[78] ( 567 ) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَذَكَرَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنَّ دِيكًا نَقَرَنِي ثَلَاثَ نَقَرَاتٍ وَإِنِّي لَا أُرَاهُ إِلَّا حُضُورَ أَجَلِي ، وَإِنَّ أَقْوَامًا يَأْمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ وَلَا خِلَافَتَهُ وَلَا الَّذِي بَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ فَالْخِلَافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ، وَإِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَقْوَامًا يَطْعَنُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَنَا ضَرَبْتُهُمْ بِيَدِي هَذِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْكَفَرَةُ الضُّلَّالُ ثُمَّ إِنِّي لَا أَدَعُ بَعْدِي شَيْئًا أَهَمَّ عِنْدِي مِنْ الْكَلَالَةِ مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ وَمَا أَغْلَظَ لِي فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهِ حَتَّى طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي صَدْرِي ، فَقَالَ : يَا عُمَرُ أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَإِنِّي إِنْ أَعِشْ أَقْضِ فِيهَا بِقَضِيَّةٍ يَقْضِي بِهَا مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ عَلَى أُمَرَاءِ الْأَمْصَارِ ، وَإِنِّي إِنَّمَا بَعَثْتُهُمْ عَلَيْهِمْ لِيَعْدِلُوا عَلَيْهِمْ وَلِيُعَلِّمُوا النَّاسَ دِينَهُمْ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَقْسِمُوا فِيهِمْ فَيْئَهُمْ وَيَرْفَعُوا إِلَيَّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِهِمْ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ لَا أَرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ هَذَا الْبَصَلَ وَالثُّومَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنْ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ فَمَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا .
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، ، حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، ح . قَالَ : وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وإسحاق بْنُ إِبْرَاهِيمَ كِلَاهُمَا عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ جَمِيعًا ، عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ .

قَوْلُهُ ( حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ : حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ ، وَقَالَ : خَالَفَ قَتَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثَلَاثَةَ حُفَّاظٍ وَهُمْ : مَنْصُورُ بْنُ المعتبر ، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَعُمَرُ بْنُ مُرَّةَ ؛ فَرَوَوْهُ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعًا لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ مَعْدَانَ . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : وَقَتَادَةُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ عِنْدَنَا ، فَإِنَّهُ مُدَلِّسٌ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ سَمَاعَهُ مِنْ سَالِمٍ فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ بَلَغَهُ عَنْ سَالِمٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ ، قُلْتُ : هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ مَرْدُودٌ ؛ لِأَنَّ قَتَادَةَ وَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا ، فَقَدْ قَدَّمْنَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ أَنَّ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ عَنِ الْمُدَلِّسِينَ وَعَنْعَنُوهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ ثَبَتَ - مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ - سَمَاعُ ذَلِكَ الْمُدَلِّسِ هَذَا الْحَدِيثَ مِمَّنْ عَنْعَنَهُ عَنْهُ ، وَأَكْثَرُ هَذَا أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُ يَذْكُرُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ سَمَاعَهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ مُتَّصِلًا بِهِ ، وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُدَلِّسَ لَا يُحْتَجُّ بِعَنْعَنَتِهِ ، كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْفُصُولِ الْمَذْكُورَةِ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الشَّرْحِ ، وَلَا شَكَّ عِنْدَنَا فِي أَنَّ مُسْلِمًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَعْلَمُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ وَيَعْلَمُ تَدْلِيسَ قَتَادَةَ ، فَلَوْلَا ثُبُوتُ سَمَاعِهِ عِنْدَهُ لَمْ يَحْتَجَّ بِهِ ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ فَتَدْلِيسُهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَذْكُرَ مَعْدَانًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذِكْرٌ ، وَالَّذِي يَخَافُ مِنَ الْمُدَلِّسِ أَنْ يَحْذِفَ بَعْضَ الرُّوَاةِ ، أَمَّا زِيَادَةُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فَهَذَا لَا يَفْعَلُهُ الْمُدَلِّسُ ، وَإِنَّمَا هَذَا فِعْلُ الْكَاذِبِ الْمُجَاهِرِ بِكَذِبِهِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَعْدَانُ زِيَادَةَ ثِقَةٍ فَيَجِبُ قَبُولُهَا . وَالْعَجَبُ مِنَ الدَّارَقُطْنِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كَوْنِهِ جَعَلَ التَّدْلِيسِ مُوجِبًا لِاخْتِرَاعِ ذِكْرِ رَجُلٍ لَا ذِكْرَ لَهُ وَنَسَبَهُ إِلَى مِثْلِ قَتَادَةَ الَّذِي مَحَلُّهُ مِنَ الْعَدَالَةِ وَالْحِفْظِ وَالْعِلْمِ بِالْغَايَةِ الْعَالِيَةِ . وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .
قَوْلُهُ : ( وَإِنَّ أَقْوَامًا يَأْمُرُونَنِي أَنْ أَسْتَخْلِفَ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيُضَيِّعَ دِينَهُ وَلَا خِلَافَتَهُ ) مَعْنَاهُ : إِنْ أَسْتَخْلِفُ فَحَسَنٌ ، وَإِنْ تَرَكْتُ الِاسْتِخْلَافَ فَحَسَنٌ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَخْلِفْ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَا يُضَيِّعُ دِينَهُ ، بل يُقِيمُ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ .
[5/214] قَوْلُهُ : ( فَإِنْ عَجِلَ بِي أَمْرٌ فَالْخِلَافَةُ شُورَى بَيْنَ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ ) مَعْنَى ( شُورَى ) يَتَشَاوَرُونَ فِيهِ وَيَتَّفِقُونَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ : عُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَطَلْحَةَ ، وَزُبَيْرٍ ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَلَمْ يُدْخِلْ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ مَعَهُمْ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَشَرَةِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقَارِبِهِ ، فَتَوَرَّعَ عَنْ إِدْخَالِهِ كَمَا تَوَرَّعَ عَنْ إِدْخَالِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - .
قَوْلُهُ : ( وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أقْوَامًا يَطْعَنُونَ فِي هَذَا الْأَمْرِ - إِلَى قَوْلِهِ - فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَأُولَئِكَ أَعْدَاءُ اللَّهِ الْكَفَرَةُ الضُّلَّالُ ) مَعْنَاهُ : إِنْ اسْتَحَلُّوا ذَلِكَ فَهُمْ كَفَرَةٌ ضُلَّالٌ ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِلُّوا ذَلِكَ فَفِعْلُهُمْ فِعْلُ الْكَفَرَةِ .
وَقَوْلُهُ : ( يَطْعُنُونَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ هُنَا .
قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَلَا تَكْفِيكِ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ ) مَعْنَاهُ : الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي الصَّيْفِ ، وَهِيَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِلَى آخِرِهَا وَفِيهِ : دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ قَوْلِ : سُورَةِ النِّسَاءِ وَسُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَسُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ وَنَحْوِهَا ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَالْإِجْمَاعُ الْيَوْمَ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهِ ، وَكَانَ فِيهِ نِزَاعٌ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ : لَا يُقَالُ سُورَةُ كَذَا ، إِنَّمَا يُقَالُ : السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا ، وَهَذَا بَاطِلٌ مَرْدُودٌ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ، وَاسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا مَفْسَدَةَ فِيهِ ، لِأَنَّ الْمَعْنَى مَفْهُومٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ ) هَذَا فِيهِ : إِخْرَاجُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ رِيحُ الثَّوْمِ وَالْبَصَلِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْمَسْجِدِ وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ لِمَنْ أَمْكَنَهُ .
قَوْلُهُ : ( فَمَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا ) مَعْنَاهُ مَنْ أَرَادَ أَكْلَهُمَا فَلْيُمِتْ رَائِحَتَهُمَا بِالطَّبْخِ ، وَإِمَاتَةِ كُلِّ [5/215] شَيْءٍ كَسْرُ قُوَّتِهِ وَحِدَّتِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : قَتَلْتُ الْخَمْرَ إِذَا مَزَجَهَا بِالْمَاءِ وَكَسَرَ حِدَّتَهَا .