[14/275] 899 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَرْكِهِ النَّكِيرَ عَلَى مَنْ خَاطَبَهُ : بِجَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ
5615 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الشَّحَّامُ ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : سَتَكُونُ فِتَنٌ ، ثُمَّ فِتْنَةٌ ، أَلَا فَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي إِلَيْهَا ، أَلَا فَالْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ ، أَلَا فَالْمُضْطَجِعُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَاعِدِ ، أَلَا فَإِذَا نَزَلَتْ فِيمَنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ ، فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ ، أَلَا وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ ، أَلَا وَمَنْ كَانَتْ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : يَا نَبِيَّ اللهِ : جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ ، أَرَأَيْتَ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ غَنَمٌ وَلَا إِبِلٌ وَلَا أَرْضٌ كَيْفَ يَصْنَعُ ؟ قَالَ : فَلْيَأْخُذْ سَيْفَهُ ، ثُمَّ لِيَعْمِدْ بِهِ إِلَى صَخْرَةٍ ، ثُمَّ لِيَدُقَّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ، ثُمَّ لِيَنْجُوَ إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاةَ ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ قَالَ رَجُلٌ : يَا نَبِيَّ اللهِ : جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ ، أَرَأَيْتَ إِنْ أُخِذَ بِيَدِي مُكْرَهًا حَتَّى يُنْطَلَقَ بِي إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ ، أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ - عُثْمَانُ يَشُكُّ - فَيَحْذِفُنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ فَيَقْتُلُنِي مَاذَا يَكُونُ مِنْ شَأْنِي ؟ قَالَ : يَبُوءُ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِهِ فَيَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ [14/276] .
5616 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي أَبُو قَزَعَةَ ، أَنَّ أَبَا نَضْرَةَ ، وَحَسَنًا أَخْبَرَاهُ : أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، أَخْبَرَهُمَا : أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالُوا : يَا نَبِيَّ اللهِ ، جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ ، مَاذَا يَصْلُحُ لَنَا مِنَ الْأَشْرِبَةِ ؟ فَقَالَ : لَا تَشْرَبُوا فِي النَّقِيرِ . - قَالُوا : يَا نَبِيَّ اللهِ جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ ، أَوَتَدْرِي مَا النَّقِيرُ ؟ قَالَ : نَعَمِ ، الْجِذْعُ يُنْقَرُ وَسَطُهُ - وَلَا فِي الدُّبَّاءِ ، وَلَا فِي الْحَنْتَمِ .
[14/277] 5617 - وَحَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ - وَيُكْنَى أَبَا هَمَّامٍ - عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيِّ ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي فُسْطَاطٍ ، فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ ، قَدْ حَانَ الرَّوَاحُ يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ : أَجَلْ ، ثُمَّ قَالَ : يَا بِلَالُ ، فَثَارَ بِلَالٌ مِنْ تَحْتِ سَمُرَةٍ كَأَنَّ ظِلَّهُ ظِلُّ طَائِرٍ ، فَقَالَ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَأَنَا فِدَاؤُكَ . فَقَالَ : أَسْرِجْ لِي فَرَسِي . ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ .
[14/278] فَقَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ كَمَا قَالَهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَيْهِ ، وَغَيْرُ مُجَابٍ إِلَيْهِ ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ حَبِيبَةَ ، لَمَّا قَالَتِ : اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ ، وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ ، وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَأَلْتِ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ ، وَآثَارٍ مَبْلُوغَةٍ لَا يُعَجَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ قَدْ أَجَّلَهُ ، وَلَا يُؤَخَّرُ مِنْهَا شَيْءُ عَجَّلَهُ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْبَابَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا ، وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنِ الضِّبَابِ ، وَأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا فَيَجْعَلَ لَهُمْ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا ، وَأَنَّ الْمَمْسُوخَ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ سَائِلًا يَسْأَلُ هَذَا رَبَّهُ قَدْ سَأَلَهُ شَيْئًا هُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ مُجَابٍ إِلَيْهِ ، وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ أَيْضًا يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي يَعْلَمُ مُخَاطِبُهُ بِهِ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ قَالَ قَوْلًا وَدَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ كَمَا قَالَ ، فَذَاكَ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ يَكُونُ سَبَبًا لِمَحَبَّةِ الْمُنْزِلِ [14/279] لَهُ قَائِلَهُ لَهُ ، لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ : لَوْ وَصَلَ إِلَيْهِ ، وَقَدْ مَرَّ عَلَيْهِ ، لَأُعْطِيَ ذَلِكَ ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ قَائِلِهِ مَكْرُوهًا ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَذْمُومًا ، وَكَانَ الْمَقُولُ لَهُ قَدْ وَقَفَ بِهِ مِنْ قَائِلِهِ عَلَى مَوَدَّتِهِ لَهُ ، وَمَوْضِعِهِ مِنْ قَلْبِهِ ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا إِخْوَانًا ، وَمِنْ أُخُوَّتِهِمْ مَوَدَّةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا ، وَذَلِكَ الْقَوْلُ مِمَّا يُؤَكِّدُ الْأُخُوَّةَ بَيْنَهُمْ وَالْمَوَدَّةَ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، وَمِثْلُهُ مَا قَدْ وَجَدْنَاهُمْ يَدْعُو بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنَ الْبَقَاءِ ، وَمِنَ الزِّيَادَةِ فِي الْعُمُرِ وَالْإِنْسَاءِ فِي الْأَجَلِ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ مِنْ إِيقَاعِ الْمَوَدَّةِ فِي قُلُوبِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ .
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : قَدْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ لَا دَعْوَةَ لَهُمْ فِي الْأَجَلِ . وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .