7095 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ الْوَاسِطِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، عَنْ بَيَانٍ ، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، فَرَجَوْنَا أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا ، قَالَ : فَبَادَرَنَا إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدِّثْنَا عَنْ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ : وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَقَالَ : هَلْ تَدْرِي مَا الْفِتْنَةُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ؟ إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ ، وَكَانَ الدُّخُولُ فِي دِينِهِمْ فِتْنَةً ، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ .


الْحَدِيثُ الثَّالِثُ قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْوَاسِطِيُّ ) هُوَ ابْنُ شَاهِينَ ، وَخَالِدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَبَيَانٌ - بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ خَفِيفَةٍ - هُوَ ابْنُ عَمْرٍو ، وَوَبَرَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُوَحَّدَةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَقَالَ عِيَاضٌ : ضَبَطْنَاهُ فِي مُسْلِمٍ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ .
قَوْلُهُ : ( أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا ) ؛ أَيْ حَسَنَ اللَّفْظِ يَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ التَّرْجَمَةِ وَالرُّخْصَةِ ، فَشَغَلَهُ الرَّجُلُ فَصَدَّهُ عَنْ إِعَادَتِهِ حَتَّى عَدَلَ إِلَى التَّحَدُّثِ عَنِ الْفِتْنَةِ .
قَوْلُهُ : ( فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ) تَقَدَّمَ فِي الْأَنْفَالِ أَنَّ اسْمَهُ حَكِيمٌ ، أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ بَيَانٍ " أَنَّ وَبَرَةَ حَدَّثَهُ " فَذَكَرَهُ ، وَفِيهِ : " فَمَرَرْنَا بِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ : حَكِيمٌ " .
قَوْلُهُ : ( يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ) هِيَ كُنْيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ .
قَوْلُهُ : ( حَدِّثْنَا عَنِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ ) يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجَّ بِالْآيَةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ وَأَنَّ فِيهَا الرَّدَّ عَلَى مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ كَابْنِ عُمَرَ ، وَقَوْلُهُ : " ثَكِلَتْكَ أُمُّكُ " ظَاهِرُهُ الدُّعَاءُ ، وَقَدْ يَرِدُ مَوْرِدَ الزَّجْرِ كَمَا هُنَا ، وَحَاصِلُ جَوَابِ ابْنِ عُمَرَ لَهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وقاتلوهم ) لِلْكُفَّارِ ، فَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِقِتَالِ الْكَافِرِينَ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ يُفْتَنُ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَيَرْتَدُّ إِلَى الْكُفْرِ ، وَوَقَعَ نَحْوُ هَذَا السُّؤَالِ مِنْ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ وَجَمَاعَةٍ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَأَجَابَهُمْ بِنَحْوِ جَوَابِ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ مِنْ رِوَايَةِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ بَيَانٍ بِزِيَادَةِ : " فَقَالَ " بَدَلَ قَوْلِهِ : " وَكَانَ الدُّخُولُ فِي دِينِهِمْ فِتْنَةٌ ، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ عَنْ دِينِهِ إِمَّا يَقْتُلُونَهُ وَإِمَّا يُوثِقُونَهُ حَتَّى كَثُرَ الْإِسْلَامُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ " ؛ أَيْ لَمْ يَبْقَ فِتْنَةٌ ، أَيْ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْكُفَّارِ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . ثُمَّ ذَكَرَ سُؤَالَهُ عَنْ عَلِيٍّ ، وَعُثْمَانَ وَجَوَابَ ابْنِ عُمَرَ . وَقَوْلُهُ هُنَا : " وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ " ؛ أَيْ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ ، يُشِيرُ إِلَى مَا وَقَعَ بَيْنَ مَرْوَانَ ثُمَّ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْنِهِ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، وَكَانَ رَأْيُ ابْنِ عُمَرَ تَرْكَ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مُحِقَّةٌ وَالْأُخْرَى مُبْطِلَةٌ ، وَقِيلَ : الْفِتْنَةُ مُخْتَصَّةٌ بِمَا إِذَا وَقَعَ الْقِتَالُ بِسَبَبِ التَّغَالُبِ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ ، وَأَمَّا إِذَا عُلِمَتِ الْبَاغِيَةُ فَلَا تُسَمَّى فِتْنَةً وَتَجِبُ مُقَاتَلَتُهَا حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى الطَّاعَةِ ; وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ .