[ عَوْدٌ إلَى حَدِيثِ الْحَسَنِ ، عَنْ مَسْرَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَبَبُ تَسْمِيَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ]
قَالَ الْحَسَنُ : فِي حَدِيثِهِ : فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَضَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُ ، حَتَّى انْتَهَى بِهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَوَجَدَ فِيهِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى فِي نَفَرٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ، فَأَمَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ ، ثُمَّ أُتِيَ بِإِنَاءَيْنِ ، فِي أَحَدِهِمَا ، خَمْرٌ ، وَفِي الْآخَرِ لَبَنٌ . قَالَ : فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَاءَ اللَّبَنِ ، فَشَرِبَ مِنْهُ ، وَتَرَكَ إنَاءَ الْخَمْرِ . قَالَ : فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : هُدِيتَ لِلْفِطْرَةِ ، وَهُدِيَتْ أُمَّتُكَ يَا مُحَمَّدُ ، وَحُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْخَمْرُ .
ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَكَّةَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَهُمْ الْخَبَرَ . فَقَالَ أَكْثَرُ النَّاسِ : هَذَا وَاَللَّهِ الْإِمْرُ الْبَيِّنُ ، وَاَللَّهِ إنَّ الْعِيرَ لَتُطْرَدُ ، شَهْرًا مِنْ مَكَّةَ إلَى الشَّامِ مُدْبِرَةً ، وَشَهْرًا مُقْبِلَةً ، أَفَيَذْهَبُ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَرْجِعُ إلَى مَكَّةَ قَالَ : فَارْتَدَّ كَثِيرٌ مِمَّنْ كَانَ أَسْلَمَ ، وَذَهَبَ النَّاسُ إلَى أَبِي بَكْرٍ ، [1/399] فَقَالُوا لَهُ : هَلْ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فِي صَاحِبِكَ ، يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ . وَصَلَّى فِيهِ وَرَجَعَ إلَى مَكَّةَ . قَالَ : فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ : إنَّكُمْ تَكْذِبُونَ عَلَيْهِ ، فَقَالُوا بَلَى ، هَا هُوَ ذَاكَ فِي الْمَسْجِدِ يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ ؛ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاَللَّهِ لَئِنْ كَانَ قَالَهُ لَقَدْ صَدَقَ ، فَمَا يُعْجِبُكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَوَاَللَّهِ إنَّهُ لَيُخْبِرُنِي أَنَّ الْخَبَرَ لَيَأْتِيهِ ( مِنْ اللَّهِ ) مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَأُصَدِّقُهُ ، فَهَذَا أَبْعَدُ مِمَّا تَعْجَبُونَ مِنْهُ .
ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَحَدَّثْتَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَنَّكَ جِئْتَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ؛ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَصِفْهُ لِي ، فَإِنِّي قَدْ جِئْتُهُ - قَالَ الْحَسَنُ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَرُفِعَ لِي حَتَّى نَظَرْتُ إلَيْهِ - فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصِفُهُ لِأَبِي بَكْرٍ ، وَيَقُولُ أَبُو بَكْرٍ : صَدَقْتَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، كَلَمَّا وَصَفَ لَهُ مِنْهُ شَيْئًا ، قَالَ : صَدَقْتَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، حَتَّى ( إذَا ) انْتَهَى ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ : وَأَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ؟ فَيَوْمَئِذٍ سَمَّاهُ الصِّدِّيقَ
. قَالَ الْحَسَنُ : وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ ارْتَدَّ عَنْ إسْلَامِهِ لِذَلِكَ : وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا فَهَذَا حَدِيثُ الْحَسَنِ عَنْ مَسْرَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمَا دَخَلَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ .