44 - بَاب مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ
676 - حَدَّثَنَا آدَمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَكَمُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ الْأَسْوَدِ ، قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ : كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ ، تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ ، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ .


[2/191] قَوْلُهُ : ( بَابُ مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ ) كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِحُكْمِ الطَّعَامِ كُلُّ أَمْرٍ يَكُونُ لِلنَّفْسِ تَشَوُّفٌ إِلَيْهِ ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ لِلصَّلَاةِ وَقْتٌ فِي الْغَالِبِ . وَأَيْضًا فَوَضْعُ الطَّعَامِ بَيْنَ يَدَيِ الْآكِلِ فِيهِ زِيَادَةُ تَشَوُّفٍ ، وَكُلَّمَا تَأَخَّرَ تَنَاوُلُهُ ازْدَادَ ، بِخِلَافِ بَاقِي الْأُمُورِ . وَمَحَلُّ النَّصِّ إِذَا اشْتَمَلَ عَلَى وَصْفِ اعْتِبَارِهِ يَتَعَيَّنُ عَدَمُ إِلْغَائِهِ .
قَوْلُهُ : ( فِي مَهْنَةِ أَهْلِهِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْهَاءِ فِيهِمَا ، وَقَدْ فَسَّرَهَا فِي الْحَدِيثِ بِالْخِدْمَةِ ، وَهِيَ مِنْ تَفْسِيرِ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ شَيْخِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي الْأَدَبِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ ، وَفِي النَّفَقَاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ ، وَغُنْدَرٍ ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَهْدِيٍّ ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ بِدُونِهَا . وَفِي الصِّحَاحِ الْمَهْنَةُ بِالْفَتْحِ الْخِدْمَةُ ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ ، لَكِنْ فَسَّرَهَا صَاحِبُ الْمُحْكَمِ بِأَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ : الْمَهْنَةُ الْحِذْقُ بِالْخِدْمَةِ وَالْعَمَلُ . وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ " فِي مَهْنَةِ بَيْتِ أَهْلِهِ " وَهِيَ مُوَجَّهَةٌ مَعَ شُذُوذِهَا ، وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ نَفْسُهُ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ وَقَعَ مُفَسَّرًا فِي الشَّمَائِلِ لِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ : مَا كَانَ إِلَّا بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ : يُفَلِّي ثَوْبَهُ ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ . وَلِأَحْمَدَ ، وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ عَنْهَا : يَخِيطُ ثَوْبَهُ ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ . وَزَادَ ابْنُ حِبَّانَ : وَيَرْقَعُ دَلْوَهُ . زَادَ الْحَاكِمُ فِي الْإِكْلِيلِ : وَلَا رَأَيْتُهُ ضَرَبَ بِيَدِهِ امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا .
قَوْلُهُ : ( فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَرْعَرَةَ " فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ " وَهُوَ أَخَصُّ . وَوَقَعَ فِي التَّرْجَمَةِ " فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ " وَهِيَ أَخَصُّ ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ حَدِيثِهَا الْمُتَقَدِّمِ فِي " بَابُ مَنِ انْتَظَرَ الْإِقَامَةَ " فَإِنَّ فِيهِ " حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلْإِقَامَةِ " . وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ التَّشْمِيرُ فِي الصَّلَاةِ ، وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ كَفِّ الشَّعْرِ وَالثِّيَابِ لِلتَّنْزِيهِ ، لِكَوْنِهَا لَمْ تَذْكُرْ أَنَّهُ أَزَاحَ عَنْ نَفْسِهِ هَيْئَةَ الْمَهْنَةِ ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى ثُبُوتِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ هَيْئَتَانِ ، ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ ذِكْرِ التَّهْيِئَةِ لِلصَّلَاةِ عَدَمُ وُقُوعِهِ . وَفِيهِ التَّرْغِيبُ فِي التَّوَاضُعِ وَتَرْكِ التَّكَبُّرِ وَخِدْمَةُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَدَبِ " كَيْفَ يَكُونُ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ " .