[14/34] 866 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا جَاءَ بِهِ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْأَمْرِ بِغَسْلِ مَا يُغْسَلُ مِنَ الْأَعْضَاءِ ، وَبِمَسْحِ مَا يُمْسَحُ مِنْهَا فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ : هَلْ هُوَ عَلَى الْفَرْضِ يَفْعَلُ الرَّجُلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ ، أَمْ عَلَى مُمَاسَّةِ الْمَاءِ تِلْكَ الْأَعْضَاءَ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } " . وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي أَمْرِهِ لَقِيطَ بْنَ صَبِرَةَ بِالتَّخْلِيلِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ ، وَبِالْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : ذَلِكَ عَلَى التَّوْكِيدِ ، وَإِصَابَةِ الْفَضْلِ بِالْأَفْعَالِ لِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ الْمَأْمُورِ بِهَا ، وَمُعَانَاةِ ذَلِكَ مِنْهَا بِالْأَيْدِي مِنَ الْمُتَوَضِّئِينَ لِلصَّلَاةِ ، وَمِنَ الْمُغْتَسِلِينَ لِلْجَنَابَاتِ ، وَمِنَ الْمُتَيَمِّمِينَ بِالصُّعُدَاتِ عَنْ إِعْوَازِ الْمَاءِ ، وَأَنَّ مَنْ وَلَّى ذَلِكَ غَيْرَهُ مِنْ نَفْسِهِ ، أَوِ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ حَتَّى مَرَّ عَلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ الَّتِي أُمِرَ أَنْ يُوَضِّئَهَا فِي وُضُوئِهِ لِصَلَاتِهِ ، أَوْ فِي غُسْلِهِ مِنْ جَنَابَتِهِ ، وَتَمَضْمَضَ مَعَ ذَلِكَ وَاسْتَنْشَقَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ [14/35] . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : إِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ ، وَلَا يَكُونُ بِهِ مُتَوَضِّئًا لِصَلَاتِهِ ، وَلَا مُغْتَسِلًا مِنْ جَنَابَتِهِ ، وَلَا مُتَيَمِّمًا لِصَلَاتِهِ ، حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ . وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ ، نَظَرْنَا فِي الْأَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنْ مِرْفَقَيْهِ ، أَوْ مِمَّا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ أَنْ يُوَضِّئَ مَا بَقِيَ مِنْ أَعْضَائِهِ الَّتِي أُمِرَ أَنْ يُوَضِّئَهَا لِصَلَاتِهِ وَغَيْرَ مُسْتَطِيعٍ لِغَسْلِ بَدَنِهِ مِنْ جَنَابَتِهِ ، وَغَيْرَ مُسْتَطِيعٍ لِتَيَمُّمِ وَجْهِهِ بِالصَّعِيدِ : أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِذَلِكَ الْفَرْضُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ بِحُدُوثِ تِلْكَ الْحَادِثَةِ ، وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَ ذَلِكَ غَيْرَهُ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ بِذَلِكَ كَفَاعِلِهِ بِيَدَيْهِ لَوْ كَانَتَا بَاقِيَتَيْنِ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْفَرْضَ كَانَ فِي ذَلِكَ هُوَ فِعْلُ الْمُتَوَضِّئِ إِيَّاهُ بِيَدَيْهِ ، إِمَّا بِنَفْسِهِ ، وَإِمَّا بِفِعْلِ غَيْرِهِ ذَلِكَ بِهِ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَرْضُ فِي ذَلِكَ عَلَى فِعْلِهِ إِيَّاهُ بِيَدَيْهِ كَانَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ الَّذِي قَدْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِمَا ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سِوَاهُ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ ذَلِكَ بِهِ وَلَا مِنْ مُمَاسَّةِ الْمَاءِ إِيَّاهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ، وَلَا فِي السُّنَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا .
وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَبِمَا فِي السُّنَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا مُمَاسَّةُ الْمَاءِ تِلْكَ الْأَعْضَاءَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ، وَأَنَّهُ يَسْتَوِي ذَلِكَ بِفِعْلِ مَنْ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ ، وَمَنْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ ، وَمَنْ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ ، وَبِتَوَلِّي غَيْرِهِمْ ذَلِكَ لَهُمْ ، وَبِمُمَاسَّةِ الْمَاءِ أَعْضَاءَهُمْ تِلْكَ بِأَيِّ مَعْنًى مَاسَّهَا ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ
.
[14/34] 866 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا جَاءَ بِهِ كِتَابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْأَمْرِ بِغَسْلِ مَا يُغْسَلُ مِنَ الْأَعْضَاءِ ، وَبِمَسْحِ مَا يُمْسَحُ مِنْهَا فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ : هَلْ هُوَ عَلَى الْفَرْضِ يَفْعَلُ الرَّجُلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ ، أَمْ عَلَى مُمَاسَّةِ الْمَاءِ تِلْكَ الْأَعْضَاءَ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } " . وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي أَمْرِهِ لَقِيطَ بْنَ صَبِرَةَ بِالتَّخْلِيلِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ فِي الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ ، وَبِالْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : ذَلِكَ عَلَى التَّوْكِيدِ ، وَإِصَابَةِ الْفَضْلِ بِالْأَفْعَالِ لِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ الْمَأْمُورِ بِهَا ، وَمُعَانَاةِ ذَلِكَ مِنْهَا بِالْأَيْدِي مِنَ الْمُتَوَضِّئِينَ لِلصَّلَاةِ ، وَمِنَ الْمُغْتَسِلِينَ لِلْجَنَابَاتِ ، وَمِنَ الْمُتَيَمِّمِينَ بِالصُّعُدَاتِ عَنْ إِعْوَازِ الْمَاءِ ، وَأَنَّ مَنْ وَلَّى ذَلِكَ غَيْرَهُ مِنْ نَفْسِهِ ، أَوِ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ حَتَّى مَرَّ عَلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ الَّتِي أُمِرَ أَنْ يُوَضِّئَهَا فِي وُضُوئِهِ لِصَلَاتِهِ ، أَوْ فِي غُسْلِهِ مِنْ جَنَابَتِهِ ، وَتَمَضْمَضَ مَعَ ذَلِكَ وَاسْتَنْشَقَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ : أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ [14/35] . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ : إِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ ، وَلَا يَكُونُ بِهِ مُتَوَضِّئًا لِصَلَاتِهِ ، وَلَا مُغْتَسِلًا مِنْ جَنَابَتِهِ ، وَلَا مُتَيَمِّمًا لِصَلَاتِهِ ، حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ : مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ . وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ ، نَظَرْنَا فِي الْأَوْلَى مِمَّا قَالُوهُ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنْ مِرْفَقَيْهِ ، أَوْ مِمَّا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى صَارَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ أَنْ يُوَضِّئَ مَا بَقِيَ مِنْ أَعْضَائِهِ الَّتِي أُمِرَ أَنْ يُوَضِّئَهَا لِصَلَاتِهِ وَغَيْرَ مُسْتَطِيعٍ لِغَسْلِ بَدَنِهِ مِنْ جَنَابَتِهِ ، وَغَيْرَ مُسْتَطِيعٍ لِتَيَمُّمِ وَجْهِهِ بِالصَّعِيدِ : أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِذَلِكَ الْفَرْضُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْأَشْيَاءِ بِحُدُوثِ تِلْكَ الْحَادِثَةِ ، وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَ ذَلِكَ غَيْرَهُ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ بِذَلِكَ كَفَاعِلِهِ بِيَدَيْهِ لَوْ كَانَتَا بَاقِيَتَيْنِ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْفَرْضَ كَانَ فِي ذَلِكَ هُوَ فِعْلُ الْمُتَوَضِّئِ إِيَّاهُ بِيَدَيْهِ ، إِمَّا بِنَفْسِهِ ، وَإِمَّا بِفِعْلِ غَيْرِهِ ذَلِكَ بِهِ ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَرْضُ فِي ذَلِكَ عَلَى فِعْلِهِ إِيَّاهُ بِيَدَيْهِ كَانَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ الَّذِي قَدْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِمَا ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سِوَاهُ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ ذَلِكَ بِهِ وَلَا مِنْ مُمَاسَّةِ الْمَاءِ إِيَّاهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ، وَلَا فِي السُّنَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا .
وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَبِمَا فِي السُّنَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا مُمَاسَّةُ الْمَاءِ تِلْكَ الْأَعْضَاءَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ، وَأَنَّهُ يَسْتَوِي ذَلِكَ بِفِعْلِ مَنْ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ ، وَمَنْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ ، وَمَنْ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ ، وَبِتَوَلِّي غَيْرِهِمْ ذَلِكَ لَهُمْ ، وَبِمُمَاسَّةِ الْمَاءِ أَعْضَاءَهُمْ تِلْكَ بِأَيِّ مَعْنًى مَاسَّهَا ، وَاللهُ الْمُوَفِّقُ
.