744 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً - قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ هُنَيَّةً - فَقُلْتُ : بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : أَقُولُ اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ " .


[2/268] قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ) هُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ .
قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْكُتُ ) ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِنَ السُّكُوتِ ، وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنَ الْإِسْكَاتِ ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : يُقَالُ تَكَلَّمَ الرَّجُلُ ثُمَّ سَكَتَ بِغَيْرِ أَلِفٍ ، فَإِذَا انْقَطَعَ كَلَامُهُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ قُلْتُ : أَسْكَتَ .
قَوْلُهُ : ( إِسْكَاتَةً ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ بِوَزْنِ إِفْعَالَةٍ مِنَ السُّكُوتِ ، وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الشَّاذَّةِ نَحْوُ أُثْبِتُهُ إِثْبَاتَةً ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ سُكُوتٌ يَقْتَضِي بَعْدَهُ كَلَامًا مَعَ قِصَرِ الْمُدَّةِ فِيهِ ، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ السُّكُوتَ عَنِ الْجَهْرِ لَا عَنْ مُطْلَقِ الْقَوْلِ ، أَوِ السُّكُوتَ عَنِ الْقِرَاءَةِ لَا عَنِ الذِّكْرِ .
قَوْلُهُ : ( قَالَ أَحْسِبُهُ قَالَ هُنَيَّةً ) هَذِهِ رِوَايَةُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ بِالظَّنِّ ، وَرَوَاهُ جَرِيرٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَابْنُ فُضَيْلٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ : " سَكَتَ هُنَيَّةً " بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ الْبُخَارِيُّ رِوَايَةَ عَبْدِ الْوَاحِدِ لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ بِالتَّحْدِيثِ فِيهَا فِي جَمِيعِ الْإِسْنَادِ ، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ : الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ - بَدَلَ إِسْكَاتَةٍ - هُنَيَّةً . قُلْتُ : وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكَّ هَلْ وَصَفَ الْإِسْكَاتَةَ بِكَوْنِهَا هُنَيَّةً أَمْ لَا ، وَهُنَيَّةٌ بِالنُّونِ بِلَفْظِ التَّصْغِيرِ ، وَهُوَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ ، وَالْقُرْطُبِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ رُوَاةِ مُسْلِمٍ قَالُوهُ بِالْهَمْزَةِ ، وَأَمَّا النَّوَوِيُّ فَقَالَ : الْهَمْزُ خَطَأٌ . قَالَ : وَأَصْلُهُ هَنْوَةٌ فَلَمَّا صُغِّرَ صَارَ هُنَيْوَةً فَاجْتَمَعَتْ وَاوٌ وَيَاءٌ وَسُبِقَتْ إِحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً ثُمَّ أُدْغِمَتْ . قَالَ غَيْرُهُ : لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ إِجَازَةَ الْهَمْزِ ، فَقَدْ تُقْلَبُ الْيَاءُ هَمْزَةً . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ هُنَيْهَةً بِقَلْبِهَا هَاءً ، وَهِيَ رِوَايَةُ إِسْحَاقَ ، وَالْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدَيْهِمَا عَنْ جَرِيرٍ .
قَوْلُهُ : ( بِأَبِي وَأُمِّي ) الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفِ اسْمٍ أَوْ فِعْلٍ وَالتَّقْدِيرُ أَنْتَ مَفْدِيٌّ أَوْ أَفْدِيكَ ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ قَوْلِ ذَلِكَ ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
قَوْلُهُ : ( إِسْكَاتُكَ ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَقَالَ الْمُظَهَّرِيُّ شَارِحُ الْمَصَابِيحِ : هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ أَسْأَلُكُ إسْكَاتَكَ ، أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ . انْتَهَى .
وَالَّذِي فِي رِوَايَتِنَا بِالرَّفْعِ لِلْأَكْثَرِ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي ، وَالسَّرَخْسِيِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ السِّينِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ ، وَفِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ : " مَا تَقُولُ فِي سَكْتَتِكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ " ، وَلِمُسْلِمٍ : " أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ " وَكُلُّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا لِكَوْنِهِ قَالَ " مَا تَقُولُ " وَلَمْ يَقُلْ : هَلْ تَقُولُ ؟ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ : وَلَعَلَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى أَصْلِ الْقَوْلِ بِحَرَكَةِ الْفَمِ كَمَا اسْتَدَلَّ غَيْرُهُ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِاضْطِرَابِ اللِّحْيَةِ . قُلْتُ : وَسَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ خَبَّابٍ بَعْدَ بَابٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ سَبَبَ هَذِهِ السَّكْتَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْرَأَ الْمَأْمُومُ فِيهَا الْفَاتِحَةَ ، ثُمَّ اعْتَرَضَهُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ فِي الْجَوَابِ : أَسْكُتُ لِكَيْ يَقْرَأَ مَنْ خَلْفِي . وَرَدَّهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ أَخْبَرَهُ بِصِفَةِ مَا يَقُولُ أَنْ لَا يَكُونَ سَبَبُ السُّكُوتِ مَا ذَكَرَ . انْتَهَى .
وَهَذَا النَّقْلُ مِنْ أَصْلِهِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ ، إِلَّا أَنَّ الْغَزَالِيَّ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ : إِنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ إِذَا اشْتَغَلَ الْإِمَامُ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ . وَخُولِفَ فِي ذَلِكَ ، بَلْ أَطْلَقَ الْمُتَوَلِّيُّ وَغَيْرُهُ كَرَاهَةَ تَقْدِيمِ الْمَأْمُومِ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْإِمَامِ . وَفِي وَجْهٍ إِنْ فَرَغَهَا قَبْلَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَؤُهَا إِذَا سَكَتَ الْإِمَامُ بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ ، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقُولُ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ كَمَا يَقُولُهُ الْإِمَامُ ، وَالسَّكْتَةُ الَّتِي بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ ثَبَتَ فِيهَا حَدِيثُ سَمُرَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ .
[2/269] قَوْلُهُ : ( بَاعِدْ ) الْمُرَادُ بِالْمُبَاعَدَةِ مَحْوُ مَا حَصَلَ مِنْهَا وَالْعِصْمَةُ عَمَّا سَيَأْتِي مِنْهَا ، وَهُوَ مَجَازٌ ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُبَاعَدَةِ إِنَّمَا هِيَ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ، وَمَوْقِعُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْتِقَاءَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ مُسْتَحِيلٌ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَبْقَى لَهَا مِنْهُ اقْتِرَابٌ بِالْكُلِّيَّةِ . وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ : كَرَّرَ لَفْظَ " بَيْنَ " لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ يُعَادُ فِيهِ الْخَافِضُ .
قَوْلُهُ : ( نَقِّنِي ) مَجَازٌ عَنْ زَوَالِ الذُّنُوبِ وَمَحْوِ أَثَرِهَا ، وَلَمَّا كَانَ الدَّنَسُ فِي الثَّوْبِ الْأَبْيَضِ أَظْهَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَلْوَانِ وَقَعَ التَّشْبِيهُ بِهِ ، قَالَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ .
قَوْلُهُ : ( بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ : ذِكْرُ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ تَأْكِيدٌ ، أَوْ لِأَنَّهُمَا مَاءَانِ لَمْ تَمَسَّهُمَا الْأَيْدِي وَلَمْ يَمْتَهِنْهُمَا الِاسْتِعْمَالُ . وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : عَبَّرَ بِذَلِكَ عَنْ غَايَةِ الْمَحْوِ ، فَإِنَّ الثَّوْبَ الَّذِي يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ مُنَقِّيَةٌ يَكُونُ فِي غَايَةِ النَّقَاءِ ، قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَجَازٌ عَنْ صِفَةٍ يَقَعُ بِهَا الْمَحْوُ وَكَأَنَّهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَشَارَ الطِّيبِيُّ إِلَى هَذَا بَحْثًا فَقَالَ : يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ مِنْ ذِكْرِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ بَعْدَ الْمَاءِ شُمُولَ أَنْوَاعِ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ بَعْدَ الْعَفْوِ لِإِطْفَاءِ حَرَارَةِ عَذَابِ النَّارِ الَّتِي هِيَ فِي غَايَةِ الْحَرَارَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : بَرَّدَ اللَّهُ مَضْجَعَهُ . أَيْ : رَحِمَهُ وَوَقَاهُ عَذَابَ النَّارِ . انْتَهَى .
وَيُؤَيِّدُهُ وُرُودُ وَصْفِ الْمَاءِ بِالْبُرُودَةِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى عِنْدَ مُسْلِمٍ ، وَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْخَطَايَا بِمَنْزِلَةِ جَهَنَّمَ لِكَوْنِهَا مُسَبَّبَةً عَنْهَا ، فَعَبَّرَ عَنْ إِطْفَاءِ حَرَارَتِهَا بِالْغَسْلِ وَبَالَغَ فِيهِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُبَرِّدَاتِ تَرَقِّيًا عَنِ الْمَاءِ إِلَى أَبْرَدِ مِنْهُ . وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ : خَصَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِالذِّكْرِ ؛ لِأَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مِنَ السَّمَاءِ . وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّعَوَاتِ الثَّلَاثِ إِشَارَةٌ إِلَى الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ ، " فَالْمُبَاعَدَةُ لِلْمُسْتَقْبَلِ ، وَالتَّنْقِيَةُ لِلْحَالِ ، وَالْغَسْلُ لِلْمَاضِي " انْتَهَى .
وَكَأَنَّ تَقْدِيمَ الْمُسْتَقْبَلِ لِلِاهْتِمَامِ بِدَفْعِ مَا سَيَأْتِي قَبْلَ رَفْعِ مَا حَصَلَ . وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ خِلَافًا لِلْمَشْهُورِ عَنْ مَالِكٍ ، وَوَرَدَ فِيهِ أَيْضًا حَدِيثُ : " وَجَّهْتُ وَجْهِيَ إِلَخْ " ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ ، لَكِنْ قَيَّدَهُ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ . وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا بِلَفْظِ : " إِذَا صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ " ، وَاعْتَمَدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الِافْتِتَاحُ بِسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ، وَنَقَلَ السَّاجِيُّ ، عَنِ الشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابَ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّوْجِيهِ وَالتَّسْبِيحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ بِمَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ . ثُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ صَدَرَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ فِي إِظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ ، وَقِيلَ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيمِ لِأُمَّتِهِ ، وَاعْتُرِضَ بِكَوْنِهِ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَجَهَرَ بِهِ ، وَأُجِيبَ بِوُرُودِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ ، وَفِيهِ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى تَتَبُّعِ أَحْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ وإِسْرَارِهِ وَإِعْلَانِهِ حَتَّى حَفِظَ اللَّهُ بِهِمُ الدِّينَ ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى أَنَّ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ مُطَهِّرَانِ ، وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ اسْتِدْلَالُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ .