فصل
والمقصودُ : العلاجُ النبوي لهذه العِلَّة ، وهو أنواعٌ ، وقد روى أبو داود في ( سننه ) عن سهل بن حُنَيفٍ ، قال : مررْنا بَسيْلٍ ، فدخلتُ ، فاغتسلتُ فيه ، فخرجتُ محموما ، فنُمي ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " مُرُوا أبا ثابتٍ يَتَعَوَّذُ " . قال : فقلتُ : يا سيدي ؛ والرُّقَى صالحة ؟ فقال : " لا رُقيةَ إلا في نَفْسٍ ، أو حُمَةٍ ، أو لَدْغَةٍ " .
والنَّفْس : العَيْن ، يقال : أصابت فلانا نفسٌ ، أي : عَيْن . والنافِس : العائن . واللَّدْغة - بدال مهملة وغين معجمة - وهي ضربةُ العقرب ونحوها .
فمن التعوُّذاتِ والرُّقَى الإكثارُ من قراءة المعوِّذتين ، وفاتحةِ الكتابِ ، وآيةِ الكُرسي ، ومنها التعوذاتُ النبوية .
نحو : أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّاتِ مِن شرِّ ما خَلق .
[1/126] ونحو : أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّةِ ، مِن كُلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ، ومِن كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ .
ونحو : أعوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ التي لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌ ولا فاجرٌ ، مِن شَرِّ ما خلق وذرَأ وبرَأ ، ومِن شَرِّ ما ينزلُ من السماء ، ومِن شَرِّ ما يَعرُجُ فيها ، ومِن شَرِّ ما ذرأ في الأرض ، ومِن شَرِّ ما يخرُج مِنها ، ومِن شَرِّ فِتَنِ الليلِ والنهار ، ومِن شَرِّ طَوَارق الليلِ ، إلا طارقا يَطرُق بخير يا رحمن .
ومنها : أَعُوذُ بكلماتِ اللهِ التامَّةِ مِن غضبه وعِقَابه ، ومِن شرِّ عباده ، ومِن هَمَزات الشياطينِ وأن يَحضُرونِ .
ومنها : اللَّهُمَّ إني أعوذُ بوجْهِكَ الكريم ، وكلماتِك التامَّاتِ من شرِّ ما أنت آخِذٌ بناصيته ، اللَّهُمَّ أنتَ تكشِفُ المأثَمَ والمَغْرَمَ ، اللَّهُمَّ إنه لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ ، ولا يُخلَفُ وعدُك ، سبحانَك وبحمدِك .
ومنها : أَعُوذُ بوجه اللهِ العظيمِ الذي لا أعظم منه ، وبكلماتِه التامَّات التي لا يُجاوزُِهن بَرٌ ولا فاجرٌ ، وأسماءِ الله الحُسْنَى ، ما علمتُ منها وما لم أعلم ، مِن شَرِّ ما خلق وذرَأ وبرأ ، ومن شَرِّ كُلِّ ذي شرٍّ لا أُطيق شرَّه ، ومِن شَرِّ كُلِّ ذي شَرٍّ أنتَ آخِذٌ بناصيته ، إنَّ ربّي على صِراط مستقيم .
ومنها : اللَّهُمَّ أنت ربّي لا إله إلا أنتَ ، عليك توكلتُ ، وأنتَ ربُّ العرشِ العظيم ، ما شاء اللهُ كان ، وما لم يشأْ لم يكن ، لا حَوْلَ ولا قُوَّة إلا بالله ، أعلم أنَّ اللهَ على كُلِّ شيء قديرٌ ، وأنَّ الله قد أحاط بكل شيء علما ، وأحصَى كُلَّ شيء عددا ، اللَّهُمَّ إني أعوذُ بِكَ مِن شَرِّ نفسي ، وشَرِّ الشيطانِ وشِرْكه ، ومِن شَرِّ كُلِّ دابةٍ أنتَ آخذٌ بناصيتها ، إنَّ ربّي على صِراط مستقيم .
[1/127] وإن شاء قال : ( تحصَّنتُ باللهِ الذي لا إله إلا هُوَ ، إلهي وإله كُلِّ شيء ، واعتصمتُ بربي وربِّ كُلِّ شيء ، وتوكلتُ على الحي الذي لا يموتُ ، واستَدْفَعتُ الشرَّ بلا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بالله ، حسبيَ اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ ، حسبيَ الربُّ مِن العباد ، حسبيَ الخَالِقُ من المخلوق ، حسبيَ الرازقُ مِنَ المرزوق ، حسبي الذي هو حسبي ، حسبي الذي بيده ملكوتُ كُلِّ شيء ، وهو يُجيرُ ولا يُجَارُ عليه ، حسبي الله وكَفَى ، سَمِعَ الله لمنْ دعا ، ليس وراء اللهِ مرمَى ، حسبي الله لا إله إلا هُوَ ، عليه توكلتُ ، وهُوَ ربُّ العرشِ العظيم ) .
ومَن جرَّب هذه الدعوات والعُوَذَ ، عَرَفَ مِقدار منفعتها ، وشِدَّةَ الحاجةِ إليها ، وهي تمنعُ وصول أثر العائن ، وتدفعُه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها ، وقوةِ نفسه ، واستعداده ، وقوةِ توكله وثباتِ قلبه ، فإنها سلاح ، والسلاحُ بضاربه .