3192 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، ثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ نِيَارِ بْنِ مُكْرَمٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ الم ، غُلِبَتِ الرُّومُ ، فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ، فِي بِضْعِ سِنِينَ فَكَانَتْ فَارِسُ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَاهِرِينَ لِلرُّومِ ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ ظُهُورَ الرُّومِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ ، وَفِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُحِبُّ ظُهُورَ فَارِسَ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ وَلَا إِيمَانٍ بِبَعْثٍ ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَصِيحُ فِي نَوَاحِي مَكَّةَ : الم ، غُلِبَتِ الرُّومُ ، فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ، فِي بِضْعِ سِنِينَ قَالَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ لِأَبِي بَكْرٍ : فَذَلِكَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ، زَعَمَ صَاحِبُكَ أَنَّ الرُّومَ سَتَغْلِبُ فَارِسَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ، أَفَلَا نُرَاهِنُكَ عَلَى ذَلِكَ ، قَالَ : بَلَى ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّهَانِ ، فَارْتَهَنَ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُشْرِكُونَ وَتَوَاضَعُوا الرِّهَانَ ، وَقَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ : كَمْ تَجْعَلُ الْبِضْعُ ثَلَاثُ سِنِينَ إِلَى تِسْعِ سِنِينَ ، فَسَمِّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ وَسَطًا تَنْتَهِي إِلَيْهِ ، قَالَ : فَسَمَّوْا بَيْنَهُمْ سِتَّ سِنِينَ ، قَالَ : فَمَضَتْ السِّتُّ سِنِينَ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرُوا ، فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ رَهْنَ أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمَّا دَخَلَتْ السَّنَةُ السَّابِعَةُ ظَهَرَتْ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ ، فَعَابَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْمِيَةَ سِتِّ سِنِينَ ؛ قال : لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : فِي بِضْعِ سِنِينَ ، قال : وَأَسْلَمَ عِنْدَ ذَلِكَ نَاسٌ كَثِيرٌ . هَذَا حَدِيثٌ حسن صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ .

قَوْلُهُ ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ) لَمْ يَتَعَيَّنْ لِي أَنَّهُ هُوَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ أَوْ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيُّ أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّهُمَا مِنْ شُيُوخِ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ وَمِنْ أَصْحَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ ( عَنْ نِيَارِ ) بِكَسْرِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ ( بْنِ [4/161] مُكْرَمٍ ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ صَحَابِيٌّ عَاشَ إِلَى أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَأَنْكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ : سَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ . قَوْلُهُ : ( يَصِيحُ فِي نَوَاحِي مَكَّةَ ) أَيْ يُنَادِي فِيهَا مِنَ الصِّيَاحِ وَهُوَ الصَّوْتُ بِأَقْصَى الطَّاقَةِ ( زَعَمَ صَاحِبُكَ ) يَعْنُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَتَوَاضَعُوا الرِّهَانَ ) أَيْ تَوَاطَئُوا عَلَيْهِ . قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حسن صَحِيحٌ غَرِيبٌ ) قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ : وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا مُرْسَلًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِثْلِ : عِكْرِمَةَ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَالسُّدِّيِّ ، وَالزُّهْرِيِّ ، وَغَيْرِهِمُ انْتَهَى . قُلْتُ : أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ رِوَايَةَ عِكْرِمَةَ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَقَتَادَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى .