[5/] 332 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا أَنَّهُ كَانَ نَزَلَ عَشْرُ رَضَاعَاتٍ يُحَرِّمْنَ فِي الْقُرْآنِ
فَنُسِخْنَ بِخَمْسِ رَضَاعَاتٍ وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تُوُفِّيَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ
2063 - أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَتْ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَاعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا مِمَّنْ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ كَمَا ذَكَرْنَا غَيْرَ عَبْدِ [5/] اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، وَهُوَ عِنْدَنَا وَهْمٌ مِنْهُ أَعْنِي : مَا فِيهِ مِمَّا حَكَاهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ كَسَائِرِ الْقُرْآنِ ، وَلَجَازَ أَنْ يُقْرَأَ بِهِ فِي الصَّلَوَاتِ ، وَحَاشَا لِلهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ ، أَوْ يَكُونَ قَدْ بَقِيَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ فِي الْمَصَاحِفِ الَّتِي قَامَتْ بِهَا الْحُجَّةُ عَلَيْنَا ، وَكَانَ مَنْ كَفَرَ [5/] بِحَرْفٍ مِمَّا فِيهَا كَافِرًا ، وَلَكَانَ لَوْ بَقِيَ مِنَ الْقُرْآنِ غَيْرُ مَا فِيهَا لَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَا فِيهَا مَنْسُوخًا لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ ، وَمَا لَيْسَ فِيهَا نَاسِخٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ ، وَفِي ذَلِكَ ارْتِفَاعُ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِمَا فِي أَيْدِينَا مِمَّا هُوَ الْقُرْآنُ عِنْدَنَا ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ وَمِمَّنْ يَقُولُهُ .
وَلَكِنَّ حَقِيقَةَ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَنَا وَاللهُ أَعْلَمُ مَا قَدْ رَوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مَنْ مِقْدَارُهُ فِي الْعِلْمِ وَضَبْطُهُ لَهُ فَوْقَ مِقْدَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، وَهُوَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ .
2064 - كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ مِمَّا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ سَقَطَ أَنْ لَا يُحَرِّمَ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا عَشْرُ رَضَاعَاتٍ ثُمَّ نَزَلَ بَعْدُ أَوْ خَمْسُ رَضَاعَاتٍ .
فَهَذَا الْحَدِيثُ أَوْلَى مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ ، وَفِيهِ أَنَّهُ أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ سَقَطَ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ مِمَّا أُخْرِجَ مِنَ الْقُرْآنِ نَسْخًا لَهُ مِنْهُ كَمَا أُخْرِجَ مَنْ سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ ، وَأُعِيدَ إِلَى السُّنَّةِ ، وَقَدْ تَابَعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ - عَلَى إِسْقَاطِ مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ [5/] أَبِي بَكْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ - إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ زَمَنِهِ ، وَهُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ .
2065 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ : لَا يُحَرِّمُ إِلَّا عَشْرُ رَضَاعَاتٍ ثُمَّ نَزَلَ بَعْدُ أَوْ خَمْسُ رَضَاعَاتٍ .
2066 - وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : أُنْزِلَ فِي الْقُرْآنِ : عَشْرُ رَضَاعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ، ثُمَّ أُنْزِلَ خَمْسُ رَضَاعَاتٍ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا أَوْلَى مِمَّا رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ لِأَنَّ مُحَالًا أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَمْ يُكْتَبْ فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ لَا تُنَبِّهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ أَغْفَلَهُ .
[5/] وَلَكِنَّ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ كَانَ فِي ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ كَانَ نَزَلَ قُرْآنًا ، ثُمَّ نُسِخَ فَأُخْرِجَ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَأُعِيدَ سُنَّةً كَمَا سِوَاهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ مَا قَدْ زَادَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ غَيْرَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، ثُمَّ تَرَكَهُ مَالِكٌ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ وَقَالَ بِضِدِّهِ ، وَذَهَبَ إِلَى أَنَّ قَلِيلَ الرَّضَاعِ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ ، وَلَوْ كَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَحِيحًا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَكَانَ مِمَّا لَا يُخَالِفُهُ وَلَا يَقُولُ بِغَيْرِهِ ، وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .