[2/665] ومن كِتَابُ الْجِنَايَاتِ
قَتْلُ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ
(ح 304)
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ أنه أَخْبَرَكَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ محمد بن عَلِيٍّ ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَسَدِيُّ ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ ، ثَنَا ابْنُ أَبِي نَاجِيَةَ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ ، ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ [2/666] حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ ، حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ مُعَاهَدًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ ، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَنَا أَوْلَى مَنْ وَفَّى بِذِمَّتِهِ .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : تَفْسِيرُهُ أَنَّهُ قَتَلَهُ غِيلَةً .
(ح 305)
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ ، أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقُرَشِيُّ ، أنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِسِيُّ ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [2/667] أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ رَبِيعَةِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ ، يَرْفَعُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَادَ مُسْلِمًا قَتَلَ يَهُودِيًّا ، وَقَالَ : أَنَا أَحَقُّ مَنْ وَفَّى بِذِمَّتِه .
رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، عَنْ رَبِيعَةَ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الْبَيْلَمَانِيِّ ، فَزَادَ فِي هذا الْإِسْنَادِ الحَجَّاج ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ يُونُسَ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، وَقَدِ اتَّفَقَ هَؤُلَاءِ عَلَى رِوَايَتِهِ مُنْقَطِعًا .
وَقَدْ خَالَفَهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى فِي ذَلِكَ ، فَرَوَاهُ عَنْ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا ، وَلَيْسَ ابْنُ أَبِي يَحْيَى مِمَّنْ يُفْرَحُ بِحَدِيثِهِ .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى ، وَهُوَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ .
وَالصَّوَابُ: عَنِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ مُرْسَل عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ ضَعِيفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ إِذَا وَصَلَ الْحَدِيثَ ، وكَيْفَ بِمَا يُرْسِلُهُ ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ :
فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ خَاصَّةً ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّعْبِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، وَتَمَسَّكُوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ .
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ عوَامّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ ، وَقَالُوا : لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الحربي والذِّمِّيِّ ، وَتَمَسَّكُوا فِي ذَلِكَ بِأَحَادِيثَ ثَابِتَةٍ صَحِيحَةٍ .
وَرُوِّينَا [2/668] نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَعَطَاءٌ ، وَعِكْرِمَةُ ، وَمَالِكٌ ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ ، وَأَهْلُ مَكَّةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَأَهْلُ الشَّامِ ، وَمِنَ الْكُوفِيِّينَ : الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُهُ ، وَأَحْمَدُ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَمن تبعهم من الْعِرَاقِيِّينَ وَالْخُرَاسَانِيِّينَ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ - فِي خُطْبَتِهِ - زَمَنُ الْفَتْحِ - : لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ .
وَنَحْنُ نَذْكُرُ أَحَادِيثَ شَوَاهِدَ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ :
(ح 306)
أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْأَدِيبُ ، أَنَا سَعْدُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَنَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ [2/669] ثَنَا أَبِي ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ مُسْلِمٍ الْأَحْرَد ، عَنْ مَالِكٍ الْأَشْتَرِ ، قَالَ : أَتَيْتُ عَلِيًّا فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّا إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ سَمِعْنَا أَشْيَاءَ ، فَهَلْ عَهِدَ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : لَا ، إِلَّا مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فِي عِلَاقَةِ سَوْطِي .
فَدَعَا الْجَارِيَةَ فَجَاءَتْ بِهَا ، قَالَ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ ، وَأَنَا أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ ، فَهِيَ حَرَامٌ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا ، أَنْ لَا يُعْضَدَ شَوْكُهَا وَلَا يُنَفَّرَ صَيْدُهَا ، فَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، والمؤمنون يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ، لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ
.
قَالَ حَجَّاجٌ : وَحَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ ، إِلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ مَنْطِقُهُمَا فِي الشَّيْءِ ، فَأَمَّا الْمَعْنَى فَوَاحِدٌ .
" ح 307 " وَقَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ ذَاكِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، أَخْبَرَكَ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ ، أنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ ، [2/670] أنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ ، أنا الْوَاقِدِيُّ ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ، عن عبد الملك بن عبيد عَنْ خُرَيْنقِ بِنْتِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : قَتَلَ خِرَاشُ بْنُ أُمَيَّةَ بَعْدَمَا نَهَى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْقَتْلِ فَقَالَ : لَوْ كُنْتُ قَاتِلًا مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ لَقَتَلْتُ خِرَاشًا بِالْهُذَلِيِّ .
يَعْنِي لَمَّا قَتَلَ خِرَاشٌ رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ .
وهَذَا الْإِسْنَادُ ، وَإِنْ كَانَ وَاهِيًا ، فَهُوَ أَمْثَلُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ الْفَتْحِ ، وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ ثَابِتٌ ، وَلِاشْتِهَارِهِ وَطُولِهِ وَكَثْرَةِ رُوَايتِهِ، يُوجَدُ فِيهِ تَغَايُرُ أَلْفَاظٍ ، وَزِيَادَاتُ مَعَانٍ وَأَحْكَامٍ ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ وَهَنًا ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ مَحْفُوظٌ ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ مَالِكٍ الْأَشْتَرِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، وَإِنْ كَانَ فِي سَنَدِهِ غَرَابَةٌ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي سُقْنَاهُ ، غَيْرَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْفُوظٌ مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْحَدِيثِ مَحْفُوظًا لَا يُبَالَى بِغَرَابَةِ السَّنَدِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[2/671] " ح 308 " وَأَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ بَدْرِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي الْفَتْحِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي سعيد الصَّيْرَفِيِّ ، أنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ ، أنَا الرَّبِيعُ ، أنَا الشَّافِعِيُّ فِيمَا رَدَّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ : أنَا سُفْيَانُ عن مُطَرِّفٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ عَلِيًّا فَقُلْتُ : عِنْدَكُمْ شيء مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِوَى الْقُرْآنِ ؟ قَالَ : لَا ، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ؛ إِلَّا أَنْ يَؤْتِيَ اللَّهُ [2/672] عَبْدًا فَهْمًا فِي الْقُرْآنِ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ . قُلْتُ : وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ ؟ قَالَ : الْعَقْلُ ، وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فقال : فَهَذَا ثَابِتٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَنَا ، غَيْرَ أَنا تَأَوَّلَنْا فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا عَنِى الْكُفَّارَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَقَالَ : قَالَ فِيهِ " وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ " . قَالَ الشَّافِعِيُّ : إِنْ كَانَ قَالَ : " وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ " فَإِنَّمَا قَالَهُ تَعْلِيمًا لِلنَّاسِ ، إِذْ يَسْقُطُ الْقَوْدُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُ مَنْ لَهُ عَهْدٌ مِنَ الْكَافِرِينَ ، وَاسْتَشْهَدَ فِي حَمْلِ قَوْلِهِ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ عَلَى الظَّاهِرِ كَقَوْلِهِ : لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ، ثُمَّ نَاقَضَهُ بِالْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الْمُسْتَأْمِنَ وَلَهُ عَهْدٌ ، ثُمَّ لَا يَقْتُلُ بِهِ. قَالَ : فَقَدْ رُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : حَدِيثُنَا مُتَّصِلٌ ، وَحَدِيثُ ابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ مُنْقَطِعٌ وَخَطَأٌ ، وإِنَّمَا رَوَى ابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ فِيمَا بَلَغَنِي أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ قَتَلَ كَافِرًا كَانَ لَهُ عَهْدٌ إِلَى مُدَّةٍ ، وكَانَ الْمَقْتُولُ رَسُولًا فَقَتَلَهُ بِهِ ، فَلَوْ كَانَ ثَابِتًا كُنْتَ أَنْتَ خَالَفْتَ الْحَدِيثَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَالَّذِي قَتَلَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ قَبْلَ بَنِي النَّضِيرِ ، وَقَبْلَ الْفَتْحِ بِزَمَانٍ [2/673] وَخُطْبَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ عَامَ الْفَتْحِ ، وَلَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُ كَانَ مَنْسُوخًا ، قَالَ : فَلِمَ لَمْ تَقُلْ هُوَ مَنْسُوخٌ ، وقُلْتُ : هُوَ خَطَأٌ ؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ : قُلْتُ : عَاشَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَهْرًا ، وَأَنْتَ إِنَّمَا تَأْخُذُ الْعِلْمَ وبَعْدُ لَيْسَ لَكَ بِهِ مِثْلُ مَعْرِفَةِ أَصْحَابِنَا ، وَعَمْرُو قَتَلَ اثْنَيْنِ وَدَاهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَزِدْ عَمْرًا عَلَى أَنْ قَالَ : قَتَلْتَ رَجُلَيْنِ لَهُمَا مِنِّي عَهْدٌ لَأُدِينَهُمَا . وَذَكَرَ تَمَامَ الْكَلَامِ .