الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ :
أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مَنْسُوبًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصًّا وَقَوْلًا ، وَالْآخَرُ يُنْسَبُ إِلَيْهِ اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا ، فَيَكُونُ الْأَوَّلُ مُرَجَّحًا .
نَحْوُ مَا رَوَاهُ :
« م 030 »
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَقَالَ : [1/145] لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا بَدَا لَهُ ، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ .
فَهَذَا أَوْلَى بِالْعَمَلِ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ :
« م 031 »
أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ : كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَلَا خِلَافَ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً ، وَحَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ لَيْسَ فِيهِ تَنْصِيصٌ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ كَانَ يَرَى هَذَا لَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافَهُ ، وكَانَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا مِنْهُ ، فكَانَ تَقْدِيمُ مَا نُسِبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَصًّا أَوْلَى .
نَظِيرُهُ حَدِيثُ :
« م 032 »
أَبِي رَافِعٍ فِي الْمُزَارَعَةِ : ( كُنَّا نُخَابِرُ ، وَكُنَّا نَكْرِي الْأَرْضَ ) ، وَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهُمْ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا إِلَى إِذْنِهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .