[43] ( 1978 ) - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ كِلَاهُمَا ، عَنْ مَرْوَانَ قَالَ زُهَيْرٌ : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ حَيَّانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : فَغَضِبَ ، وَقَالَ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيَّ شَيْئًا يَكْتُمُهُ النَّاسَ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِي بِكَلِمَاتٍ أَرْبَعٍ . قَالَ : فَقَالَ : مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : قَالَ : لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ .

[13/122] ( 8 ) بَاب تَحْرِيمِ الذَّبْحِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَعْنِ فَاعِلِهِ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ ) ، وَفِي الرِّوَايَةِ ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ ) أَمَّا لَعْنُ الْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ فَمِنَ الْكَبَائِرِ ، وَسَبَقَ ذَلِكَ مَشْرُوحًا وَاضِحًا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ ، وَالْمُرَادُ بِمَنَارِ الْأَرْضِ - بِفَتْحِ الْمِيمِ - عَلَامَاتُ حُدُودِهَا ، وَأَمَّا الْمُحْدِثُ - بِكَسْرِ الدَّالِ - فَهُوَ مَنْ يَأْتِي بِفَسَادٍ فِي الْأَرْضِ ، وَسَبَقَ شَرْحُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ .
وَأَمَّا الذَّبْحُ لِغَيْرِ اللَّهِ فَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَذْبَحَ بِاسْمِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ كَمَنْ ذَبَحَ لِلصَّنَمِ أَوِ الصَّلِيبِ ، أَوْ لِمُوسَى ، أَوْ لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا ، أَوْ لِلْكَعْبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَكُلُّ هَذَا حَرَامٌ ، وَلَا تَحِلُّ هَذِهِ الذَّبِيحَةُ ، سَوَاءٌ كَانَ الذَّابِحُ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا ، فَإِنْ قَصَدَ مَعَ ذَلِكَ تَعْظِيمَ الْمَذْبُوحِ لَهُ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعِبَادَةَ لَهُ كَانَ ذَلِكَ كُفْرًا ، فَإِنْ كَانَ الذَّابِحُ مُسْلِمًا قَبْلَ ذَلِكَ صَارَ بِالذَّبْحِ مُرْتَدًّا ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا : أَنَّ مَا يُذْبَحُ عِنْدَ اسْتِقْبَالِ السُّلْطَانِ تَقَرُّبًا إِلَيْهِ أَفْتَى أَهْلُ بُخَارَةَ بِتَحْرِيمِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ الرَّافِعِيُّ : هَذَا إِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ اسْتِبْشَارًا بِقُدُومِهِ فَهُوَ كَذَبْحِ الْعَقِيقَةِ لِوِلَادَةِ الْمَوْلُودِ ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( إِنَّ عَلِيًّا غَضِبَ حِينَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ ؟ إِلَى آخِرِهِ ) فِيهِ إِبْطَالُ مَا تَزْعُمُهُ الرَّافِضَةُ وَالشِّيعَةُ وَالْإِمَامِيَّةُ مِنَ الْوَصِيَّةِ إِلَى عَلِيٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ اخْتِرَاعَاتِهِمْ . وَفِيهِ جَوَازُ كِتَابَةِ الْعِلْمِ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ الْآنَ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوَاضِعَ .