نابلس : بضم الباء الموحدة واللام، والسين مهملة، وسئل شيخ من أهل المعرفة من أهل نابلس لم سميت بذلك فقال : إنه كان هاهنا واد فيه حية قد امتنعت فيه وكانت عظيمة جدا ، وكانوا يسمونها بلغتهم لس ، فاحتالوا عليها حتى قتلوها وانتزعوا نابها وجاؤوا بها فعلقوها على باب هذه المدينة ، فقيل : هذا ناب لس - أي ناب الحية، ثم كثر استعمالها حتى كتبوها متصلة نابلس هكذا وغلب هذا الاسم عليها، وهي مدينة مشهورة بأرض فلسطين بين جبلين مستطيلة لا عرض لها كثيرة المياه لأنها لصيقة في جبل، أرضها حجر، بينها وبين بيت المقدس عشرة فراسخ، ولها كورة واسعة وعمل جليل كله في الجبل الذي فيه القدس، وبظاهر نابلس جبل ذكروا أن آدم عليه السلام سجد فيه، وبها الجبل الذي تعتقد اليهود أن الذبح كان عليه وعندهم أن الذبيح إسحاق عليه السلام، ولليهود في هذا الجبل اعتقاد أعظم ما يكون واسمه كزيرم، وهو مذكور في التوراة، والسمرة تصلي إليه، وبه عين تحت كهف يعظمونها ويزورها السمرة ولأجل ذلك كثرت السمرة بهذه المدينة، وينسب إليها محمد بن أحمد بن سهل بن نصر أبو بكر الرملي ويعرف بابن النابلسي، حدث عن أبي جعفر محمد بن أحمد بن شيبان الرملي وسعيد بن هاشم بن مرثد الطبراني وعمر بن محمد بن سليمان العطار وعثمان بن محمد بن علي بن جعفر الذهبي ومحمد بن الحسن بن قتيبة وأحمد بن ريحان وأبي الفضل العباس بن الوليد القاضي وأبي عبد الله جعفر بن أحمد بن إدريس القزويني وإسماعيل بن محمد بن محفوظ وأبي سعيد بن الأعرابي وأبي منصور محمد بن سعد، روى عنه هشام بن محمد الرازي وعبد الوهاب الميداني وأبو الحسن الدارقطني وأبو مسلم محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر الأصبهاني وأبو القاسم علي بن جعفر الحلبي وبشرى بن عبد الله مولى فلفل، وعن أبي ذر الهروي قال : أبو بكر النابلسي سجنه [5/249] بنو عبيد وصلبوه في السنة، وسمعت الدارقطني يذكره ويبكي ويقول : كان يقول وهو يسلخ : كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ، وقال أبو القاسم : قال لنا أبو محمد الأكفاني فيها - يعني سنة 363 - توفي العبد الصالح الزاهد أبو بكر محمد بن أحمد بن سهل بن نصر الرملي ويعرف بابن النابلسي، وكان يرى قتال المغاربة وبغضهم وأنه واجب ، فكان قد هرب من الرملة إلى دمشق فقبض عليه الوالي بها أبو محمد الكناني صاحب العزيز أبي تميم بدمشق وأخذه وحبسه في شهر رمضان سنة 363 ، وجعله في قفص خشب وحمله إلى مصر، فلما حمله إلى مصر قيل له : أنت قلت لو أن معي عشرة أسهم لرميت تسعة في المغاربة وواحدا في الروم! فاعترف بذلك وقال : قد قلته، فأمر أبو تميم بسلخه، فسلخوه وحشوا جلده تبنا وصلبوه .
وعن أبي الشعشاع المصري قال : رأيت أبا بكر النابلسي في المنام بعدما قتل وهو في أحسن هيئة ، فقلت له : ما فعل الله بك ؟ فأنشد يقول :
حباني مالكي بدوام عز
وأوعدني بقرب الإنتصار
وقربني وأدناني إليه
وقال : انعم بعيش في جواري
وإدريس بن يزيد أبو سليمان النابلسي سكن العراق وحكى عن أبي تمام، وكان أديبا شاعرا، وقال أبو بكر الصولي : لقيني أبو سليمان النابلسي في مربد البصرة فقلت له : من أين ؟ فقال : من عند أميركم الفضل بن عباس ، حجبني فقلت أبياتا ما سمعها بعد مني، فقلت : أنشدنيها، فأنشدني :
لما تفكرت في حجابك
عاتبت نفسي على حجابك
فما أراها تميل طوعا
إلا إلى اليأس من ثوابك
قد وقع اليأس فاستوينا
فكن كما كنت باحتجابك
فإن تزرني أزرك أو إن
تقف ببابي أقف ببابك
والله ما أنت في حسابي
إلا إذا كنت في حسابك
قال : وحجبني الحسن بن يوسف اليزيدي فكتبت إليه :
سأترككم حتى يلين حجابكم
على أنه لا بد أن سيلين
خذوا حذركم من نوبة الدهر، إنها
وإن لم تكن حانت فسوف تحين