرَانَ السُّلَمِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَجْعَلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا ، فَإِنْ أَصْبَحَ ذَهَبًا اتَّبَعْنَاكَ ، فَدَعَا رَبَّهُ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَالَ : إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَؤُكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ : إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمْ ذَهَبًا ، وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَهُ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَابًا أَلِيمًا لَمْ أُعَذِّبْهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ ، قَالَ : بَلْ يَا رَبِّ التَّوْبَةَ وَالرَّحْمَةَ .
[12/32] فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ، تَخْيِيرُ جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَاخْتِيَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ فِي اخْتِيَارِهِ مِنْهُمَا .
فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا اخْتَارَهُ مِنْ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا هُوَ كَرَاهِيَةُ أَنْ يَخْتَارَ السَّبَبَ الْآخَرَ مِنْهُمَا ، فَتَكْفُرُ قُرَيْشٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُصِيبُهُمُ الْعَذَابُ الَّذِي أَوْعَدَهُمُ اللهُ بِهِ ، إِنْ فَعَلَ لَهُمْ مَا سَأَلُوهُ ، ثُمَّ كَفَرُوا بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، كَمَا فَعَلَهُ بِمَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ بَعْدَ أَنْ أَرَاهُمُ الْآيَاتِ الَّتِي كَانُوا سَأَلُوهَا مِنْهُ ، وَإِنَّ اخْتِيَارَهُ لَهُمُ الْمَعْنَى الْآخَرَ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَهُمَا ، نَظَرًا لَهُمْ وَرَأْفَةً [12/33] بِهِمْ وَاخْتِيَارًا لَهُمْ خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا اخْتَارُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ بَعْدَ ذَلِكَ احْتِجَاجًا عَلَيْهِمْ وَتَنْبِيهًا لَهُمْ وَإِعْلَامًا مِنْهُ إِيَّاهُمْ ، أَنَّ مَعَهُمْ مِنْ آيَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِمَّا سَأَلُوهُ مِنْ ذَلِكَ وَأَدَلُّ عَلَيْهِ ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمْ مَعَهُ الْإِيمَانَ بِهِ ، وَالتَّصْدِيقَ لِرَسُولِهِ بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ مِنْ خَلْقِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَمِنِ اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ الَّذِي يَرَوْنَهُ مُنْذُ خَلْقِهِمْ ، وَيَرَاهُ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ آبَائِهِمْ عَلَى مَا يَرَوْنَهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى مَا قَامَتِ الْحُجَّةُ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ لِعَجْزِ الْخَلْقِ عَنْهُ ، وَإِذَا كَانَ مَعَهُمْ مِنْ آيَاتِهِ مَا ذَكَرْنَا غَنُوا بِهِ عَمَّا سِوَاهُ مِمَّا هُوَ دُونَهُ ، لَا سِيَّمَا مَا لَوْ جَاءَهُمْ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِعَقِبِهِ تَلَاهُ هَلَاكُهُمْ ، كَمَا قَدْ كَانَ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَمْثَالِهِمْ لَمَّا سَأَلُوا أَنْ يَرَوْا مَا أُرُوا فَلَمْ يَرْعَوُوا عَنْ ذَلِكَ ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا فَأَصَابَهُمْ مِنْ عَذَابِهِ مَا أَصَابَهُمْ بِهِ ، وَعَاجَلَهُمْ مِنْ عُقُوبَتِهِ بِمَا عَاجَلَهُمْ بِهِ حَتَّى لَا يُرَى لَهُمْ بَاقِيَةٌ
.
4617 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ عِمْرَانَ السُّلَمِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَجْعَلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا ، فَإِنْ أَصْبَحَ ذَهَبًا اتَّبَعْنَاكَ ، فَدَعَا رَبَّهُ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَالَ : إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَؤُكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ : إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمْ ذَهَبًا ، وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَهُ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَابًا أَلِيمًا لَمْ أُعَذِّبْهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ ، قَالَ : بَلْ يَا رَبِّ التَّوْبَةَ وَالرَّحْمَةَ .
[12/32] فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ، تَخْيِيرُ جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَاخْتِيَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ فِي اخْتِيَارِهِ مِنْهُمَا .
فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا اخْتَارَهُ مِنْ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا هُوَ كَرَاهِيَةُ أَنْ يَخْتَارَ السَّبَبَ الْآخَرَ مِنْهُمَا ، فَتَكْفُرُ قُرَيْشٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُصِيبُهُمُ الْعَذَابُ الَّذِي أَوْعَدَهُمُ اللهُ بِهِ ، إِنْ فَعَلَ لَهُمْ مَا سَأَلُوهُ ، ثُمَّ كَفَرُوا بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، كَمَا فَعَلَهُ بِمَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ بَعْدَ أَنْ أَرَاهُمُ الْآيَاتِ الَّتِي كَانُوا سَأَلُوهَا مِنْهُ ، وَإِنَّ اخْتِيَارَهُ لَهُمُ الْمَعْنَى الْآخَرَ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَهُمَا ، نَظَرًا لَهُمْ وَرَأْفَةً [12/33] بِهِمْ وَاخْتِيَارًا لَهُمْ خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا اخْتَارُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ بَعْدَ ذَلِكَ احْتِجَاجًا عَلَيْهِمْ وَتَنْبِيهًا لَهُمْ وَإِعْلَامًا مِنْهُ إِيَّاهُمْ ، أَنَّ مَعَهُمْ مِنْ آيَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِمَّا سَأَلُوهُ مِنْ ذَلِكَ وَأَدَلُّ عَلَيْهِ ، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِمْ مَعَهُ الْإِيمَانَ بِهِ ، وَالتَّصْدِيقَ لِرَسُولِهِ بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِهِ مِنْ خَلْقِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَمِنِ اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ الَّذِي يَرَوْنَهُ مُنْذُ خَلْقِهِمْ ، وَيَرَاهُ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ آبَائِهِمْ عَلَى مَا يَرَوْنَهُ عَلَيْهِ ، وَعَلَى مَا قَامَتِ الْحُجَّةُ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ لِعَجْزِ الْخَلْقِ عَنْهُ ، وَإِذَا كَانَ مَعَهُمْ مِنْ آيَاتِهِ مَا ذَكَرْنَا غَنُوا بِهِ عَمَّا سِوَاهُ مِمَّا هُوَ دُونَهُ ، لَا سِيَّمَا مَا لَوْ جَاءَهُمْ فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِعَقِبِهِ تَلَاهُ هَلَاكُهُمْ ، كَمَا قَدْ كَانَ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَمْثَالِهِمْ لَمَّا سَأَلُوا أَنْ يَرَوْا مَا أُرُوا فَلَمْ يَرْعَوُوا عَنْ ذَلِكَ ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا فَأَصَابَهُمْ مِنْ عَذَابِهِ مَا أَصَابَهُمْ بِهِ ، وَعَاجَلَهُمْ مِنْ عُقُوبَتِهِ بِمَا عَاجَلَهُمْ بِهِ حَتَّى لَا يُرَى لَهُمْ بَاقِيَةٌ
.