[1/392] بَابٌ فِي الْإِسْفَارِ بِالصُّبْحِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ
((ح 130))
أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجُنَيْدِ ، أَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ شَاذَانَ ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أَنَا الرَّبِيعُ ، أَنَا الشَّافِعِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ، بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، [1/393] عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ ؛ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأَجْرِكُمْ ، أَوْ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ ) .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عَلَى شَرْطِ أَبِي دَاوُدَ ، أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ سُفْيَانَ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِسْفَارِ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَالتَّغْلِيسِ بِهَا .
فَرَأَى بَعْضُهُمُ : الْإِسْفَارَ بِالْفَجْرِ أَفْضَلَ ، وَذَهَبَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَرَآهُ مُحْكَمًا ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا : سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ .
وَزَعَمَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ حَدِيثَ الْإِسْفَارِ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ التَّغْلِيسِ ، وَذَكَرَ الْأَحَادِيثَ الَّتِي رُوِيَتْ فِي تَغْلِيسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ بَعْدِهِ من الصَّحَابَةُ بِالْفَجْرِ ، ثُمَّ زَعَمَ أَنْ لَيْسَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى الْأَفْضَلِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ رَافِعٍ ، فَاسْتَدَلَّ عَلَى النَّسْخِ بِفِعْلِهِمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَدْخُلُونَ مُغَلِّسِينَ ، وَيَخْرُجُونَ مُسْفِرِينَ .
[1/394] وَالْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ تَغْلِيسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَابِتٌ ، وَأَنَّهُ دَاوَمَ عَلَيْهِ إلى أن فَارَقَ الدُّنْيَا ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدَاوِمُ إِلَّا عَلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ ، تَأَسِيًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
بَيَانُ نَسْخِ الْأَفْضَلِيَّةِ بِالْإِسْفَارِ
((ح 131))
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الْأَنْصَارِيُّ ، قال :
أَنَا أَبُو الْمَحَاسِنِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَقِيهُ فِي كِتَابِهِ ، قال : أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ ، قال : أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَسْتِيُّ ، قال : أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، أَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ ، [1/395] أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ ، ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا ، ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّغْلِيسَ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَعُدْ إِلَى أَنْ يُسْفِرُ .
هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي شَرْحِ الْأَوْقَاتِ ، وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ ، وَهَذَا إِسْنَادُ رُوَاتِهِ عَنْ آخِرِهِ ثِقَاتٌ ، وَالزِّيَادَةُ عَنِ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ .
وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ ، وَرَأَوُا التَّغْلِيسَ أَفْضَلَ ، رُوِّينَا ذَلِكَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ : أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَعَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ .
وَمِنَ التَّابِعِينَ : عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ .
غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَجَّحَ أَحَادِيثَ التَّغْلِيسِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، قَالَ :
[1/396] ((ح 132))
أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كُنَّ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ يُصَلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصُّبْحَ ، ثُمَّ يَنْصَرِفْنَ وَهُنَّ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْغَلَسِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَذَكَرَ تَغْلِيسَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْفَجْرِ : سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبِيهًا بِمَعْنَى حَدِيثِ عَائِشَةَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ لِي قَائِلٌ : فَنَحْنُ نَرَى أَنْ نُسْفِرَ بِالْفَجْرِ اعْتِمَادًا عَلَى حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ، فَيَزْعُمُ أَنَّ الْفَضْلَ فِي ذَلِكَ ، وَأَنْتَ تَرَى أَنَّ جَائِزًا لَنَا إِذَا اخْتَلَفَ الْحَدِيثَانِ أَنْ نَأْخُذَ بِأَحَدِهِمَا ، وَنَحْنُ نَعُدُّ هَذَا مُخَالِفًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ .
قُلْتُ لَهُ : إِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ، كَانَ الَّذِي يَلْزَمُنَا وَإِيَّاكَ [1/397] أَنْ نَصِيرَ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ دُونَهُ ؛ لِأَنَّ أَصْلَ مَا نَبْنِي نَحْنُ وَأَنْتَ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ إِذَا اخْتَلَفَتْ لَمْ نَذْهَبْ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ غَيْرِهِ إِلَّا بِسَبَبٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي ذَهَبْنَا إِلَيْهِ أَقْوَى مِنَ الَّذِي تَرَكْنَا .
قَالَ : وَمَا ذَلِكَ السَّبَبُ ؟
قُلْنَا : أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ أَشْبَهَ بِكِتَابِ اللَّهِ ، فَإِذَا أَشْبَهَ بِكِتَابَ اللَّهِ كَانَ فِيهِ الْحُجَّةُ .
قَالَ : هَكَذَا نَقُولُ .
قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ ، كَانَ أَوْلَاهُمَا بِنَاءً الْأَثْبَتُ مِنْهُمَا ، وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَنْ رَوَاهُ أَعْرَفَ إِسْنَادًا ، وَأَشْهَرَ بِالْعِلْمِ ، وَأَحْفَظَ لَهُ ، أَوْ يَكُونَ رُوِيَ الْحَدِيثُ الَّذِي ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَالَّذِي تَرَكْنَا مِنْ وَجْهٍ ، فَيَكُونُ الْأَكْثَرُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنَ الْأَقَلِّ ، أَوْ يَكُونُ الَّذِي ذَهَبْنَا إِلَيْهِ أَشْبَهَ بِمَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ ، أَوْ أَشْبَهَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَوْ أَوْلَى بِمَا يَعْرِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ ، أَوْ أَوْضَحَ فِي الْقِيَاسِ ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
قَالَ : وَهَكَذَا نَقُولُ ، وَيَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ .
قُلْتُ : فَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَشْبَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَإِذَا حَلَّ الْوَقْتُ فَأَوْلَى الْمُصَلِّينَ بِالْمُحَافَظَةِ الْمُقَدِّمُ لِلصَّلَاةِ ، وَهُوَ أَيْضًا أَشْهَرُ رِجَالًا بِالْفِقْهِ وَأَحْفَظُ ، وَمَعَ حَدِيثِ عَائِشَةَ ثَلَاثَةٌ ، كُلُّهُمْ يَرْوُونَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ عَائِشَةَ : زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ .
قَالَ : فَأَيُّ سُنَنٍ ؟
[1/398] قُلْتُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ ، وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ ) ، وَهُوَ لَا يُؤْثِرُ عَلَى رِضْوَانِ اللَّهِ شَيْئًا ، وَالْعَفْوُ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا مَعْنَيَيْنِ : عَفْوًا عَنْ تَقْصِيرٍ ، أَوْ تَوْسِعَةً ، وَالتَّوْسِعَةُ تُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْفَضْلُ فِي غَيْرِهَا إِذْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَرْكِ ذَلِكَ الَّذِي وَسَّعَ فِي خِلَافِهِ .
قَالَ : وَمَا تُرِيدُ بِهَذَا ؟
قُلْتُ : إِذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِتَرْكِ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ ، وَكَانَ جَائِزًا أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ قَبْلَهُ ، فَالْفَضْلُ فِي التَّقْدِيمِ ، وَالتَّأْخِيرُ تَقْصِيرٌ تُوُسِّعَ فِيهِ .
وَقَدْ أَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَا قُلْنَا ، وَسُئِلَ : أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : ( الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ) . وَهُوَ لَا يَدَعُ مَوْضِعَ الْفَضْلِ وَلَا يَأْمُرُ [1/399] النَّاسَ إِلَّا بِهِ ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَجْهَلُهُ عَالِمٌ أَنَّ تَقْدِيمَ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا أَوْلَى بِالْفَضْلِ لِمَا يَعْرِضُ لِلْآدَمِيِّينَ مِنَ الْإِشْغَالِ وَالنِّسْيَانِ وَالْعِلَلِ ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ .
قَالَ : وَأَيْنَ هُوَ مِنَ الكِتَابِ ؟
قُلْتُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَمَنْ قَدَّمَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا كَانَ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِمَّنْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ الوَقْتِ ، وَقَدْ رَأَيْنَا النَّاسَ فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ وَفِيمَا تَطَوَّعُوا بِهِ يُؤْمَرُونَ بِتَعْجِيلِهِ إِذَا أَمْكَنَ ، لِمَا يَعْرِضُ لِلْآدَمِيِّينَ مِنَ الْإِشْغَالِ وَالنِّسْيَانِ وَالْعِلَلِ الَّتِي لَا تَجْهَلُهَا الْعُقُولُ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ : أَفَتَعُدُّ خَبَرَ رَافِعٍ يُخَالِفُ خَبَرَ عَائِشَةَ ؟
فَقُلْتُ لَهُ : لَا .
فَقَالَ : فَبِأَيِّ وَجْهٍ يُوَافِقُهُ ؟
فَقُلْتُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَضَّ النَّاسَ عَلَى تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ ، وَأَخْبَرَ بِالْفَضْلِ فِيهَا ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرَّاغِبِينَ مَنْ يُقَدِّمُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ الْآخِرِ ، فَقَالَ - يَعْنِي - رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَسَفِرُوا بِالْفَجْرِ يَعْنِي : حِينَ يَتَبَيَّنُ الْفَجْرُ الْآخِرُ مُعْتَرِضًا .