154 - 1221 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ لِي : أَحَجَجْتَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : بِمَ أَهْلَلْتَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : فَقَدْ أَحْسَنْتَ طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ . قَالَ : فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَيْسٍ ، فَفَلَتْ رَأْسِي ، ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ ، قَالَ : فَكُنْتُ أُفْتِي بِهِ النَّاسَ حَتَّى كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ ، رُوَيْدَكَ بَعْضَ فُتْيَاكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فَبِهِ فَأْتَمُّوا ، قَالَ : فَقَدِمَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ يَأْمُرُ بِالتَّمَامِ ، وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ .
وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ .

( 22 - بَابُ جَوَازِ تَعْلِيقِ الْإِحْرَامِ )
" وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِإِحْرَامٍ كِإِحْرَامِ فُلَانٍ فَيَصِيرُ مُحْرِمًا بِإِحْرَامٍ مِثْلِ إِحْرَامِ فُلَانٍ "
فِي الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ( أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ : أَحَجَجْتَ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : بِمَ أَهْلَلْتَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : لَبَّيْكَ بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : قَدْ أَحْسَنْتَ طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ ، قَالَ : فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِي ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا جَوَازُ تَعْلِيقِ الْإِحْرَامِ ، فَإِذَا قَالَ : أَحْرَمْتُ بِإِحْرَامٍ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ صَحَّ إِحْرَامُهُ ، وَكَانَ إِحْرَامُهُ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ . فَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ أَوْ قَارِنًا كَانَ الْمُعَلِّقُ مِثْلَهُ ، وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ أَحْرَمَ مُطْلَقًا كَانَ الْمُعَلِّقُ مُطْلَقًا ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْرِفَ إِحْرَامَهُ إِلَى مَا يَصْرِفُ زَيْدٌ إِحْرَامَهُ إِلَيْهِ ، فَلَوْ صَرَفَ زَيْدٌ إِحْرَامَهُ إِلَى حَجٍّ كَانَ لِلْمُعَلِّقِ صَرْفُ إِحْرَامِهِ إِلَى عُمْرَةٍ ، وَكَذَا عَكْسُهُ ، وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ الثَّنَاءِ عَلَى مَنْ فَعَلَ جَمِيلًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَحْسَنْتَ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ ) فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ صَارَ كَالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَكُونُ وَظِيفَتُهُ أَنْ يَفْسَخَ حَجَّهُ إِلَى عُمْرَةٍ فَيَأْتِي بِأَفْعَالِهَا وَهِيَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَ حَلَالًا وَتَمَّتْ عُمْرَتُهُ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ الْحَلْقَ هُنَا ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا عِنْدَهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَأَحِلِّ .
وَقَوْلُهُ : ( ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ بَنِي قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأْسِي ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ كَانَتْ مَحْرَمًا لَهُ .
وَقَوْلُهُ : ( ثُمَّ أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ ) يَعْنِي أَنَّهُ تَحَلَّلَ بِالْعُمْرَةِ ، وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَلَالًا إِلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ الثَّامِنُ [8/353] مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ كَمَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ . فَإِنْ قِيلَ قَدْ عَلَّقَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إِحْرَامَهُمَا بِإِحْرَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَأَمَرَ عَلِيًّا بِالدَّوَامِ عَلَى إِحْرَامِهِ قَارِنًا ، وَأَمَرَ أَبَا مُوسَى بِفَسْخِهِ إِلَى عُمْرَةٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ كَمَا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْهَدْيُ فَبَقِيَ عَلَى إِحْرَامِهِ كَمَا بَقِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُلُّ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ ، وَأَبُو مُوسَى لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ كَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ ، وَلَوْلَا الْهَدْيُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَجَعَلَهَا عُمْرَةً ، وَقَدْ سَبَقَ إِيضَاحُ هَذَا الْجَوَابِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا .
قَوْلُهُ : ( فَفَلَتْ رَأْسِي ) هُوَ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ .
قَوْلُهُ : ( رُوَيْدَكَ بَعْضَ فُتْيَاكَ ) مَعْنَى ( رُوَيْدَكَ ) ارْفُقْ قَلِيلًا وَأَمْسِكْ عَنِ الْفُتْيَا ، وَيُقَالُ فُتْيَا وَفَتْوَى لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ .
قَوْلُهُ ( إِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَأْمُرُ بِالتَّمَامِ ، وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - : ظَاهِرُ كَلَامِ عُمَرَ هَذَا إِنْكَارُ فَسْخِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ ، وَأَنَّ نَهْيَهُ عَنِ التَّمَتُّعِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ تَرْكِ الْأَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ ذَلِكَ مَنْعَ تَحْرِيمٍ وَإِبْطَالٍ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا : قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ فَعَلَهُ وَأَصْحَابُهُ ، لَكِنْ كَرِهْتُ أَنْ يَظَلُّوا مُعْرِسِينَ بِهِنَّ فِي الْأَرَاكِ .