[10/237] 634 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُهُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ .
4058 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْإِمَامِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ .
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا قُعُودًا نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ إِلَيْنَا مِنْ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ، فَانْقَطَعَتْ نَعْلُهُ فَرَمَى بِهَا إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ : إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُقَاتِلَنَّ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَنَا ، قَالَ : لَا ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَنَا ، قَالَ : لَا ، وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ فِي الْحُجْرَةِ ، قَالَ رَجَاءٌ الزُّبَيْدِيُّ : فَأَتَى رَجُلٌ عَلِيًّا فِي الرَّحْبَةِ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ كَانَ فِي حَدِيثِ النَّعْلِ شَيْءٌ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ لَتَشْهَدُ أَنَّهُ مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّهُ إِلَيَّ .
[10/238] 4059 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ وَاللَّفْظُ لَهُ ، عَنْ جَرِيرٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ، عَنْ أَبِيهِ .
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ : وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ .
4060 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلٍ الْكُوفِيُّ وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ : كُنَّا نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ عَلَيْنَا مِنْ بُيُوتِ بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَقُمْنَا مَعَهُ نَمْشِي فَقُطِعَ شِسْعُ [10/239] نَعْلِهِ ، فَأَخَذَهَا عَلِيٌّ فَتَخَلَّفَ عَلَيْهَا لِيُصْلِحَهَا ، وَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُهُ ، وَنَحْنُ قِيَامٌ مَعَهُ ، وَفِي الْقَوْمِ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، فَقَالَ : إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُقَاتِلَنَّ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ ، فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ : لَا ، وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ ، فَأَتَيْتُهُ لِأُبَشِّرَهُ بِمَا قِيلَ لَهُ ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ بِهِ رَأْسًا كَأَنَّهُ شَيْءٌ قَدْ سَمِعَهُ .
4061 - وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ ، عَنْ أَبِيهِ .
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَأَنَّمَا عَلَى رُؤُوسِنَا الطَّيْرُ ، لَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ مِنَّا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُهُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ عُمَرُ : أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ فِي الْحُجْرَةِ ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ وَمَعَهُ نَعْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْلِحُ مِنْهَا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَطَلَبْنَا اسْمَ أَبِي إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ وَهَلْ رَوَى [10/240] عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ ، قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ رَجَاءُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ قَالَ : وَقَدْ رَوَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ سِوَى ابْنِهِ يَحْيَى بْنُ هَانِئٍ .
كَمَا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ ، عَنْ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيِّ .
عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ .
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا مَا فِيهِ غَيْرَ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ ، فَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنَ الْوَعِيدِ مِنْ أَجْلِ الْمَعْنَى الَّذِي سَأَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَهُ إِيَّاهُ مِنْ قُرَيْشٍ الَّذِينَ جَاؤُوهُ مِنْ مَكَّةَ ، وَكَانَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَعْدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي وَعَدَهُ مِمَّنْ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ يُقَاتِلُ بَعْدَهُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلَ هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَنْزِيلِهِ ، وَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعْدٌ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَقَدْ [10/241] كَانَ مِمَّا أَجْرَاهُ اللهُ عَلَى يَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ قِتَالِهِ أَهْلَ التَّأْوِيلِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ فِي كِتَابِهِ .
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ ، عَنْ بَسَّامٍ الصَّيْرَفِيِّ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ .
أَنَّ ابْنَ الْكَوَّاءِ سَأَلَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ ، عَنْ قَوْلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا قَالَ : هُمْ أَهْلُ حَرُورَاءَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُمُ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : كُنْتُ آخُذُ عَلَى أَبِي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الْمُصْحَفَ فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ : قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ، قَالَ : قُلْتُ : أَهُمُ الْحَرُورِيَّةُ ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنَّهُمْ كَفَرَةُ أَهْلِ [10/242] الْكِتَابِ ، أَمَّا الْيَهُودُ فَلَا يُؤْمِنُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَّا النَّصَارَى فَلَا يُؤْمِنُونَ بِالْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ لَيْسَ فِيهَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ ، وَلَكِنْ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ ، أُولَئِكَ هُمُ الْحَرُورِيَّةُ .
[10/243] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي تَأْوِيلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَعِيدًا وَالْوَعِيدُ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يُنْجِزَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يُنْجِزَهُ ، وَالَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَعْدٌ وَالْوَعْدُ لَا بُدَّ مِنْ إِنْجَازِهِ ، وَقَدْ أَنْجَزَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ وَعَدَهُ إِيَّاهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمِمَّا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ أَنَّهُمَا كَمَا ذَكَرْنَا .
4062 - كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ الْقُطَعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ وَعَدَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَمَلٍ ثَوَابًا فَهُوَ مُنْجِزُهُ لَهُ ، وَمَنْ وَعَدَهُ عَلَى عَمَلٍ عِقَابًا فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَكَذَا هُوَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَعِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ .
وَلَقَدْ سَمِعْتُ بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ يَذْكُرُ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ فَأَتَاهُ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا عَمْرٍو ، أَيَجُوزُ أَنْ يَعِدَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَمَلٍ ثَوَابًا ، ثُمَّ لَا يُنْجِزُهُ ؟ قَالَ أَبُو عَمْرٍو : لَا ، قَالَ فَكَذَلِكَ إِذَا أَوْعَدَ عَلَى عَمَلٍ عِقَابًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ لَا يُنْجِزَهُ فَقَالَ [10/244] لَهُ أَبُو عَمْرٍو : مِنْ قِبَلِ الْعُجْمَةِ أُتِيتَ ، إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ إِذَا وَعَدَتْ فَشَرَفُهَا أَنْ تَفِيَ ، وَإِذَا أَوْعَدَتْ فَشَرَفُهَا أَنْ لَا تَفِيَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَكَرْتُ أَنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ الْإِمَامِ فَعَرَفَهُ ، وَقَالَ : سَمِعْتُهُ مِنْ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَنْبَرِيِّ الْقَاضِي كَمَا ذَكَرْتَهُ لِي عَنْ بَكَّارٍ غَيْرَ أَنَّ سَوَّارًا زَادَ مَا فِيهِ ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ : ثُمَّ الْتَفَتَ أَبُو عَمْرٍو إِلَيْنَا فَأَنْشَدَنَا :
وَلَا يَرْهَبُ ابْنُ الْعَمِّ وَالْجَارُ صَوْلَتِي
وَلَا أَخْتَشِي مِنْ صَوْلَةِ الْمُتَهَدِّدِ
وَإِنِّي إِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ
لَأُخْلِفُ إِبْعَادِي وَأُنْجِزُ مَوْعِدِي

[10/245] فَقَالَ قَائِلٌ : الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا إِنَّمَا كَانَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ وَصْفُهُ الرَّجُلَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِخَصْفِ النَّعْلِ ، وَلَكِنَّ الرُّوَاةَ لَمْ يَضْبِطُوهُ فَجَاؤُوا بِهِ عَلَى مَا جَاؤُوا بِهِ مِمَّا جَعَلْتَهُ أَنْتَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كَمَا تَوَهَّمَ ، لِأَنَّ رُوَاةَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا عُدُولٌ فِي أَنْفُسِهِمْ وَفُقَهَاءُ فِي دِينِ رَبِّهِمْ وَأَثْبَاتٌ فِي أَحَادِيثِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفُصَحَاءُ فِي لُغَاتِهِمْ يَعْرِفُونَ مَا خُوطِبُوا بِهِ ; لِأَنَّهُمْ خُوطِبُوا بِلُغَتِهِمْ وَلِأَنَّهُمُ الْفُهَمَاءُ بِأُمُورِ دِينِهِمْ ، وَالنَّاقِلُونَ إِلَيْنَا مَا سَمِعُوهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ وَمِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْهُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، وَأَمَّا خَصْفُ النَّعْلِ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي يَوْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، وَذَلِكَ أَوْلَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ حَتَّى لَا تَتَضَادَّ ، وَمِمَّا قَدْ حَقَّقَ الْوَعْدَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا كَانَ فِي أَمْرِ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ .
4063 - كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ الْكُوفِيُّ الطَّرِيقِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ .
[10/246] قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَالِسًا إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابُ السَّفَرِ وَعَلِيٌّ يُكَلِّمُ النَّاسَ وَيُكَلِّمُونَهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَأْذَنُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ فَجَلَسَ إِلَيَّ الرَّجُلُ فَسَأَلْتُهُ مَا خَبَرُهُ ؟ فَقَالَ : كُنْتُ مُعْتَمِرًا فَلَقِيتُ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لِي : هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي أَرْضِكُمْ يُسَمَّوْنَ حَرُورِيَّةً ؟ قُلْتُ : خَرَجُوا فِي مَوْضِعٍ يُسَمَّى حَرُورَاءَ ، فَسُمُّوا بِذَلِكَ فَقَالَتْ : طُوبَى لِمَنْ شَهِدَ - تَعْنِي هَلَكَتَهُمْ - لَوْ شَاءَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ لَأَخْبَرَكُمْ بِخَبَرِهِمْ ، فَجِئْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ خَبَرِهِمْ ، فَلَمَّا فَرَغَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ أَيْنَ الْمُنَادِي فَقَصَّ عَلَيْهِ كَمَا قَصَّ عَلَيْنَا ، قَالَ : إِنِّي دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ غَيْرَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ لِي : يَا عَلِيُّ كَيْفَ أَنْتَ وَقَوْمُ كَذَا وَكَذَا ؟ قُلْتُ : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى قَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ الْمَشْرِقِ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ فِيهِمْ رَجُلٌ مُخْدَجٌ كَأَنَّ يَدَهُ ثَدْيٌ ، أَنْشُدُكُمُ اللهَ أَأَخْبَرْتُكُمْ بِهِمْ ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ ، فَأَتَيْتُمُونِي فَأَخْبَرْتُمُونِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ فَحَلَفْتُ لَكُمْ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ فِيهِمْ ، فَأَتَيْتُمُونِي تَسْحَبُونَهُ كَمَا نَعَتُّ لَكُمْ ، قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ .
4064 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ قَالَ : [10/247] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ الْأَخْنَسِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
4065 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ عَبِيدَةَ .
أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : فِيهِمْ مُخْدَجُ الْيَدِ أَوْ مُثَدَّنُ الْيَدِ أَوْ مُودَنُ الْيَدِ ، فَطَلَبُوهُ فِي الْقَتْلَى فَلَمْ يَجِدُوهُ ، فَقَالَ : لَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَأَخْبَرْتُكُمْ بِمَا قَضَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ قَتَلَ هَؤُلَاءِ عَارِفًا لِهُدَانَا مُسْتَبْصِرًا لِضَلَالَتِهِمْ .
[10/248] 4066 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبِيدَةَ .
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ فَقُلْتُ لَهُ : أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ .
4067 - كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَوْفٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ، قَالَ : قَالَ عَبِيدَةُ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَزَادَ فِيهِ : فَاتَّبَعْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ فَدَلَلْنَاهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ : اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ .
[10/249] 4068 - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَيْشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ الَّذِينَ سَارُوا إِلَى الْخَوَارِجِ فَقَالَ عَلِيٌّ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ [10/250] [10/251] [10/252] اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : سَيَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَيْسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيْءٍ ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إِلَى صَلَاتِهِمْ بِشَيْءٍ وَلَا صِيَامُكُمْ إِلَى صِيَامِهِمْ بِشَيْءٍ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيْهِمْ ، لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، لَوْ يَعْلَمُ الْجَيْشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ مَا قَضَى اللهُ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاتَّكَلُوا عَنِ الْعَمَلِ ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ وَلَيْسَتْ لَهُ ذِرَاعٌ عَلَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ .
قَالَ سَلَمَةُ : فَنَزَّلَنِي زَيْدٌ مَنْزِلًا مَنْزِلًا ، حَتَّى قَالَ مَرَرْنَا عَلَى قَنْطَرَةٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِجِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِيُّ قَالَ لَهُمْ أَلْقُوا الرِّمَاحَ وَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ مِنْ جُفُونِهَا ; فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ فَسَلُّوا السُّيُوفَ وَأَلْقَوْا جُفُونَهَا ، وَشَجَرَهُمُ النَّاسُ يَعْنِي بِرِمَاحِهِمْ ، فَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلَّا رَجُلَانِ ، قَالَ عَلِيٌّ : [10/253] الْتَمِسُوا فِيهِمُ الْمُخْدَجَ فَلَمْ يَجِدُوهُ ، فَقَامَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَتْلَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، قَالَ: جَرِّدُوهُمْ فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ فَكَبَّرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَقَالَ : صَدَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَبَلَّغَ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبِيدَةُ
، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ .
4069 - وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ .
4070 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ .
[10/254] أَنَّ الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالُوا : لَا حُكْمَ إِلَّا لِلهِ ، قَالَ عَلِيٌّ : كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ أُنَاسًا إِنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يُجَاوِزُ هَذَا مِنْهُمْ وَأَوْمَأَ إِلَى حَلْقِهِ ، مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ مِنْهُمْ أَسْوَدُ إِحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ ، فَلَمَّا قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ قَالَ انْظُرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا قَالَ ارْجِعُوا فَوَاللهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ فَأَتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ عُبَيْدُ اللهِ : أَنَا حَاضِرٌ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ وَقَوْلِ عَلِيٍّ فِيهِمْ .
4071 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ . عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا لَهُ أَتَى ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ اعْدِلْ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَيْلَكَ فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ لَقَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ . قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : يَا رَسُولَ اللهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ ، قَالَ : دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ [10/255] السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ يَنْظُرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يَنْظُرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ الْقِدْحُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ ، يَخْرُجُونَ عَلَى خَيْرِ فِرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ ، فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَ .
[10/256] 4072 - وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ وَسُلَيْمَانُ الْكَيْسَانِيُّ ، قَالَا : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ .
[10/257] 4073 - وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ ، عَنْ قَتَادَةَ .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلَافٌ وَفُرْقَةٌ وَقَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ وَيَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، ثُمَّ لَا يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يَزِيدَ عَلَى فُوقِهِ ، هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ، طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ ، يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسُوا مِنْهُ فِي شَيْءٍ ، وَمَنْ قَاتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ مَا سِيمَاهُمْ ؟ قَالَ : سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ .
[10/258] ثُمَّ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْضًا فِي وَصْفِ الْقَاتِلِينَ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ .
4074 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ( ح ) .
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ الْحِبْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، قَالَا : حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ .
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ .
[10/259] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَؤُلَاءِ أَهْلُ التَّأْوِيلِ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى مَا قَاتَلَهُمْ عَلَيْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَعْدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ بِمَا تَقَدَّمَ بِهِ وَهَذَا مِنَ الْخَصَائِصِ الَّتِي اخْتَصَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خُلَفَاءَ رَسُولِهِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، فَكَانَتْ هَذِهِ مِنْ خَصَائِصِ عَلِيٍّ وَهُوَ مِنْهُمْ وَلَمْ تَكُنْ لِغَيْرِهِ مِنْهُمْ .
كَمَا كَانَ مِنْ خَصَائِصِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ مِنْهُمْ مَا اخْتَصَّهُ اللهُ بِهِ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ الَّذِينَ طَلَبُوا إِعَادَةَ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَحْقَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْإِسْلَامِ حَتَّى أَفْنَاهُمُ اللهُ عَلَى يَدِهِ ، وَحَتَّى أَعَادَ بِهِ الْإِسْلَامَ الَّذِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ سِوَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا اخْتَصَّ اللهُ بِهِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ مِنْهُمْ مِنْ قِتَالِ الْعَجَمِ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى يَدِهِ مَا جَعَلَهُ لِلْمُسْلِمِينَ مَعْقِلًا وَمَا جَعَلَ مِنْهُ فِنَاءً وَمَا جَعَلَ لَهُ مِنْهُمْ مَا يُقِيمُونَ بِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَى إِقَامَتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَلَمْ يَجْرِ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ دُونَهُ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا اخْتَصَّ بِهِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ مِنْهُمْ مَنْ كِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ وَبَثِّهَا فِي الْبُلْدَانِ حَتَّى جَمَعَ اللهُ النَّاسَ بِهِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ أَقَامَ بِهِ الْحُجَّةَ وَأَبَانَ بِهِ أَنَّ مَنْ خَالَفَ حَرْفًا مِنْهُ كَانَ كَافِرًا وَأَعَاذَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ أَنْ نَكُونَ كَأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ قَبْلَنَا الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي كِتَابِهِمْ حَتَّى تَهَيَّأَ لِمَنْ تَهَيَّأَ مِنْهُمْ تَبْدِيلُهُ وَحَتَّى تَكَافَؤُوا فِيمَا يَدَّعُونَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِيهِ .
[10/260] فَرِضْوَانُ اللهِ عَلَى خُلَفَاءِ رَسُولِهِ وَصَلَوَاتُهُ وَرَحْمَتُهُ وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْزِيَهُمْ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَزَى بِهِ أَحَدًا مِنْ أَنْبِيَائِهِ عَلَى طَاعَتِهِ إِيَّاهُ وَنَحْمَدُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذْ عَرَفْنَا بِأَمَاكِنِهِمْ وَبِفَضَائِلِهِمْ وَبِخَصَائِصِهِمْ ، وَلَمْ يَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا لِمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ صَحَابَةِ نَبِيِّهِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .