2322 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ المؤدب ، نَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ قَال : سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ قُرَّةَ قَال : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ضَمْرَةَ قَال : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ ، مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ ، وَمَا وَالَاهُ ، وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمُؤَدِّبُ ) الزِّمِّيُّ بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ ، الْخُرَاسَانِيُّ نَزِيلُ الْعَسْكَرِ ، ثِقَةٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ ( نَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ ) الْجَزَرِيُّ أَبُو أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ مَوْلَاهُمْ ، صَدُوقٌ ، رُبَّمَا أَخْطَأَ ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْأَزْدِيُّ بِلَا حُجَّةٍ مِنَ التَّاسِعَةِ ، ( نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ ) الْعَنْسِيُّ بِالنُّونِ الدِّمَشْقِيُّ الزَّاهِدُ صَدُوقٌ يُخْطِئُ وَرُمِيَ بِالْقَدَرِ ، وَتَغَيَّرَ بِآخِرِهِ مِنَ السَّابِعَةِ ، ( قَالَ : سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ قُرَّةَ ) السَّلُولِيَّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ اللَّامِ الْخَفِيفَةِ صَدُوقٌ مِنَ السَّادِسَةِ ( قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ضَمْرَةَ ) السَّلُولِيَّ ، وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ مِنَ الثَّالِثَةِ .
قَوْلُهُ : ( إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ ) أَيْ مَبْغُوضَةٌ مِنَ اللَّهِ ؛ لِكَوْنِهَا مُبْعَدَةً عَنِ اللَّهِ ( مَلْعُونٌ مَا فِيهَا ) : أَيْ مِمَّا يُشْغِلُ عَنِ اللَّهِ ( إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ ) بِالرَّفْعِ ، ....... ( وَمَا وَالَاهُ ) : أَيْ أَحَبَّهُ اللَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَفْعَالِ الْقُرْبِ ، أَوْ مَعْنَاهُ مَا وَالَى ذِكْرَ اللَّهِ : أَيْ قَارَبَهُ مِنْ ذِكْرِ خَيْرٍ أَوْ تَابَعَهُ مِنِ اتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُوجِبُ ذَلِكَ ، قَالَ الْمُظْهِرُ : أَيْ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا ، وَالْمُوَالَاةُ الْمَحَبَّةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا ؛ يَعْنِي مَلْعُونٌ مَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا أَحَبَّهُ اللَّهُ مِمَّا يَجْرِي فِي الدُّنْيَا وَمَا سِوَاهُ مَلْعُونٌ .
وَقَالَ الْأَشْرَفُ : هُوَ مِنَ الْمُوَالَاةِ وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِمَا يُوَالِي ؛ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى طَاعَتَهُ ، وَاتِّبَاعُ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابُ نَهْيِهِ .
( وَعَالَمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ ) قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ : أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ ، فَيَكُونُ الْوَاوَانِ بِمَعْنَى أَوْ ، وَقَالَ الْأَشْرَفُ : قَوْلُهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مَرْفُوعٌ ، وَاللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ ؛ فَإِنَّهُ مَنْصُوبٌ مُسْتَثْنًى مِنَ الْمُوجِبِ ، قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : هُوَ فِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ ، هَكَذَا وَمَا وَالَاهُ ، وَعَالَمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ بِالرَّفْعِ ، وَكَذَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ إِلَّا أَنَّ بَدَلَ أَوْ فِيهِ الْوَاوُ ، وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ أَوْ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا بِالنَّصْبِ مَعَ أَوْ مُكَرَّرًا وَالنَّصْبُ فِي الْقَرَائِنِ الثَّلَاثِ هُوَ الظَّاهِرُ ، وَالرَّفْعُ فِيهَا عَلَى التَّأْوِيلِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : الدُّنْيَا مَذْمُومَةٌ لَا يُحْمَدُ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ ، وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ ، انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ : قَوْلُهُ مَلْعُونَةٌ : أَيْ مَتْرُوكَةٌ مُبْعَدَةٌ مَتْرُوكٌ مَا فِيهَا أَوْ مَتْرُوكَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَصْفِيَاءِ كَمَا فِي خَبَرِ : لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الْآخِرَةُ .
وَقَالَ : الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ ؛ لِأَنَّهَا غَرَّتِ النُّفُوسَ بِزَهْرَتِهَا وَلَذَّتِهَا فَأَمَالَتْهَا عَنِ الْعُبُودِيَّةِ إِلَى الْهَوَى ، وَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِهِ : وَعَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا : أَيْ هِيَ وَمَا فِيهَا مُبْعَدٌ عَنِ اللَّهِ إِلَّا الْعِلْمُ النَّافِعُ الدَّالُّ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا ، فَاللَّعْنُ وَقَعَ عَلَى مَا غَرَّ مِنَ الدُّنْيَا لَا عَلَى نَعِيمِهَا وَلَذَّتِهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ تَنَاوَلَهُ الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ) وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ ، وَالْبَيْهَقِيُّ .