[122] - حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا يُخْرِجُ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا " قَالُوا : وَمَا زَهْرَةُ الدُّنْيَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " بَرَكَاتُ الْأَرْضِ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَهَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ ؟ قَالَ : " لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ ، لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ ، لَا يَأْتِي الْخَيْرُ إِلَّا بِالْخَيْرِ ، إِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ ، فَإِنَّهَا تَأْكُلُ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ الشَّمْسَ ، ثُمَّ اجْتَرَّتْ وَبَالَتْ وَثَلَطَتْ ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ ، فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ " .
[123] - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتَوَائِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ فَقَالَ : " إِنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا ، فَقَالَ رَجُلٌ : أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقِيلَ لَهُ : مَا شَأْنُكَ تُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُكَلِّمُكَ ؟ قَالَ : وَرُئِينَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ ، فَأَفَاقَ يَمْسَحُ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ وَقَالَ : إِنَّ هَذَا السَّائِلَ وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ ، فَقَالَ : " إِنَّهُ لَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ ، فَإِنَّهَا أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ ، وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ هُوَ لِمَنْ أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلَ ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " .

قَوْلُهُ : ( فَأَفَاقَ يَمْسَحُ الرُّحَضَاءَ ) هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَمْدُودَةٍ أَيِ الْعَرَقَ مِنَ الشِّدَّةِ ، وَأَكْثَرُ مَا يُسَمَّى بِهِ عَرَقُ الْحُمَّى .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ هَذَا السَّائِلَ ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، وَفِي بَعْضِهَا ( أَيْنَ ) ، وَفِي بَعْضِهَا ( أَنَّى ) وَفِي بَعْضِهَا ( أَيْ ) ، وَكُلُّهُ صَحِيحٌ ، فَمَنْ قَالَ : ( أَنَّى ) أَوْ ( أَيْنَ ) فَهُمَا بِمَعْنًى ، وَمَنْ قَالَ : ( إِنَّ ) فَمَعْنَاهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِنَّ هَذَا هُوَ السَّائِلُ الْمَمْدُوحُ الْحَاذِقُ الْفَطِنُ . وَلِهَذَا قَالَ : ( وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ ) وَمَنْ قَالَ : ( أَيٌّ ) فَمَعْنَاهُ أَيُّكُمْ ، فَحَذَفَ الْكَافَ وَالْمِيمَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنْ مِمَّا يَنْبُتُ الرَّبِيعُ ) وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ ( إِنَّ كُلَّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ ) أَوْ ( أَنْبَتَ الرَّبِيعُ ) وَرِوَايَةُ ( كُلَّ ) مَحْمُولَةٌ عَلَى رِوَايَةِ ( مِمَّا ) وَهُوَ مِنْ بَابِ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ ، وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ ، وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ هُوَ لِمَنْ أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ ) ، فِيهِ : فَضِيلَةُ الْمَالِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَصَرَفَهُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ ، وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ يُرَجِّحُ الْغَنِيَّ عَلَى الْفَقِيرِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .